Mudhakkira Fiqh
مذكرة فقه
Editor
صلاح الدين محمود السعيد
Penerbit
دار الغد الجديد
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1328 AH
Lokasi Penerbit
مصر
Genre-genre
ب - الوضوء من جميع لحوم البعير مطلقًا، وأجابوا أصحاب القول الأول:
١- أن قولكم: إن اللحم لا يشمل المصران والكرش والكبد فيما لو وكلت شخصًا يشتري لك لحمًا، ليست هذه حقيقة شرعية ولا لغوية، وإنَّما حقيقة عرفية، والحقائق العرفية لا يخصص بها الألفاظ الشرعية، والألفاظ الشرعية تبقى على عمومها والله سبحانه لما قال: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ﴾ [المائدة: ٣] فهل أحد من الناس يقول: إن المراد من لحم الخنزير الهبر فقط، ويجوز أكل غيره من شحم وأمعاء وكبد، فالتحريم من لحوم الخنزير شامل لجميع أجزاء جسمه؛ كذلك في لحوم الإبل فهو شامل لجميع أجزائه(١).
٢- الدليل الثاني: أن الرسول ﷺ حين قال: ((توضئوا من لحوم الإبل)) فهو يعلم أن الناس يأكلون من الإبل كل شيء من هبر أو لحم أو كبد أو أمعاء أو شحم، ولوجدنا أن الهبر يشكل نسبة قليلة من ذلك. فكيف يصرف الدليل إلى القليل ويترك الشيء الكثير.
٣- أنه جاء في ما روى الإمام أحمد في مسنده عن أسيد بن حضير أن الرسول ﷺ قال: ((توضؤوا من ألبان الإبل)) وهذا يدل على أن الوضوء من الأمعاء والكرش وغيره أبلغ من اللبن.
٤- يقال: إنه إذا أكل هبرة من هذا البعير انتقض وضوؤه، وإذا أكل كرشًا لم ينتقض، فقد جعلتم جسمًا واحدًا مختلفًا في الحكم، ولا يوجد في الشريعة الإسلامية، شيء من الحيوانات يكون لبعضه حكم ولبعض جسمه حكم آخر؛ وإنما يوجد في شريعة اليهود.
٥- إن القول بالعموم أبرأ لذمته وأحوط، والاحتياط مع الاشتباه أمر مطلوب للشرع لقوله عليه الصلاة والسلام: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)(٢).
(١) هذا ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله في الشرح الممتع حيث قال: ((القول الأولى أنه ينقض الوضوء)).
(٢) صحيح: رواه الترمذي (٢٥١٨) والنسائي (٥٧١١) وأحمد (٢٧٨١٩، ٢٧٩٣٩) من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه وصححه العلامة الألباني في الإرواء (١٢، ٢٠٧٤) وغاية المرام (١٧٩) وصحيح الجامع (٣٣٧٧).
59