Mu'jiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Genre-genre
Retorik
يقول: أصله من تغلب الذين هم يغلبون الناس، ومن عدي أيضًا وهم أعادي البخل والجبن.
أي إنهم في طباعهم الجود والشجاعة.
والمدح لابن أبي الهيجاء تنجده ... بالجاهليّة عين العيّ والخطل
تنجده: أي تعينه، والخطل: الكلام الفاسد.
يقول: إذا استعنت في مدحه بذكر أيام آبائه، الذين كانوا في الجاهلية وإعانة مدحه بوصفهم عين العي والخطل، لأنك تجد في مناقبه ما لا يحتاج معه إلى ذكر آبائه.
قال ابن جنيك سألته عن هذا، قال: بعض الشعراء قد مدح سيف الدولة بذكر آبائه وأجداده ويعني به: النامي الشاعر.
وقيل: يجوز ألا يراعي السبب في ذلكن غير أنه لما قال فيما قبله من تغلب البيت. عاد إلى مدحه في نفسه، وبين أنه لم يذكر آباءه لاحتياجه إلى ذلك.
ليت المدائح تستوفي مناقبه ... فما كليبٌ وأهل الأعصر الأول؟!
يقول لذلك الشاعر. أو لنفسه: ليت أن الشعر يستوفي فضائله ومآثره، أي أن ما فيه من المناقب لا تحيط به المدائح، فما كليب وغيره من المتقدمين في الأزمنة الخالية بالإضافة إليه، حتى تذكر مناقبهم في مدحه!
خذ ما تراه ودع شيئًا سمعت به ... في طلعة الشّمس ما يغنيك عن زحل
يقول: خذ ما قرب منك، ودع ذكر من غاب عنك، ولا سيما القريب منك الذي تشاهده، أكثر مناقب من البعيد الذي سمعت بذكره، وضرب المثل وشبهه بالشمس وأباه بزحل، فإن الشمس أقرب إلينا من زحل، وأبين منه نورًا، وأكثر منه فضلا.
يعني: عليك بمدح سيف الدولة الذي هو كالنور. وهذا البيت من محاسن الشعر.
وقد وجدت مكان القول ذا سعةٍ ... فإن وجدت لسانًا قائلًا فقل
يقول: قد وجدت لمدحك مجالًا، ولمكانك في الوصف مقالًا، فإن كان لك لسان يساعدك، وبيان يطاوعك فامدح. ومثله للنميري:
إذا امتنع المقال عليك فامدح ... أمير المؤمنين تجد مقالا
إنّ الهمام الّذي فخر الأنام به ... خير السّيوف بكفّي خيرة الدّول
خير السيوف: خبر إن.
يقول: إن الملك الهمام الذي يفتخر به الأنام هو خير السيوف بكفي خيرة الدول، وهي دولة الإسلام، لأنه سيفها.
تمسي الأمانيّ صرعى دون مبلغه ... فما يقول لشيءٍ: ليت ذلك لي
يقول: إنه بلغ فوق ما يتمناه، فلا يرى شيئًا لم يصل إليه، فيتمنى أن يكون له! بل إذا تمنى شيئًا وصل إليه، وإلى ما هو خير منه.
ومعنى قوله: تمسي الأماني صرعى دون مبلغه معنى بديعي، لأبلغ مبلغًا، كل أمنية ساقطة دونه، فلا يحتاج أن يتمناها مع تجاوزه عنها، وهو في هذا ينظر إلى قول عنترة العبسي.
ألا قاتل الله الطّلول البواليا ... وقاتل ذكراك السّنين الخواليا
وقيلك للشّيء الّذي لا تناله ... إذا ما حلافي العين: يا ليت ذاليا!
انظر إذا اجتمع السّيفان في رهجٍ ... إلى اختلافهما في الخلق والعمل
الرهج: الغبار.
يقول: إذا ارتفع غبار الحرب، فانظر إلى سيف الدولة، وإلى السيف الذي في يده؛ لتعرف فضل ما بينهما خلقًا وعملا، يعني أنه وإن شارك السيف في الاسم، فهو مخالف له في الخلق والعمل والمضاء، والعزم والفناء.
هذا المعدّ الدّهر منصلتًا ... أعدّ هذا الرّأس الفارس البطل
أعد: فاعله المعد لريت الدهر. والمنصلت: المتجرد من الغمد، ومنصلتًا نصب على الحال.
يقول: إن سيف الدولة سيف جعله الخليفة عدته لحوادث الدهر، وهذا السيف قد اتخذ سيف الحديد عدة للحرب، ليضرب رءوس الأبطال، فهذا الأول إشارة إلى سيف الدولة والثاني إشارة إلى سيف الحديد.
فالعرب منه مع الكدريّ طائرةٌ ... والرّوم طائرةٌ منه مع الحجل
الكدري: ضرب من القطا، تضرب ألوانها إلى الكدرة والحجل: القبج.
يقول: إن الروم والعرب هربت منك، والتجأت إلى البوادي والجبال، فالعرب هاربة إلى البوادي مع القطا، والروم إلى الجبال مع القبج.
وخص العرب بالقط؛ لأنها تكون في بلاد العرب دون الروم، وخص الروم بالحجل، لأنها تكون في بلاد الروم وجبالها.
وما الفرار إلى الأجبال من أسدٍ ... تمشي النّعام به في معقل الوعل
الضمير في به للأسد، وأراد به: سيف الدولة، وأراد بالنعام ها هنا الخيل خيل سيف الدولة العراب.
يقول: كيف يمنع الروم فرارها إلى الأجبال من أسد تمشي به الخيل في الجبل التي هي معقل الوعل.
1 / 282