Mu'jiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Genre-genre
Retorik
النجيع: الدم الطوى، وقيل: اليابس، وقيل: الخالص.
يقول: رب دم أجراه سيف الدولة، ورب قصيدة نظمت في مدحه، أو نظمها الشعراء في مدحه، فغاظ الملوك حسنها، وحسدوه حيث قصروا عن صفاته وخصاله.
من يعرف الشّمس لا ينكر مطالعها ... أو يبصر الخيل لا يستكرم الرّمكا
يقول: مثلك مثل الشمس، من عرفها لا ينكر مطالعها؛ لشهرتها، وفضلها، فكذلك أنت لا ينكر فضلك، وعلو محلك؛ فلهذا قصدتك دون سائر الملوك. وكذلك مثلك مع الملوك. مثل الخيل الجياد مع الرمك: وهي الإناث من البراذين.
تسرّ بالمال بعض المال تملكه ... إنّ البلاد وإنّ البلاد وإنّ العالمين لكا
يقول: نحن من جميع مالك، فأنت إذا وهبت لنا مالك فقد سررت بمالك بعض مالك الذي تملكه، لأنك تملكت البلاد والعباد، فكأنك وهبت مالك، من مماليكك، فالكل عائد إليك.
وقال يخاطب سيف الدولة وقد سار يريد آمد وتوسط جبالًا:
يؤمّم ذا السّيف آماله ... ولا يفعل السّيف أفعاله
وروى: يؤمل.
يقول: هذا السيف يقصد إلى آماله ويدركها بسعيه، ولا يفعل سيف الحديد مثل فعله، ولا يمضي مضاءه.
إذا سار في مهمةٍ عمّه ... وإن سار في جبلٍ طاله
طاله: أي علاه. يعني إذا سار في البر ملأه بخيله، أو بخيره وبركته أو هيبته، وإذا سار في الجبل: علاه وغطاه بجيشه. وقيل: علاه من حيث القدر والجاه، فهو أعلى منه وأعظم. وقيل: علاه بكثرة الخير والبركات.
وأنت بما نلتنا مالكٌ ... يثمّر من ماله ماله
نلتنا: أي أعطيتنا.
يقول: أنت بما أعطيتنا من العطايا، كالمالك الذي يكثر ماله بماله ويصلحه به، لأنا عبيدك، والدنيا كلها لك، وهذا كقوله: تسر بالمال.
كأنّك ما بيننا ضيغمٌ ... يرشّح للفرس أشباله
الضيغم: الأسد، وهو فعيل من الضغم: وهو العض والترشيح: التعليم والتدريب. ويروى: يحرض والفرس: الاصطياد، وأصله دق العنق.
يقول: أنت تعلمنا الحرب والشجاعة، كالأسد يعلم أولاده الاصطياد.
ونزل سيف الدولة آمد، وكثر المطر بها، ودعا أبا الطيب، فدخل وهو يشرب، فقال له: قال بعض الناس، في قولك:
ليت أنّا ارتحلت لك الخي ... ل وأنّا إذا نزلت الخيام
جعل الخيام فوقك، وعرض بجليس له. فأجابه أبو الطيب، وأراد بهذا قطع الكلام.
لقد نسبوا الخيام إلى علاءٍ ... أبيت قبوله كلّ الإباء
يقول: نسبوا الخيام إلى العلاء، فأبيت أنا قبوله، وامتنعت منه كل الامتناع، لأني لا أسلم أن تكون السماء فوقك، فكيف الخيام؟!
وما سلّمت فوقك للثّريا ... ولا سلّمت فوقك للسماء
وقد أوحشت أرض حتّى ... سلبت ربوعها ثوب البهاء
يقول: إني لم أسلم أن السماء والثريا فوقك؛ لأن اعتقادي أنها دونك، وأنت فوقها! وكيف أسلم أن الخيام فوقك مع أنها دونك؟!
تنفّس والعواصم منك عشرٌ ... فتعرف طيب ذلك في الهواء
تنفس: أي تتنفس، فحذف تاء الخطاب. والعواصم: بلدان كانت من أعمال سيف الدولة، فتعرف: أي العواصم.
يقول: إذا تنفست وبينك وبين العواصم مسرة عشرة ليال، عرفت العواصم طيب نفسك في الهواء!! وأراد أهلها، وبالطيب: العدل والإحسان.
وذكر سيف الدواة لأبي العشائر جده وأباه، وفي نسخة ذكر سيف الدولة جد أبي العشائر فقال أبو الطيب:
أغلب الحيّزين ما كنت فيه ... وولىّ النّماء من تنميد
الحيز: الجانب، وقيل: الفريق، والجيش. ويجوز تنميه بفتح التاء: أي تنتمي إليه، ويجوز بضم التاء: أي تزيد فيه، من أنميت المال، ونمى هو.
يقول: هو أغلب الجانبين أو الفريقين أو العسكرين، الذي أنت فيه، والأولى بالكثرة من كنت منتسبًا إليه، أو من كنت تزيد فيه.
ذا الّذي أنت جدّه وأبوه ... دنيةً دون جدّه وأبيه
دنية: أي قربًا، وهو مصدر في موضع الحال، لما قال: القبيل الذي أنت فيه أولى بالزيارة، استدرك ها هنا فقال: إنما يغلب الذي أنت جده وأبوه الأدنى، لا أبوه الذي ولده جده. فكأنه قال: إنما انتسبت هذه القبيلة إليك في الحقيقة.
وأذن المؤذن فوضع سيف الدولة القدح من يده، فقال أبو الطيب رحمه الله تعالى:
ألا أذّن فما أذكرت ناسي ... ولا ليّنت قلبًا وهو قاسي
ولا شغل الأمير عن المعالي ... ولا عن حقّ خالقه بكاس
1 / 245