Mu'jiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Genre-genre
Retorik
توالى بلا وعدٍ ولكن قبلها ... شمائله، من غير وعدٍ بها وعد
أصله: تتوالى، فحذف إحدى التاءين. والشمائل: الأخلاق.
يقول: أياديه تتابعث علي من غير وعد تقدمها، غير أن شمائله الكريمة وطلاقة وجهه تقوم مقام الوعد، وإن لم يكن هناك وعد على الحقيقة.
سرى السيف مما تطبع الهند صاحبي! ... إلى السيف مما يطبع الله لا الهند
صاحبي: بدل من السيف.
يقول: سريت بسيفي الذي طبعته الهند إلى السيف الذي طبعه الله تعالى. وهو الممدوح، شبهه بالسيف لمضائه.
فلما رآني مقبلًا هز نفسه ... إلي حسامٌ كل صفحٍ له حد
حسام: رفع؛ لأنه فاعل رأى. ويجوز أن يكون مرفوعًا بهز.
يقول: إنه لما رآني مقبلًا نحوه اهتز إلي وقام إلي، واستعمل فيه هز لأنه جعله سيفًا، ثم قال: كل صفح له حد أي كل جانب له، وكل جزء منه حد، بخلاف السيف فإنه كله صفحة، وهو وجهه. لا يكون له غيره.
فلم أر قبلي من مشى البحر نحوه ... ولا رجلًا قامت تعانقه الأسد
يقول: لم أر رجلًا قبلي مشى إليه البحر، وعانقته الأسد، شبهه بالبحر، لسخائه، وبالأسد؛ لشجاعته. وأراد بالرجل: نفسه.
كأن القسي العاصيات تطيعه ... هوىً أو بها في غير أنمله زهد
أراد بالعاصيات: الصعبة الشديدة.
يقول: إن القسي الصعبة تطيعه عند توتيرها ونزعها. إما حبًا له أو قلة رغبة في غير أصابعه، فلا تجذب لأحد دونه.
يكاد يصيب الشيء من قبل رميه ... وتمكنه في سهمه المرسل الرد
يقول: إذا رمى شيئًا أصابه قبل أن يرميه، وإذا أرسل سهمًا أمكنه رده قبل وصوله إلى الغرض، وقصد المبالغة.
وينفذه في العقد وهو مضيقٌ ... من الشعرة السوداء والليل مسود
يقول: لو عقد عاقدٌ عقدًا ضيقًا، على شعرة سوداء، وتركه في ليلة مظلمة، لأمكنه أن ينفذ سهمه فيه، في ظلمة الليل.
بنفسي الذي لا يزدهي بخديعةٍ ... وإن كثرت فيها الذرائع والقصد
لا يزدهي: أي لا يستخف به مخادعة، والهاء في فيها للخديعة.
يقول: أفدي بنفسي الفصيح الفطن، الذي لا يستخفه أحد بالخديعة والمكر، وإن كثرت الوسائل في الخديعة، والقصد إليها، لأنه يقف عليها ويفطن لها سريعًا، فلا يمكن أحد خديعته.
ومن بعده فقرٌ، ومن قربه غنىً ... ومن عرضه حرٌّ، ومن ماله عبد
يقول: إن الغنى في يديه فمن بعد عنه حرمه، ومن قرب منه أغناه، وإن عرضه: أي نفسه وحسبه، حرٌّ: أي مصون صيانة الحر، وماله: مهان إهانة العبد. وطابق في هذا البيت. البعد: بالقرب. والفقر: بالغنى. والحر: بالعبد. والعرض: بالمال.
ويصطنع المعروف مبتدئًا به ... ويمنعه من كل من ذمه حمد
يقول: إنه يصطنع معروفه في مستحقه، فإذا رأى دنيا كفورًا للنعمة حرمه؛ لأن ذمه حمد، فلا يبالي بذمه، من حيث إنه يتضمن حمده؛ لأن الجاهل إذا ذم العالم، واللئيم إذا ذم الكريم فقد مدحه، ودل بذمه على أنه ضد له، فصار ذمه حمدًا له من هذه الجملة.
وقيل: أراد أن حمده مثل ذمه، لأنه لخسته لا يكون لحمده أثر، فلا يبالي بحمده وذمه.
ويحتقر الحساد عن ذكره لهم ... كأنهم في الخلق ما خلقوا بعد
يقول: إنه يحتقر حساده، فلا يذكرهم حتى لا يشتهروا بذكره إياهم، فكأنهم لعدم ذكره لهم واحتقارهم. في العدم، ولم يخلقوا بعد، وليس لهم وجود.
ويأمنه الأعداء من غير ذلةٍ ... ولكن على قدر الذي يذنب الحقد
يقول: إن أعداءه آمنوا بالله تعالى من غير ذلة له. ولكن الحقد يكون على قدر المذنب. وأعداؤه صغار القدر، فهو لا يبالي بهم؛ لأنهم أقل من أن يحقد عليهم، فأمنوا لذلك.
وقيل: أراد أنه لا يجازي أحدًا إلا بما يستحقه؛ لاتصافه بذلك، فلا يخافه أحد إلا على قدر ذنبه.
فإن يك سيار بن مكرمٍ انقضى ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد
يقول: إن كان جدك قد انقضى ومات، فإنك تنوب عنه، كما أن ماء الورد ينوب عن الورد ويقوم مقامه إذا فقد الورد.
وفيه إشارة إلى تفضيله على جده، لأن ماء الورد أطيب من الورد وألطف وأكثر بقاء ونفعًا.
مضى وبنوه وانفردت بفضلهم ... وألفٌ إذا ما جمعت واحدٌ فرد
ذكر بنوه في مضى من غير توكيده بالمنفصل، وكان الوجه أن يقول: مضى هو وبنوه وذلك أيضًا جائز.
1 / 171