169

Mu'jiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Genre-genre

Retorik
أيا من عاد روح المجد فيه ... وعاد زمانه البالي قشيبا القشيب: الجديد والهاء في فيه تعود إلى من وفي زمانه إلى المجد وقيل: إلى من. يعني: أن المجد مات منذ قديم وذهب زمانه، ثم انتقلت رفعته فيك، فعاد حيًا وصار زمانه جديدًا بعد البلى. وقيل: أراد أن روح المجد بعد آبائه وأجداده انتقلت أيضًا إليه فصار هو المجد. على طريقة المبالغة، وعاد زمانه الذي هو فيه كثير الخير والخصب بعد ما كان قد بلي وأجدب بموته آبائه. تيممني وكيلك مادحًا لي ... وأنشدني من الشعر الغريبا فآجرك الإله على عليلٍ ... بعثت إلى المسيح به طبيبا تيممني: يعني قصدني. والباقي ظاهر. وطبيبًا: حال من ضمير عليل، أو من المسيح. ومثله: فإنك واستبضاعك الشعر نحونا ... كمستبضعٍ تمرًا إلى أهل خيبرا يعني أن مثلك في إرساله إلي بمدحي؛ مثل من أرسل عليلًا ليداوي السيد المسيح. الذي كان يحيي الموتى ويصنع المعجزات ولست بمنكرٍ منك الهدايا ... ولكن زدتني فيها أديبا يقول: لا أنكر منك الهدايا، ولكنك زدتني في جملتها أديبًا يمدحني وحكى أن الوكيل افتخر بذلك وقال: قد شهد لي بالأدب. فلا زالت ديارك مشرقاتٍ ... ولا دانيت يا شمس الغروبا يقول: لا زالت ديارك تشبه الشمس، وجعله شمسًا لعلو محله وشهرة ذكره، وكنى بالغروب عن الموت، وذلك دعاء له بالبقاء. لأصبح آمنًا فيك الرزايا ... كما أنا آمنٌ فيك العيوبا اللام في لأصبح متعلق بقوله: ولا دانيت أي إنما دعوت لك بالسلامة والبقاء لتأمن نفسي أن تنالك مصيبة كما آمنت أن يلحقك عيب. وقال أيضًا يمدحه ويذكر مهارته في الرماية وفيها يفتخر ويذم الزمان: أقل فعالي بله أكثره مجد ... وذا الجد فيه نلت أم لم أنل جد بله: أي دع، وقيل: كف، هو وضع لذلك. مثل: صه اسم فعل كقولك اسكت. وصهٍ: بمعنى كف. وفي أكثره: يجوز النصب، والجر، والرفع، أما النصب: فلأن بله اسم للفعل فينصب به كما ينصب بالفعل: ومعناه: دع أكثره. والجر: فلأنه مصدر أضيف إلى مابعده. وأما الرفع: فإن قطربًا أجازه على معنى: كيف أكثره؟ أو على معنى: بل أكثره. والجد: الاجتهاد والجد: الحظ. وأقل فعالي: مبتدأ. ومجد: خبره. وتقدير البيت: أقل فعالي مجد وذا الجد فيه جد. أم لم أنل، والهاء في فيه: للمجد. يقول: إن قليل فعالي مجد. أي لكنني مجدًا وشرفًا حتى أكلي وشربي واضطجاعي وجلوسي، كل ذلك منسوب إلى المجد، لأن غرضي في جميع أفعالي اكتساب المجد. فدع عنك أكثر أفعالي من المساعي الجسام، والأخطار بالنفس والمال. وقوله: ذا الجد أي هذا جدي في الأمور، واجتهادي فيها حظ وبخت سواء نلت أو لم أنل لأن الجد معدود في السعادة، كما أن التواني معدود في الشقاء؛ لأنه إذا ينل حظه كان قد أبلى عذره. سأطلب حقي بالقنا ومشايخٍ ... كأنهم من طول ما التثموا مرد يقول: سأطلب ملكي الذي هو حقي برماح وبمشايخ كأنهم مرد لكثرة التثامهم. يعني: أنهم عرب معودون التلثم حتى سقطت شعور عوارضهم فصاروا كالمرد. وخص المشايخ لتجربتهم وثبات بصائرهم كما قيل في المثل: زاحم بعودٍ أو دع. العود: الجمل المسن. وهذا من قول البحتري: حص التريك رءوسهم فأصابها ... في مثل لألاء التريك المذهب والأصل فيه قول ابن الأسلت: قد حصت البيضة رأسي ... فما أطعم يومًا غير هجاع ومعناه: أنها من طول ما استعملت تساقط ريشه الذي به قوة التهام. والأول أولى. ثقالٍ إذا لاقوا خفافٍ إذا دعوا ... كثيرٍ إذا شدوا قليلٍ إذا عدوا يقول: هؤلاء المشايخ إذا لقوا أعداءهم ثبتوا ولم يتزعزعوا، وإذا دعاهم صارخ أسرعوا إليه، ولم يتباطئوا، وإذا حملوا في الحرب قاموا مقام الجيش الكثير وإذا عدوا كانوا قليل العدد. يعني فيهم قلة من العدد وكثرة من حيث الجلد. وطعنٍ كأن الطعن لا طعن عنده ... وضربٍ كأن النار من حره برد هذا عطف على ما تقدم. أي سأطلب حقي بالقنا وبمشايخ صفتهم ما تقدم. يقول: وطعن كأن طعن الناس إذا قيس إليه ليس بطعن، أو بضرب بالسيف، كأن النار إذا قيست إليه فحرها برد، والهاء في عنده للطعن الأول والطعن: اسم كأن، والجملة بعده خبر، والعائد عليه محذوف.

1 / 169