153

Mu'jiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Genre-genre

Retorik
يقول: كل لذة منغصة، حتى رؤية أبي الفضل، فإنها منية كل نفس، ولكنها مشوبة بالهول والهيبة؛ فهي منغصة من هذا الوجه. وصفة بالهيبة. قال ابن جنى: هذا مخلص إلى المدح غريب ظريف، لا أعرفه لغيره. ممطورةٌ طرقي إليها دونها ... من جوده في كل فجٍّ وابل الهاء في إليها ودونها: للرؤية. والفج: الطريق الواسع. يقول: إن الطرق التي سلكها إلى رؤيته، كانت غير خالية من عطاياه، التي هي كالمطر الوابل، فكأن الطريق أصابه المطر. محجوبةٌ بسرادقٍ من هيبةٍ ... تثنى الأزمة، والمطي ذوامل السرادق: خيمة تضرب على أبواب الملوك لقعود الناس فيها إلى وقت الإذن. وقيل: هو ما يحاط حول الخيمة مثل السور. وتثنى: أي تصرف. وفاعله: ضمير الهيبة. وذوامل: جمع ذاملة، وهي السريعة السير. ومحجوبة: قيل أراد بها الطرق، أي أن الطريق التي مررت بها إليه، كانت عليها سرادق من هيبته، تمنع الناس من العدول عنه إلى غيره، ومطايا الناس إليه سريعة. وقيل: إن رؤيته محجوبة مهيبة، تصرف الأزمة، حتى لو أن المطايا ذوامل في سيرها، واعترضتها هذه الهيبة لصرفتها، وعدلت المطية عنها. خوفًا من الإقدام واستعظامًا لهيبته. للشمس فيه وللرياح وللسحا ... ب وللبحار وللأسود شمائل الشمائل: الأخلاق. يقول: للشمس فيه إضاءتها ومنفعتها وشهرتها وارتفاع محلها، وشبه الريح بدوام عطائه وقوته وكثرة تقلبه في الحروب وشبه السحاب بجوده، والبحار بهوله وسعة صدره وغزارته في العلم، والأسد في إقدامه وشجاعته. ولديه ملعقيان والأدب المفا ... د وملحياة وملممات مناهل أراد. من العقيان: الذهب. والمناهل: المشارب. يقول: عند موارده هذه أرى أشياء. فالذهب لسائله، والأدب لطالبه، والحياة لأوليائه؛ بالعفو عن الجاني، والممات لأعدائه. لو لم يهب لجب الوفود حواله ... لسرى إليه قطا الفلاة الناهل لو لم يهب: أي لم يخف. واللجب: اختلاط الأصوات وحواله: أي حوله: والناهل: العطشان. وهو نعت للقطا وهو مرفوع. فإن شئت رفعته بالفعل الأول: وهو لم يهب. وأسندت الفعل الثاني: وهو لسرى إلى ضمير القطا. أي لو لم يهب قطاة الفلاة الناهل لجب الوفود لسرى إليه. وهذا اختيار أهل الكوفة. فإن شئت رفعته بالفعل الثاني، وأضمرت للفعل الأول الفاعل، وهو اختيار أهل البصرة. يقول: لولا أن القطا تخاف أصوات الوفود على بابه وحوله، لكانت تسري إليه لتشرب من مناهله وتفد مع جملة الوفود إليه. يدري بما بك قبل تظهره له ... من ذهنه ويجيب قبل تسائل الهاء في تظهره لما وفي له، وذهنه وغيره من الضمائر: للممدوح. يقول لنفسه أو لصاحبه: إنه إذا رآك علم ما في نفسك قبل إظهارك له وأجابك عن سؤالك. وتراه معترضًا لها وموليا ... أحداقنا وتحار حين تقابل أحداقنا: رفع لأنه فاعل تراه والهاء في لها للأحداق. ونصب موليا ومعترضا على الحال. والاعتراض: هو المفاجأة. وقيل: هو أن يلي جنبه. يقول: إن أحداقنا إنما يمكن أن تراه إذا ولي عنا ظهره، أو يظهر مفاجأة أو موليًا جنبه، فإذا قابلته لوجهه تحيرت من هيبته ونور غرته، فلا يمكنك أن تنظر إليه. كلماته قضبٌ، وهن فواصلٌ ... كل الضرائب تحتهن مفاصل القضب: السيوف. وفواصل: أي قواطع، أي تفصل الأمور. والضرائب: جمع الضريبة، وهي محل الضرب. يقول: إن كلماته قواضب كالسيوف تفصل بين الحق والباطل وكل الضرائب: أي المشكلات عند هذه الكلمات كالمفاصل. هزمت مكارمه المكارم كلها ... حتى كأن المكرمات قبائل وروى قنابل: وهي جماعات الخيل. يقول: إن مكارمه هزمت جميع المكارم وأبطلتها، فكأنها العساكر تقابل بعضها بعضًا. وقتلن دفرًا والدهيم فما ترى ... أم الدهيم وأم دفرٍ هابل دفر: اسم الدنيا. ودهيم: اسم الداهية. والهابل: الثاكل. وأفرد الضمير في ترى، وكان حقه أن يقول: تريان فاكتفى بالواحدة، كذلك في هابل. وعلى هذا أم زائدة. وقيل: أم الدفر: اسم الدنيا. وأم الدهيم: اسم الداهية على وجه الكنية. ومعناه: أن مكارمه قتلت بنت الدنيا وبنت الداهية، فالدنيا والداهية قد ثكلتا ابنيهما، يعني: أن مكارمه كفت الناس حوادث الدهر.

1 / 153