القول في تقسيم الكلام
الكَلامُ كُلُّه: اسم، وفعل، وحرفٌ جاءَ لمعنّى ليس باسم ولا فعل.
فالاسمُ نحو: فرس، وزيد.
والفعل نحو: ضَرب وقَتَل، ويضْرب ويَقْتُل.
والحرف نحو: من، وقد.
1 / 75
والاسم: له واحد، وجمع، وتصغير، ونسبة، ومعرفة، ونكرة. وقد يأتي من الأسماءِ ما يكون فيه بعض هذا دون بعض بعلَّة.
والفعل: له ماضٍ، ومستقبل، ومصدر، وفاعل، ومفعول، وواحد، وجمع، وتذكير وتأْنيث، واسم زمان، واسم مكان. وقد يأتي من الأفعال ما يكون فيه بعض هذا دون بعض بعِلَّة.
والحرف: له صورة واحدةٌ لا يتغَيَّرُ عنها إلا أَن يُجْعَلَ اسمًا فيجري مجرى الأَسماء.
القول في تقسيم أجناس الكلام
أَجناسُ الكلام: ما تضمَّنَتْه أَسماءُ الكتب السِّتة التي ذكرتها. فالسلم: ما سلم من حروف المدِّ واللين والتَّضعيف. والمضاعف: ما كانت العينُ منه واللام من جنس واحد. والمِثال: ما كانت في أَوله واو أَو ياء. وذُو الثّلاثة: ما كانت العين منه حرفًا من حروف المدِّ واللين. وذُو الأَربعة: ما كانت اللام منه كذلك. والهمزةُ كالحرف السّالم في احتماله الحركات، وإنما جُعِلَت في حروف الاعتلال لأَنّها تُلَيَّنُ فتلحق بها.
القول في الفصل بين الأسماء والأفعال في البناء
الأَسماءُ ثلاثةُ ضُروبٍ: ثلاثيٌّ، ورباعيٌّ، وخماسيٌّ، نحو: رَجُل، وعَقْرَب، وسَفَرْجل. وما دخل الأَسماء من شيءٍ سوى هذا فهو من الزِّيادات.
1 / 76
والأَفعالُ ضَرْبان: ثلاثي، ورباعي فقط، نحو: ضَرَب، وقَرْمَطَ. نَقَصَت من الأَسْماءِ بدَرَجةٍ لِثِقَلها وخِفَّةِ الأَسْماء. وما دَخَل الأفعالَ من شيءٍ سوى هذا فهو من الزِّياداتِ.
القول في زيادات الأسماء والأفعال
زياداتُ الأَسماء: حروفُ المْدِّ واللِّين، والتاء، والهاء، والميم، والنون، واللام، والهمزة.
وزياداتُ الأَفعال: حروفُ الْمَدِّ واللِّين، والتاء، والسين، والميم، والنون، والهمزة.
القول في تقديم بعض الأمثلة علة بعض في بناء الكتاب
أَوَّلُها: الثّلاثيُّ الْمُجَرَّد، ثم ما لحقَتْه الزَّيادة في أَوله وهي الهمزة والميم. ثم المثقَّل الحشو، وهو عين الفعل، ثم ما لَحِقَته الزيادة بين الفاء منه والعين، ثم ما لَحِقَته الزيادةُ بين العين منه واللام، ثم ما لَحِقَته الزيادةُ بعد اللام، ثم الرباعي، ثم الخماسيّ وما أُلحق بهما. وهذا في الأسماءِ.
وأَما في الأَفعالُ فَأولها: [الثلاثي] الْمُجرَّد، ثم ما لَحِقَته الزيادة في أَوله من غير أَلف وصل، وهي الهمزة، ثم الْمُثَقَّل الحشو، ثم ما لَحقَته الزِّيادةُ بينَ الفاءِ منه والعين، ثم الأَبواب الثلاثة التي في أَوائِلها أَلفُ وصلِ ممّا له
1 / 77
في الثلاثيِّ أصلٌ، ثم ما لَحِقَتْه الزيَّادة في أَوله، وهي التاءُ مع تَثْقيل الحشو، ثم ما لَحِقَتْه الزيَّادة في أَوله، وهي التاءُ مع زيادة بين الفاءِ منه والعين، ثم بابا الألوان وما أَشْبه ذلك، ثم أَبواب الرُّباعيِّ وما أُلْحق به وزِيدَ فيه.
القول في البيان عن الأبنية
ما كانَ ساكِنَ الحَشْوِ من الثلاثي الْمُجَرَّد فإنّه على ثلاثةِ أَضْرُبٍ، لأنّ الحركاتِ ثلاثٌ، وموقعُهُنُّ الفاءَ، ولا سبيل لهُنّ إلى العين، واللام: حرف إعراب لا تدخُلُ في البناءِ.
فإذا كان [الفاء] مفتوحًا فهو واحِدُ فُعول، وقد يكونُ واحِد فِعالٍ وأَفعالٍ وغير ذلك. وليس بقياسٍ، إنّما القياسُ ما أَعلمْتُك. وكذلك المَذْهَبُ في كلِّ بناءٍ نُنْبِئُ عنه، إنما نجري في ذلك على القياس والبناء، وإن كان له فُروعٌ. والنَّعْتُ من فعل الطبائعَ وهو أَقَلُّ من فَعيل. والمصدَرُ من فَعَل بفتح العين إذا كان وَاقعًا. وجمع فَعْلة.
وإذا كان بالهاءِ، فهو للمَرَّة من الفعْلِ، وواحد فَعْل.
1 / 78
وإذا كان مَضْمومَ الفاءِ فهو واحد أَفعال وفِعَلة بكسر الفاء وفتح العين وجمع أَفْعَل إذا كان نعتًا، وتخفيف فُعل بضم الفاء والعين نحو: عُنْق وأُذْن، وجمع فُعْلة.
فإذا كانَ بالهاءِ واحد فُعْلٍ، واسمُ مفعول، كقولِ الله جلَّ وعَزَّ: (إلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بيَدِهِ) . وصِفَة بمعنى مَفْعول، نحو قولك: رَجُلٌ لُعْنة وسُخْرة، واسم للشيء الذي له أَولٌ وآخر، كالخُطْبة والضُّغْطة. واسمٌ للأَلْوان والعُيوب، كالحُمْرة والبُجْرة.
وإذا كانَ مكسورَ الفاءِ فهو واحدُ أَفْعال، وتخفيف فِعِل نحو إِبل. وفَعِل نحو وَرِق فيمن خَفَّف ونَقَلَ حركةَ العين إلى ما قبلها.
فإذا كانَ بالهاء فهو اسمٌ للحال التي يُفْعلُ عليها، وجمع فَعيل، وفَعَال، وفُعَال، وهو قليلٌ، واسم للقِطعْة، نحو: خِرقْة، وكِسرْة.
وما كانَ مُتَحَرَّكَ الحشْو، فإنه على تسعة أَوجه: سبعةٌ مستَعْمَلَة. ووجهان مُهْملان، لأنَّ الحركات تدورُ على حرفين فتضاعف.
1 / 79
فإذا كان مفتوحَ الفاءِ والعينِ فهو واحِدُ أَفعالٍ، وجمع فَعَلة، ومصدر فَعِل بكسر العين إذا لم يَقَعْ، وبمعنى مَفْعُول نحو: نفَض وحَسَب، وجمع فاعل نحو: خَدَمٍ ونَشَأٍ، وهو قليل.
فإذا كانَ بالهاءِ فهو واحدُ فَعَل، وجمع فاعل، واسمٌ للعاهَة إذا كان النعتُ منها على أَفْعَلَ، نحو قولك: ضربَهَ بقَطَعَته، وهي الشَّتَرة.
وإذا كان مفتوحَ الفاءِ مضمومَ العين فهو واحِدُ أَفعال، ولغةٌ في فَعِل في بعض الكلام إذا كان صفة.
وإذا كان مكسور العين مع فتح أَوله، فهو واحِدُ أَفعال، والنعتُ من فَعِل من يفعَل بكسر العين من الماضي وفتحها من المستقبل إذا كان غيرَ واقع.
وإذا كان مضمومَ الفاءِ مفتوح العين فهو واحدُ فِعْلان نحو صُرد ونُغَر، وجمع فُعْلة، ومَعْدول عن فاعل، نحو عُمَر وزُفَر، وبمعنى فاعل، نحو عُقَق وحُطَم، وتَذْكير فَعَال، نحو: لُكَع وغُدَر، وجمع الفُعْلى إذا كان بالأَلِف واللام.
وإذا كان مضمومَ العين مع ضَمِّ أَوله فهو واحدُ أَفعال، وتثقيلُ فُعْل، نحو: عُسُر ويُسُر، وجمع فَعْول وفَعِيل وفِعَال أو فَعَال. وبمَعْنَى مَفْعُول في بعض الكلام، نحو قولك: باب غُلُق، وقارُورة فُتُح.
1 / 80
وإذا كان مكسورَ الفاءِ مفتوحَ العَيْنِ فهو واحدُ أفْعال، وجمع فِعْلة وهو من بِناءِ الأسماءِ دون الصفات إلا أَن يشِذَّ شيء كقولك: مكانٌ سِوَى وقومٌ عِدَى. فإذا كانَ بالهاءِ فهو جمعُ فُعل، نحو جِحَرة، و[جِرَزة] .
والمكسور العين مع كَسْر أَوله قليل، نحو: إبل في الأَسماء، وبلز في الصِّفات، فهذه السبعة.
وأما الْمُهْمَلان ففُعِلٌ، بضم الفاءِ وكسر العين، لم يأْتِ عليه شيءٌ من الأسماءِ ولا الصفات غير حرف رواه الأَخْفَش، وهو الدُّئِل، قال: وهي دُوَيْبَةٌ شبيهةٌ بابن عِرْس. وأَنشد:
جاءُوا بجَيْش لو قيس مُعْرَسُه ... ما كان إلا كمُعْرَس الدُّئِلِ
وإلى الْمُسَمَّى بهذا الاسم نُسِب أَبو الأَسْوَدِ الدُّؤلِيُّ، إلا أَنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النِّسْبة اسْتثقَالًا لتوالي الكسرتين مع ياءَي النَّسَب.
وفِعُل بكسر الفاءِ وضمِّ العين وإنما تَجنبُوا هذين في البناءِ اسْتثقالًا لاجْتِماع ضمة وكسرة. فهذه جُملة القولِ في الثُّلاثي.
وإذا أَلحقت الهمزة في أَول البناءِ فهو واحدُ أَفاعِلَ في الأَسماءِ، وفُعْل في الصِّفات. وإذا كان مُحْتاجًا إلى "منْ" لا محالة، ظاهرة أَو مضمرة، فهو على التَّفضيل. هذا إذا كان مفتوحَ العَيْن، فإذا كان مَضْموم العَيْن فهو
1 / 81
جمع فَعْل في القِلَّة، نحو: أَفْلُس وأَبْحُر. وليس في هذا الضَّرْب من البناءِ غيرُ هذين، وما سِواهُما فهو شاذٌّ قليل، نحو: إصبع، وأُبلْم، وإثمِد، وأَشباهِ ذلك.
وإذا كَانت الزِّيادة مِيمًا مفتوحة فهو اسمُ الزَّمان والمكان والمصدر، هذا إذا كانت العينُ مفتوحةً، فإذا كانت مضمومةً، فإنّ الكِسائيَّ يَقولُ: ليس على هَذا البناء إلا حرفان: مَكْرُم ومَعُون، قال الشاعر:
ليَوْم رَوْعٍ أو فَعال مَكْرمُ
وقال آخر:
بُثَينَ، الْزَمِي "لا"، إنَّ "لا"، إنْ لزِمْتِهِ ... على كثرة الواشِينَ أيُّ مَعُونِ
وقال الفَرَّاء: هُما جمع مكرْمَة ومعُونة، فعنده أَنَّ هذا ليس من الأَبنية.
وإذا كانت العَيْنُ مكسورةً مع فتح الميم، فهو اسمُ المكان والزَّمان مما كان مُسْتَقْبَلُه على يَفْعَل بكسر العين وما كان بضمِّ الميم وفتح العينِ، فهو اسمُ المكانِ والزمان والمصدر والمفعول من أَفْعَل يُفْعَلُ، وإذا كَسَرْت العين منه فهو اسمُ الفاعلِ من هذا الباب. وإذا ضَمَمْت العين مع ضمِّ الميم فهو في بعض الكلام بمعنى مِفْعَل وهو مَعْدود مسْموع.
1 / 82
وإذا كانت الميمُ مكسورة، والعينُ مفتوحةً، فهو: ما يُعْتَمَلُ به وينقل. ولم يأْتِ على مِفعل بكسر الميم والعين إلا حرفان. قالوا: مِنْتِن ومِنْخِر، وهما نادران، وليس [هذا] من البِناءِ، لأَنَّهم إنما كَسَروا أَوائلَ هذين الحَرْفَيْن إتباعًا لكسرة العَيْن.
والهاءُ تدخلُ في بعض هذه الأبنية التي في أَوائِلها ميم على السَّماع من غير أن تُبْنَى على فعل.
وجَمْعُها جميعًا بالهاءِ كان أَو بغير الهاءِ على مَفاعِل. هذا إذا لم يكن مع الميم حرفٌ من حروف المَدِّ واللَّين في البِناءِ.
فإذا كان الاسمُ على مِفعال أو مِفعيل فالجمع على مفاعِيل، وهما لمن دامم منه الفعل إذا كانا صِفَةً. ولا يكونُ هذان البناءان بالهاءِ في تأنيث ولا تذكير إلا قَليلًا، نحو مِجذْامة، ومِعزْابة. وهذه الهاءُ ليست للتَأنيث، إنما هي للمُبالغة في الوصفِ.
والميم لابد منها في أَوائِل أَسماءِ الفاعلين والمفعولين المبنِيَّة من الأَفعال المزيد فيها، كما أَنَّه لابُدَّ من الأَلِف في الأَسماِء المْبِنيَّة من فِعْل مُجرَّدٍ على فَعَل في البناءِ الصحيح.
1 / 83
وأَما الْمُثَقَّلُ الحشو فهو بناءٌ واحدٌ، وما سِواهُ فهو شاذٌّ، وهو قولك: عُلَّف وقُبَّر. فأَما خَضَّمٌ فإنه شاذ، وبَقَّمُ معرَّبق، وعَثَّرُ مثل خَضَّم، وقال:
لَيْثٌ بِعَثَّر يصْطادُ الرجال إذا ... ما اللَّيْثُ كذَّب عن أَقرانه صَدَقا
وقال آخر:
لولا الإَلهُ ما سكَّنا خَضَّما ... ولا ظَلِلْنا بالْمَشائِي قُيَّما
فهذا اسمُ ماءٍ، والأَولُ: اسم موضع، وهو من أَبنية الأَفعالِ دون الأَسماءِ.
فهذا في المجرد، والمزيدُ فيه قد يجيءُ مثَقَّل الحَشْوِ، نحو: الحُمَّاض، والشُّقَّارَى، والسُّمَّيْهَي، وأَشباه ذلك.
ويكون فُعَّلٌ جمعَ فاعِل، وهو قياس.
وإذا لحقت الزيادة بعد الفاءِ فكان على فاعَل بفتح العين فهو اسمٌ وهو قليلٌ.
وإن كان بكسر العين فهو من أَسماءِ الفاعِلِين المبنية من فِعْل مجرّد على فَعَل، وربما جاءَ وليسَ له فعل نحو قولِكَ: رجلٌ رامحٌ، ولابنٌ، أي: ذو رُمْح ولَبن.
فإذا كان بالهاءِ فرُّبما جاءَ بمعنى المصْدَر نحو العاقِبَة والعافِيَة. قالَ الله جَلَّ وعزّ: (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ)، وقال: (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقِيةٍ) .
1 / 84
وأَما ما لَحِقته الزِّيادَةُ بينَ العينِ منه واللام فأَوله فَعَال، وهو جمع فَعَالة، واسم وقت الفعل. نحو: الجَزار والصرَّام، وبمعنى فَعيل في بعضِ الكلام، نحو: صحيح الأَديم وصَحاح، وشَحيح وشَحاح.
فإذا كان بالهاءِ فهو مصْدَر الطبائع، وواحد فَعَال.
وإذا كان على فَعُول فهو لمن منه الفِعْلُ، واسمُ الشَّيءِ الذي يُفْعَلُ به نحو: الوَضوء والوَقود، واسم الصَّعُودِ وضِدِّها، وواحد فُعُل، وبمعنى مَفْعُول، وهو قليلٌ مسموع، قال الله جَلَّ وعزَّ: (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) . فإذا كانَ بالهاءِ فهو بمعْنى مَفْعُول، وبمَعْنَى فَعُول. والهاءُ حينئذ ليست للتأنِيثِ، نحو: لَجُوجة ومَلولة.
وإذا كان على فَعِيل فهو واحد فُعُل في الأَسماءِ، وفِعال في الصفات. وبمَعْنى مفعول وفاعل، فإذا كانَ بمعْنَى مفعول كان التأنيثُ بغير هاء. وإذا كان بمعنى فاعل فبالهاءِ، والنَّعتُ من الطَّبائع، ومن بناء الأصوات بمعنى فُعال. فإذا كانَ بالهاءِ فهو واحدُ فعائل، وبمعنى مفعول إذا جعل بمنزلة الاسم.
وإذا كان على فُعال بضمِّ الفاء فهو للأَدواءِ والأصوات، وما انْحطَمَ من الشيء. وتَكَسَّر منه، نحو: حُطام ودُقاق، وبمْعَنى فَعيلٍ: إذا كان من الطَّبائع، وجمع فُعالة.
1 / 85
فإذا كانَ بالهاءِ فهو فُضالَةُ الشيءِ وما تَحاتَّ منه وَبقيَ بعد الفعل، وواحد فُعال.
وإذا كان مكسور الفاءِ على فِعال فهو بمنزلة الفَعال: إذا كان في مَعْنى الوقت، وبمعنى الهيِاج والنِّزاع، وبمعنى التباعد من الشيءِ والتَّجافي عنه، نحو: الشَّماس والخرِاط. ويكونُ بناءِ لأَسماءِ الوسُوم نحو: العِلاط والكِشاح. وهو جمع فَعيل وفَعلان في الصِّفات، ومصدر فاعَل، وجمع فَعْل في الصِّفات، نحو: صِعابٍ ورِحابٍ [وفي غير الصِّفات أيضًا، نحو: كَعْب وكِعاب، وكَلْب وكِلاب]، وفَعلة، وفُعلة في الأَسماء، وهو كَثيرٌ وليس بِقياس.
فإذا كان بالهاءِ فهو للولاية للشيءِ والصناعة، وواحد فِعال.
وإذا لحقَت الزِّيادةُ بعد اللام وكان على فَعْلَى فهو تَأْنيثُ فعْلان إذا كان صفة.
وإذا ضَمَمْت أَوله مع الأَلفِ واللامِ فهو تَأْنيثُ الأَفْعل إذا كان تَفْضيلًا في الأَصل، وهذا البناءُ يكون للاسم والصفة جميعًا.
فإذا كسرتَ أوّله فهو من أَبنية الأَسماء فقط.
وإذا كان على فَعْلاء فهو تأنيث أَفعل إذا كان صفة.
وإذا كان على فَعْلان فهو للجُوع والعطَش، وما ضادَّهما إذا كان صفة.
1 / 86
وإذا كان على فُعْلان فهو جمع فُعْلانة، وجمع فَعيل في الأَسماءِ، وأَفْعَل في الصِّفات. سوغِربان، وصِردان.
وإنما جمع بين فُعَل وفُعَال في الجمع، لأَنَّ فُعَلًا قَصرُ فُعال، فُردَّ إلى أَصلِه في البِناءِ.
وإذا كان على فَعَلان فهو اسمٌ للمصدَر على معنى الذَّهاب والمجيء والحَرَكة والاضْطِراب.
القولُ في تقديم حركاتِ البناء بعضها على بعض
نبتدئُ بالمفْتوح الأَول، لأَنَّ الفتحة أخفُّ الحركات، لأَنَّها تخرُج من خرق الفم بلا كُلفَة، ثم نُتْبعُهُ المَضْمُومَ، ثم المكسورَ، ونقدَّم ساكِنَ الحَشْو على المتحرِّك، لأنَّ السكونَ أَخفُّ من الحركة. ونُقدِّم ياءَ التأنيثِ على همزةِ التأنيثِ، لأنَّ الياءَ ساكنة والهمزة متحركة. ونقدِّم الهمزةَ على النون، لأنَّ الهمزةَ أخفى في الوَقفِ، والنون ظاهِرة، فهي لخَفائِها أَقربُ إلى الخِفَّة.
القولُ في تقديم الحروف بعضها على بعض
نَبْتَدِئُ بالأَسماءِ التي في أَواخرها الباء، ثم نَتجاوَزُها إلى ما بعدها، فكذا، حتى نأْتِيَ على حروفِ المْعُجْم كلِّها سِوَى حُروفِ الاعتلال.
ولم نَذْهب في ذلك مذهب الخليل بن أَحمد، ولم نرتِّب الحروفَ ترتيبه مَيْلًا إلى الأَشهر لقُرْبِ مُتَناوَلِه وسُهولةِ مَأخَذِهِ على الخاصَّةِ والعامَّة، وإذا جاءَت عدَّةُ كلمات أَواخرُهُنَّ كلُّهُنَّ حرفٌ واحد كانت التَّقدمةُ لما قَدَّمهُ مُفتتحهُ. وإذا جاءَت كلماتٌ مَفاتِحُهنَّ حرفٌ واحدٌ كانت التَّقدِمَةُ لما قَدَّمه ثانيه. وعلى هذا القِياس ما لم نَذْكُرْه كُلَّه.
1 / 87
وإذا فَرَغْنا من الحَرْفِ ابَتَدأنا ما بعدَه بغير حَرْفِ نَسَقٍ، ليكونَ ذلِك دَلِيلًا على مُستأْنَفِ ما بعدَه، فلا يَخْتَلِط بما قبله.
القولُ في الأسماء التي لا تدخل في الذِّكر
ما كان من الشَّجَر والنَّباتِ، وأَشْباهِ ذلِك مما شاكَلَه، أَو تَفرَّع منه لم نَذْكْر واحِدَه، لأَنَّ له قِياسًا يطردُ عليه، وقياسُه: أَنْ يكونَ الواحِدُ منه بالهاء على مِثالِ الجمع، كقولك: تُفَّاحَة، وموْزَة، وبِطَّيخَة، وطَلْحَة.
وما كان من فُعَل جمعًا لفُعْلة، أو فَعِل جمعًا لفِعْلة لم يُذْكَرْ، لأَنَّه قِياسٌ مُطَّرِد.
وما كان من فُعُل جمعًا لفَعُول أو فَعِيل أو فِعالٍ، لم يُذْكَر لاطِّرادِه.
وما كان على فُعْلة من أَسماء الأَلوانِ والعُيوب لم يُذكر لاطِّرادِه، وهو نحو: الحُمْرة، والصُّفْرة. والحُدْبَة، والبُجْرَة.
وما كانَ على مَفْعَل، من: يفعَل أَو يفعُل، أَو على مَفْعِل، من: يَفعِل، لم يَدْخُل في الذِّكر. هذا إذا كان مَصْدرًا أو اسمًا للمكان أو للزَّمان، فإذا كان اسمًا مُصَرَّحًا. أو شيْئًا يُقارِبُه ذُكِر، ومُفعَل من المَزيدِ فيه كذلك. وعلى هذا سَائِرُ ما في أَوله ميم.
وما كان من أَمثِلَة الجَمْع ممّا لم يأتِ عليه واحِد، لم نَذْكُره، كالفُعول والأَفعال، والأَفعُل، والفاعِلين، والفاعِلات، والفَواعِل، والأَفاعِل، والأَفاعِيل، والمَفاعِل، والمَفاعيل، ونحو ذلك.
1 / 88
وما كان على فُعَلاءَ جمعًا، أَو أَفْعِلاءَ لم يذكر.
وما كان من فِعْلان جمعًا لفَعُول أو فُعال أَو فُعل لم يذكر. وفُعلان إذا كان جمْعًا لفَعِيلٍ كذلك.
القول في الصِّفات التي لا تدخل في الذكر
ما كان على فَعَل والنعتُ منه على فاعِلٍ، واقِعًا كان أَو غيرَ واقع.
وما كان على فعِل يفعَل [و] كان النَّعتُ منه على فاعِل إن كان واقعًا. وفعِل إن لم يقع.
وما كان على فَعُل، والنعت منه على فَعِيلٍ. فهذا كُلُّه لا يذكر وهو البناءُ. وما عدا هذا ذُكِر.
وما كان على فُعْل جمعًا لأَفعَلَ وفَعلاءَ، لم يذكر.
وما كان على فِعال جمعًا لفعيل أَو فَعْلان، لم يذكر.
وما كان على فُعَّل أو فُعَّال جمعًا لفاعل، لم يذكر.
وما كان على فَعَّال أَو فَعُول بمعنى فاعل، أَو فَعيلٍ بمعنى مفعول، لم يدْخُلْ في الذكر إلا ما كان من هذه الأبنيةِ ونحوها اسمًا أو صفة تْجري مجْرى الأَسماءِ، أَو غريبًا، أو مستعملًا في الكلامِ والكُتب كثيرًا.
وما كان على فُعْلى تأنيثًا لفَعْلان، أو فَعْلاءَ تأْنيثًا لأَفْعل، لم يذكر.
وما كان على أَفْعَل وهو تفضيلٌ، لم يذكر.
1 / 89
وما كان على الأَفْعَل الذَّي هو تَذْكِيرْ الفُعلى، أَو الفُعلى التي هي تأنِيث الأَفْعل فكذلك.
وما كان من فاعِلة تأنيثًا لفاعِلٍ لم يذكر.
وكذلك كُل مِثال من الصِّفاتِ كانَ مُؤنَّثه بالهاءِ على ذلِك المِثال لم يُذْكر، لأنَّهُ قِياسُ، والقياس لا يُذْكَرُ إذا كان مُطَّردًا.
وما كان على فِعال جَمعًا لفَعْل لم يُذْكَر، نحو: صَعْب وصعاب، ورَحْب ورِحاب.
القول في المصادر التي لا تدخل في الذكر
ما كان فعَلَ منه مفتوحَ العينِ فإنَّ مصدَرَه في البناءِ والقياس إذا كان واقِعًا على فَعْل، وإذا لم يَقعْ فهو على فُعُول.
وما كان فَعِل منه مكسورًا ويَفْعَل مفتوحًا فإن مصدره إذا كان واقِعًا على فعْل أَيضًا بتَسْكِين العيْنِ، وإذا لم يقَعْ فهو على فَعَل بتحريكِ العين.
وما كان فَعُل منه مضموم العينِ كان مصدرُه في البناءِ على فَعالةٍ ومفعولةٍ وفِعَلٍ بكسر الفاءِ وفتح العين وفعالةُ هي القياسُ ولها الغَلَبَة فلا نذكُرُها ونذكر أُختْيْها، لئلا يشتبهْن.
وكذلك لا نَذْكُر ما أَنْبأْنا عنه في هذا الباب أَنَّه قياسٌ وبناءٌ مع ذِكْرنا فعْله، اللَّهم إلا ألا يُذْكَر الفِعْلُ ماضيًا أو مستقبلًا فنذْكُر المصدر للتفسير عن معنى الفعل، وإذا كانَ هكذا فهو سبيل الإيجاز.
1 / 90
قول آخر فيما ذكر في الكتاب وفيما لم يذكر وغير ذلك مما لا غنى بنا عن الإبانة عنه
كل ما كان من أَسماءِ البُلْدان والأودية والجبال والمفاوز وما أَشبه ذلك، فذكرناه، فسَّرنا عنه بأَنه اسم موضع، لأَنه اسم عامٌّ يأتي على ما لا يأتي عليه الخاصُّ من الأَسماءِ، إلا أَن يجيءَ أمرٌ مشهور نضطر إلى التَّصريح به.
وإذا كان في الشيء لغتان فصاعِدًا ففسرناه في باب جردنا ذكره في غيره من الأبواب إيجازًا. هذا هو الأَغلب على مذهبنا في الكتاب.
وإذا ذكرنا مصدرًا للتَّفسير عن معنى الفعل، اخترنا ما ذكرنا أَنه هو البناءُ في بابه إذا كان قد روي، وإن كان غيره هو الأَشهر، لأَنا إذا ذكرنا [سواه كنا] كأنَّا نَدُلُّ على أنَّه لا بناءَ له أصليًّا، وأنه إنما اسْتُعير له اسم من أَسمائِه فجعل ينوب عنه، وهذا منقصةٌ في الفعل. وإذا كان للفعلِ عدَّةُ أَمثلة كلها ينوبُ عن مصدره اخْترنْا منها ما هو أشبه به، وأَلحقنا ما بقي في الأسماء إلا أَن يجيءَ أَمْرٌ لا يردّ، وهو نحو قولك: وثب وثبًا وثُوبًا ووَثَبانًا. فالوثوب هو الذي وقع عليه اختيارُنا، فجعلْنَاه بناء لهذا الفعل، وأَلحقنا الباقين بالأَسماء.
وإذا جاءَك "فعل" أَو "يفعل" من غير ذكر مصدر فاعْلَمْ أَنَّه لا يخْلَو من أَحد وجهين: يكون على مذهبنا في تَرْك ما هو أَصْلٌ للباب، أو يكون لم يُوجدْ له مصدر في المْحكِيِّ عن العُلماء فاقْتَصَرُ على ذِكْر ماضيه أَو مستقبله.
1 / 91
وأَشياءُ في باب "يفعُل" و"يفعِل" ذُكِرتْ على التَّقليد من غير أَن يثبتَ بها سماعٌ، وأَشياءُ كثيرةٌ من هذين البابين لم نُودِعها إياهما، لأَنَّ كتب الرواةِ لم تَنطِقْ ببيان المستقبلِ منها.
وما وجدنا من اسم أَو فِعْل قد جرى في لَفْظة مفيدة من شعر أَو حكمة أَو غير ذلك حكَينْاها بعينِها إرادة أَن تكونَ الفائدة منهما جميعًا.
والله المُوفِّقُ للسَّداد.
1 / 92
هذا كتابُ الأسماءِ من الصَّحيح
وهي ثَلاثةُ أَجنْاسٍ: ثُلاثيٌّ، ورُباعيٌّ، وخُماسيٌّ. فلم يُقْصَرْ باسم عن الثُّلاثِيِّ، لأَنَّه لابُدَّ من حَرفٍ يُبتَدأُ به، وحرفٍ يُوقَفُ عليه، وحرف يُفَرَّقُ به بَينَ الابتِداءِ والوَقفِ. والحَرْفُ المتوسِّطُ يُقالُ لهُ: الحَشْوُ. ولم يَبْلُغ السُّداسِيّ باسْم، لأنّهُ حَدٌّ اسْمَيْنِ. والفعلُ محَطْوطٌ عن الأَسْماءِ درجةً، ونهايَتُهُ في التَأسِيسِ الرُّباعيُّ، إلا ما زيدَ حرفٌ فيه، وذلك لِما مازَجَ الفِعْلَ من الثَّقَلِ الذَّي هو مَخْصوٌص بِهِ.
وأَبْنِيةُ الأَسماءِ على كَثْرَتِها أَولاها بالابْتِدَاءِ ما كانَ بَفتْحِ الفاءِ وتَسْكينِ العَيْنِ مِنْها، لأَنَّه أَخَفُّها.
وهذا البِناءُ يَقَعُ لواحد فُعول من الأَسماءِ، ولهُ البابُ، وواحدِ فِعالٍ من النَّعوتِ، وإنَّما البابُ لفَعِيلٍ، ولِجَمْعِ فَعْلةٍ منَ النَّباتِ والشَّجَرِ وما انْشَعَبَ مِنُهما، ولمصدَر ما كانَ مفتوحَ العَيْنَ من الأَفعالِ في الماضي. فهذا جُمهْورُ هذا البِناء وأصْلُهُ، وفُروعُهُ كَثيرةٌ.
فَعْل
١ باب فعل بفتح الفاء وتسكين العين
(ب) فالثَّرْبُ: شَحْمٌ قد غَشَّى الكَرشَ والأَمْعاءَ رَقيقٌ. والثَّقْبُ: واحدُ الثُّقوبِ. والجَدْبُ: نَقيضُ الخِصْبِ.
1 / 93
والجَنْبُ: واحدُ الجُنوب، وجَنْبٌ: حَيٌّ من اليمن، وُيقال قَعَد فُلانٌ إلى جَنْبِ فُلانٍ، [وإلى جانِبِ فُلانٍ] بمعنىً واحدٍ. والحَرْبُ: واحِدُ الحُروب. ويُقال: حَسْبُكَ دِرْهَمٌ، أَي: كَفاكَ. ويُقالُ: هذا رجلٌ حَسْبُكَ من رَجُلٍ، وهو مَدْحٌ للنَّكِرةِ. والخَطْبُ: هو سَبَبُ الأَمْرِ، يُقالُ: ما خَطْبُكَ؟ والدَّرْب: المَضيقُ من مَضايقِ الرُّومِ، وكذلك ما أَشْبَهَهُ. والذَّنْبُ: واحدُ الذُّنوبِ. والرَّحْبُ: الواسعُ، يُقال: بَلَدٌ رَحْبٌ، أيْ واسعٌ. والرَّطْبُ: نقيضُ اليابِسِ. والرَّكْبُ: أَصحابُ الإبل في السَّفَرِ. والرَّهْبُ: السَّهْمُ العظيمُ، والرَّهبُ: النَّصْلُ الرَّقيقُ، ويُقالُ: بَعيرٌ رَهْبٌ: إذا كانَ مَهْزولًا. والزَّرْبُ: زَرْبُ البَهمِ، وزَربُ الصّائِدِ: قُتْرَتُهُ. والسَّرْبُ: الإبلُ وما رَعَى من المالِ، والسَّرْبُ: الطَّريقُ، يُقال: خَلَّ له سَرْبَهُ. والسَّقْبُ: ولدُ النّاقَةِ الذَّكَرُ، والسَّقْبُ: لُغةٌ في الصَّقْبِ، منْ نَعْتِ الشَّيءِ الطَّويلِ مع تَرارةٍ، والسَّقْبُ: عَمودُ البيْتِ الأَطْول.
1 / 94