Muawiyah bin Abi Sufyan

Abbas Mahmud Al-Aqqad d. 1383 AH
75

Muawiyah bin Abi Sufyan

معاوية بن أبي سفيان

Genre-genre

فالتفت معاوية إلى وردان، فقال: ما بقي منك يا وردان؟

قال وردان: صنيعة كريمة سنية أعلقها في أعناق قوم ذوي فضل واصطبار لا يكافئونني بها حتى ألقى الله تعالى، وتكون لعقبي في أعقابهم بعدي.

فقال معاوية: تبا لمجلسنا سائر اليوم ... إن هذا العبد غلبني وغلبك ...»

خليقة أموية عربية، مضى الرجل على سجيته فلم يخطر له أن يستبقي من متاع الدنيا الذي عجز عنه إلا شيئا يذاق، وشيئا يسره من النظر إلى ذريته، ثم نبه المنبه إلى المكرمات المأثورة فلم يجحدها ولم يعزب عنه حميد أثرها.

وإن شئت فقل: خليقة أموية وكفى ... فإن من أثرة ما يوحي إلى صاحبه ألا ينزل طواعية عن مأثرة يرتفع بها غيره، ولا يسعه أن ينكرها.

وهكذا كانت الخليقة الأموية مع المروءة العربية في كل مأثرة محمودة بين عشائر العرب الكبرى، وبين العرب خاصة وعامة، وأولها مناقب الشجاعة والكرم والنخوة، فما كان في وسع بني أمية أن يغمضوا أعينهم عن هذه المناقب، ولا أن يصغروا من حقها، ولكن التسليم للمنقبة شيء والجهد في تحصيلها شيء آخر ... ولهذا مضى تاريخ بني أمية في الجاهلية وليس بينهم واحد معدود حين يعد العرب فرسانهم المقدمين وأجوادهم المشهورين، وذوي النجدة من صفوة عشائرهم ونخبة ساداتهم، وظهر فيهم الشجعان في صدر الإسلام كيزيد بن أبي سفيان، وهو أخ غير شقيق لمعاوية، ولكنه لا يحسب عندهم ولا عند غيرهم من فرسان هاشم في جيل واحد، كعلي وحمزة.

وسئل معاوية نفسه، وسائله عمرو بن العاص: والله ما أدري يا أمير المؤمنين، أشجاع أنت أم جبان؟ فقال:

شجاع إذا ما أمكنتني فرصة

فإن لم تكن لي فرصة فجبان

ولم يؤثر لمعاوية موقف واحد يحسب من مواقف الشجاعة البينة، بل حسب عليه أنه كان يأوي إلى قبة يحيط بها الحراس في معارك صفين، وأنه أسرع إلى فرسه في ليلة الهرير لينجو بحياته، ثم هدأ الخطر بعض الشيء، فراجع نفسه وتراجع إلى مكانه وهو آمن من عاقبة هذه الرجعة، بعد أن خفت الهجمة على موضعه من ميدان القتال.

Halaman tidak diketahui