Muawiyah bin Abi Sufyan
معاوية بن أبي سفيان
Genre-genre
كما يألم أحدكم إذا نام على حسك السعدان.»
5
وانقضى عهد الصديق ثم انقضى عهد الفاروق «والمجتمع الإسلامي مجتمعان: أحدهما ماض ولما يمض بأجمعه، والآخر مقبل ولما يقبل بأجمعه، وأوشك عمر على قوته أن يحار في تدبيره، وقال الشعبي: إنه قضى وأوشكت قريش أن تمله لشدته ووقوفه لها، بحيث وقف حائلا بينها وبين نزعاتها ومطامحها في دنياها الجديدة.» •••
وتتابعت السنون على أيام عثمان، وهذان المجتمعان يلجان في الافتراق حتى افترقا غاية افتراقهما في النزاع بين علي ومعاوية، فكان علي يكبح تيارا جارفا لا حيلة له في السير معه ولا في دفعه، وكان معاوية يركب ذلك التيار رخاء سخاء بغير مدافعة وغير حيرة، ويركبه معه من لا يدافعه ولا يحار فيه ...
وكأنما بقيت من التيسير هنا والتعسير هناك، فجاءت حصة علي حيث جاء الموالي
6
من كل جنس يطلبون الحق الذي يطلبه كل مسلم ممن لا ينكر على أحد حقا من الحقوق، وخلت الحصة الأخرى من هؤلاء الموالي، وخلصت للعرب يوم كان العرب وحدهم قوام الدولة في دمشق بين القرشيين واليمانيين.
أحاط الموالي بالإمام حتى قال له بعض أنصاره من العرب: «لقد غلبتنا هذه الحمراء عليك»، وسار الإمام في العدل بينهم وبين العرب سيرة من يعلم أنه لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لقرشي على حبشي إلا بالتقوى.
أما في الشام فقد كان معاوية لا يباليهم؛ لأنهم قلة هناك لا يحسب لها حساب، ومرضاة العرب أولى من مرضاة الموالي في دمشق حيث قامت الدولة الأموية، وحيث هان خطبهم بعد ذلك حتى قيل إنه هم بقتلهم والبطش بهم على غير عادته، وقال لهم غير مرة: إنكم عجم وعلوج!
وما كان من قبيل المصادفات أن الدولة الأموية قامت في دمشق، وأن الدولة التي قوضتها - وهي دولة بني العباس - قامت في بغداد، فإن دمشق ما كانت لتصلح مقاما للدولة بعد اتساعها للعرب والفرس والترك والديلم، وموالي الأمم من كل قبيل.
Halaman tidak diketahui