يخبِّر عن من مات حتى كأنَّما ... رأى ذا القرنين أو رأَى تبَّعا
قالوا: وعاش ذو جدن الحميري الملك ثلاثمائة سنة.
وقال في ذلك:
لكلِّ جنب اجتنبا مضطجع ... والموت لا ينفع منه الجزع
اليوم تجزون بأعمالكم ... كلُّ امرئ يحصد مما زرع
لو كان شيء حتفه ... أفلت منه في الجبال الصدع
وقال أيضا: يا إجتنا مهلا ذرينا ... أَفي سفاء تعذلينا
يا إجتنا تستعتبينا ... فلا وربك تعتبينا
يوم يغيِّر ذا النَّعيم ... وتارة يشقى الحزينا
إنَّ المنايا يطلَّعن ... على الأناس الآمنينا
فيدعنهم شتَّى وقد ... كانوا جميعا وافرينا
قالوا: عاش عبد اله بن سبيع الحميري مائة وخمسين ستة.
وقال في ذلك:
أَراني كلَّما هرَّمتُ يوما ... أَتى من بعده يوم جديد
يعود شبابه في كلَّ فجر ... ويأبى لي شبابي لا يعود
قالوا: وعاش مرداس بن صبيح بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد، من مذحج مائتي سنة وثلاثين سنة.
وقال في ذلك:
أَعاذلتي، دعي عذلي فإنَّ ... أتتني عن حجور منديات
" وحجور بطن من همدان، منهم معيوف بن يحي ".
قوافي قد أَتتني من بعيد ... فما أدري أَزور أَم ثبات
فإن تكُ كذبة من قوم سوء ... فما تزدهيني المعذرات
فإني قد كبرت ورقَّ عظمي ... وأَسلمني لدى الدَّهر الهنات
مرازي قد تنوب وطول عمر ... تثوب لها الهموم الطَّارقات
أَدبُّ على العصا لم يبق إلاَّ ... لسان صارم عضب حتات
فلا يغرركم كبري فإنِّي ... كريم، ليس في أمري شتات
قال أبو حاتم: وأظن البيت الأخير ليس منها.
قالوا وعاش عمرو بن ربيعة، وهو لحىّ بن حاثة بن عمرو بن عامر بن حارثة الغطريف بن ثعلبة بن أمرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد؛ وعمرو بن لحى هذا هو أبو خزاعة غير ولد أَفضى بن حارثة بن عمرو بن عامر.
قالوا: وقد يقال أنه لحى بن قَمعة بن خندف بن مضر.
قالوا: وبلغنا أن رسول الله ﷺ قال: " أول من بحر البحيرة ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، وغير دين أبيه إسماعيل ﵇ عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف أبو خزاعة، فكأني أنظر إليه يجرَّ قصبه في النار، وأَشبه ولده به أَكثم بن الجون ".
فقال أكثم - وكان قاعدا -: يا رسول الله، بأبي وأمي، هل يضرَّني الشبّضه؟ قال: " لا يضرك كان كافرا، وأنت مسلم ".
عاش ثلاثمائة سنة، فكثر ماله وولده حتى بلغنا - والله أعلم - أنه كان يقاتل معه من ولده ألف مقاتل.
قال أبو حاتم، قالوا، وعاش فيما ذكر ابن الكلبي عن أبيه، أوس بن حارثة ابن لام بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعاء بن ذهل بن لوذان ابن رومان بن خارجة بن سعد بن جندب بن فطرة بن طّيء، وهو جُلهمة بن أُدد ابن زيد بن يشجب بن عريب بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهو عبد شمس ابن يشجب بن يعرب، وهو قحطان بن عابر، وإلى قحطان تجتمع قبائل اليمن كلها.
عاش مائتي سنة وعشرين سنة حتى هرم، وذهب سمعه وعقله، وكان سيد قومه وفي بيتهم؛ فبلغنا أن بنيه أرتحلوا، وتركوه في عرصتهم حتى هلك فيها ضيعة؛ وهم يُسبُّون بذلك اليوم.
وفي ذلك يقول الأسحم بن الحارث، أحد بني طريف بن مالك بن جدعاء بن ذهل بن لوذان بن رومان من جديلة طيء.
أتاني بالمحلَّة أَنَّ أَوسا ... على شظنان مات من الهزال
تحمل أهله واستودعوه ... خسيَّا من نسيج الصُّوف بالِ
تظلُّ الطَّير تعفوه وقوعا ... ألا يا بوسَ للشيخ المذال
" السيّ الصوف الذي لم يجزّ إلا مرة واحدة، وكان الإعراب بالياء، ولكن لغة طيء أن يقولوا: رأيت زيد، فيحذفون الألف، وشظنان أرض ترك الشيخ بنوه بها ".
1 / 14