223

Muawiyah ibn Abi Sufyan: Commander of the Faithful and Scribe of the Prophet's Revelation - Dispelling Doubts and Refuting Fabrications

معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين ﷺ كشف شبهات ورد مفتريات

Penerbit

دار الخلفاء الراشدين - الإسكندرية،مكتبة الأصولي - دمنهور

Lokasi Penerbit

مكتبة دار العلوم - البحيرة (مصر)

Genre-genre

ثانيًا: روى ابن عساكر من طريق يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة وهو بالشام تحمل الخمر، فقال: «ما هذه؟ أزَيْتٌ؟».
قيل: «لا، بل خمر تباع لفلان».
فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يَذَرْ فيها راوية إلا بَقَرَها، وأبو هريرة إذا ذاك بالشام.
فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال: «ألا تمسك عنَّا أخاك عبادة بن الصامت، أما بالغدوات فيغدو إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم، وأما بالعشي فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا؛ فأمسك عنا أخاك».
فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال: «يا عبادة ما لك ولمعاوية؛ ذَرْهُ وما حمل فإن الله يقول: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ﴾ (البقرة:١٣٤).
قال: «يا أبا هريرة لم تكن معنا إذا بايعنا رسول الله ﵌، بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ولنا الجنة، ومن وَفّى وَفّى الله له الجنة مما بايع عليه رسول الله ﵌، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه».
فلم يكلمه أبو هريرة بشيء فكتب فلان إلى عثمان بالمدينة: «إن عبادة بن الصامت قد أفسد علىَّ الشام وأهله فإما أن يكف عبادة وإما أن أخلي بينه وبين الشام»، فكتب عثمان إلى فلان أن رحِّله إلى داره من المدينة.
فبعث به فلان حتى قدم المدينة فدخل على عثمان الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين بعينه ومن التابعين الذين أدركوا القوم متوافرين فلم يفْجَأ عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار فالتفت إليه فقال: «ما لنا ولك يا عبادة».
فقام عبادة قائمًا وانتصب لهم في الدار قال: «إني سمعت رسول الله أبا القاسم يقول: «سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تنكرون فلا طاعة لمن عصى فلا تعتلوا بربكم» فوالذي نفس عبادة بيده إن فلانًا لمن أولئك».
فما راجعه عثمان بحرف (١).
الجواب:
أولًا: هذا الحديث لا يصح، وقد رواه الإمام أحمد بدون ذكر قصة الخمر وبدون ذكر حوار عبادة مع أبي هريرة وبدون ذكر معاوية ﵃، ورواه الحاكم كذلك ولكن ذكر فيه قول عبادة: «فو الذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك».
وهذا الحديث قد ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (٣/ ٥٢٨) وضعفه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند.
ثانيًا: على فرض صحة الحديث - وهو ليس بصحيح - فهذا اجتهاد من عبادة بن الصامت ﵁ في حمله الحديث على معاوية ﵁، فعمر وعثمان ﵄ جعلا معاوية واليًا على الشام ولم يتهماه مدة ولايته.
وأدرك جمع من الصحابة وكبار التابعين ملك معاوية، ولم ينزعوا يدًا من طاعة ﵃ أجمعين.
ثالثًا: من جهة متن الحديث فعلى فرض صحته - وهو ليس بصحيح - ليس صريحًا في أن الخمر كانت لمعاوية ﵁ بل جاء فيه «ألا تمسك عنا أخاك عبادة بن الصامت أما بالغدوات فيغدو إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم ...»، وفيه «خمر تباع لفلان»!!
وكذلك لو صح لكان فيه طعن في عثمان ﵁؛ يبلغه عن معاوية المتاجرة في الخمور فلا يعاقبه بل يجعله واليًا على أهل الشام؛ بل يعاتب عبادة بن الصامت ﵁ لأنه أنكر عليه!!

(١) تاريخ مدينة دمشق (٢٦/ ١٩٨).

1 / 239