مجمل أصول أهل السنة

Nasser Al-Aql d. Unknown
16

مجمل أصول أهل السنة

مجمل أصول أهل السنة

Genre-genre

الاستدلال بالأكثرية على صحة المنهج أو بطلانه السؤال هل يشترط للجماعة أن تكون هي الأغلبية؛ لأن هذا اللفظ يلتبس على كثير من الناس، ويستدلون بأن الرسول ﷺ أمر بالجماعة، أم أن الأشاعرة مثلًا هم أكثر أعيان المسلمين، فهم إذًا على الصواب؟ الجواب أولًا: ليس من شرط البقاء على الحق الأكثرية، بل نصوص ودلائل قطعيات النصوص تدل على عكس ذلك، خاصة في بعض الأزمان وبعض الأحوال، ولذلك وصف النبي ﷺ أهل الحق أنهم في بعض الأحوال غرباء حينما يكثر الفساد ويبقى الصالحون قلة. ثانيًا: تشير النصوص إلى أن أهل السنة والجماعة ضمن فرق المسلمين فرقة من العديد من الفرق، كما جاء في حديث الافتراق، وعدد الفرق ثلاث وسبعين فرقة، واحدة الناجية واثنتان وسبعون وقعت في الافتراق والأهواء، فالواحدة من ثلاثة وسبعين قليلة، وإن كان هذا لا يتعلق بالعدد، لكن فيه إشارة إلى أن أهل الحق يقلون خاصة في بعض الأزمان وبعض الظروف. ثالثًا: أن النبي ﷺ لما ذكر الافتراق واتباع السنن، خاطب المجموع، مما يدل على أن الأكثرية ستقع فيما وقعت فيه الأمم من الافتراق والأهواء والاختلاف في الدين، فقوله ﷺ في الحديث الصحيح: (لتتبعن سنن من كان قبلكم)، الخطاب لعموم الأمة، ولا يعني ذلك كلها، إنما الأغلب لأن الحديث يدل على الأغلب، وإلا فهذا العموم مستثنى بقول النبي ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم إلى أن تقوم الساعة)، ولذلك فإن النصوص ينبغي أن يرد بعضها إلى بعض، لنأخذ النص العام ولا نخصصه بالجميع، وإذا خصصناه فسوف نقع في الهلكة أو الاعتقاد والتصور الخاطئ عن الناس. إذًا: هذه الأدلة بمجموعها والواقع أيضًا ظاهر يدل على أن أهل الحق قد يقلون، بل أحيانًا قد يتشتتون في بعض البلاد، فقد تجد في بعض الأماكن وبعض البلاد أهل السنة قلة، وقد تجد في بعض الأرياف والقرى البعيدة التي هيمنت عليها البدع واحدًا صاحب سنة والبقية يكونون وقعوا في البدع والأهواء. والله أعلم. إذًا: الأكثرية ليست هي القاعدة في كل زمان وفي كل مكان، إنما المعيار هو الحق، كما قال أحد السلف: الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك.

1 / 16