Mixing between Men and Women
الاختلاط بين الرجال والنساء
Penerbit
دار اليسر
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Genre-genre
قَلَّت: «إِنَّك كَثِير الْآمَال يَا سَيِّدِي، فَعَنْ أَيّ آمَالك تَتحدَّث؟».
قَالَ: «لَيْسَ لِي فِي الْحَيَاة إِلَّا أَمَل وَاحِد هُوَ أَنْ أُغْمِض عَيْن ثُمَّ أَفْتَحهَا فَلَا أَرَى بُرْقُعًا عَلَى وَجْه اِمْرَأَة فِي هَذَا الْبَلَد».
قُلْت: «ذَلِكَ مَا لَا تَمْلِكهُ وَلَا رَأْىَ لَك فِيهِ».
قَالَ: «إِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس يَرَونَ فِي الْحِجَاب رَأْيِي وَيَتَمَنَّوْنَ فِي أَمَرّه مَا اتَمَنِّي وَلَا يَحُول بَيْنهمْ وَبَيْن نَزْعه عَنْ وُجُوه نِسَائِهِمْ وإبرازِهِنَّ إِلَى الرِّجَال يجالِسْنَهم كَمَا يَجْلِس بَعْضهنَّ إِلَى بَعْض إِلَّا الْعَجْز وَالضَّعْف وَالْهَيْبَة الَّتِي لَا تَزَال تُلِمّ بِنَفْس الشَّرْقِيّ كُلَّمَا حَاوَلَ الْإِقْدَام عَلَى أَمْر جَدِيد؛ فَرَأَيْت أَنْ أَكُون أَوَّل هَادِم لِهَذَا الْبِنَاء الْعَادِيّ الْقَدِيم الَّذِي وَقَفَ سَدًّا دُون سَعَادَة الْأُمَّة وَارْتِقَائِهَا دَهْرًا طَوِيلًا، وَأَنْ يَتِمّ عَلَى يَدِي مَا لَمْ يَتِمّ عَلَى يَد أَحَد غَيْرِي مِنْ دُعَاة الْحُرِّيَّة وَأَشْيَاعهَا.
فَعَرَضْتُ الْأَمْر عَلَى زَوْجَتِي فَأَكْبَرَتْهُ وَأَعْظَمَتْهُ وَخُيِّل إِلَيْهَا أَنَّنِي جئتُهَا بِإِحْدَى النَّكَبَات الْعِظَام والرزايا الْجِسَام وَزَعَمَتْ أَنَّهَا إِنْ بَرَزَتْ إِلَى الرِّجَال فَإِنَّهَا لَا تَسْتَطِيع أَنْ تَبْرُز إِلَى النِّسَاء بَعْد ذَلِكَ حَيَاءً مِنْهُنَّ وَخَجَلًا، وَلَا خَجَل هُنَاكَ وَلَا حَيَاء وَلَكِنَّهُ الْمَوْت وَالْجُمُود وَالذُّلّ الَّذِي ضَرَبَهُ اللهُ عَلَى هَؤُلَاءِ النِّسَاء فِي هَذَا الْبَلَد أَنْ يَعِشْنَ فِي قُبُور مُظْلِمَة مِنْ خُدُورهنَّ وَخُمُرهنَّ حَتَّى يَأْتِيَهُنَ الْمَوْت فَيَنْتَقِلْنَ مِنْ مَقْبَرَة الدُّنْيَا إِلَى مَقْبَرَة الْآخِرَة؛ فَلَا بُدّ لِي أَنَّ أَبْلَغ أَمْنِيَّتِي وَأَنْ أُعَالِج هَذَا الرَّأْس الْقَاسِي الْمُتَحَجِّر عِلَاجًا يَنْتَهِي بِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِمَّا بِكَسْرِهِ أَوْ بِشِفَائِهِ».
فَوَرَدَ عَلَيَّ مَنْ حَدِيثه مَا مَلَأَ نَفْسِي هَمًّا وَحُزْنًا وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ نَظْرَة الرَّاحِم الرَّاثِي وَقُلْت: «أعالم أَنْتَ أَيُّهَا الصَّدِيق مَا تَقُول؟».
1 / 155