Mesir: Tenunan Orang, Tempat, dan Masa
مصر: نسيج الناس والمكان والزمان
Genre-genre
أشكال الهجرة الخارجية الدائمة وهجرة العمل المؤقتة. (ج)
الانضباط الذاتي لدى المصريين لخفض نسبة النمو السكاني. (أ) مفوضية عليا لإدارة الموضوع السكاني
سبق لي أن اقترحت أن على رأس المعالجة الموضوعية صياغة الجانب الهيكلي في إدارة المسألة السكانية في صورة تشكيل «مفوضية عليا للسكان»، فلا يخفى أن مدى النجاح في أي مشروع يرتبط أساسا بشكل إدارته. والمفوضية العليا للسكان المقترحة هي بالقطع أشمل من تخصيص الموضوع بانتماء إدارته إلى وزارة الصحة فقط. فلا يخفى أن جانب الصحة يعالج الموضوع من جوانبه البيولوجية بالأساس في حين أن الموضوع يحتاج إلى تضافر جهود كبيرة من التخصصات الخدمية - على رأسها التعليم والشئون الاجتماعية، والتخصصات الإنتاجية - الزراعة والصناعة - لتحسين أحوال السواد الأعظم من السكان، وعالم الاتصالات لكي يجلب الناس إلى ما يضطرب به عالم اليوم من مدخلات ومؤثرات في داخل الوطن والعوالم خارجه فيدرك مخاطر المسألة السكانية، مثل هذه المفوضية العليا سوف تجلب التناغم والتفاعل المشترك بين مجهودات الوزارات والمحافظات المختلفة في مسار رئيسي يتجنب التكرار والتضارب وتعدد الإنفاق الإداري وتعدد الوظائف المتكررة ... إلخ، مما يحجم الإنفاق الإداري ويوجه الجهود المبذولة مباشرة إلى الهدف. (ب) الهجرة وحواجز الحدود
في الماضي كانت الدنيا مفتوحة على بعضها بحيث تجد الشعوب متنفسا للزيادة السكانية بالهجرة إلى أراض جديدة. ولكن مع نشأة الدولة القومية في أوروبا فيما بعد القرن السابع عشر ضاقت الدنيا بالحدود المفتعلة والحروب الاستعمارية لتقسيم العوالم الجديدة. وحتى الأقاليم القديمة الواسعة كالشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية وأفريقيا، قسمت هي الأخرى بين البرتغال وإسبانيا وهولندا وانجلترا وفرنسا ولحقتها في أواخر القرن 19 إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة. وحين استقلت المستعمرات أخذت بنظام الدولة القومية شكلا وليس مضمونا. ومن ثم شهدنا التكالب الشديد على حدود صنعها الاستعمار ليست وليدة التطور السياسي لقومية معينة وهو ما أدى إلى صراعات داخلية بين مجموعات ثقافية مختلفة داخل الوحدة السياسية الجديدة ، وبالتالي مساع ناجحة أو مؤجلة للانفصال وتكوين وحدات سياسية جديدة على أسس من السلالة أو اللغة أو الدين. وفي عالمنا العربي نشهد مثل هذه المساعي الانفصالية في السودان بين الجنوب والشمال - بطبيعة الحال بتداخلات ومؤثرات خارجية سعت إلى ذلك التقسيم منذ بداية الحكم الإنجليزي في السودان، كما يتردد مثل ذلك في بعض مخططات أمريكا وإسرائيل بالنسبة لمستقبل العراق.
مع ترسيم الحدود الجديدة انغلق باب الهجرة إلا من فتحات ضيقة يدخل منها ذوي التأهيل العالي والمكانة العلمية والمالية من شعوب العالم الثالث إلى أمريكا وأوروبا فيما يسمى استنزاف العقول
Brain Drain ، واستنزاف رأس المال للاستثمار في الحوافظ المالية في الدول المتقدمة.
أسباب ذلك كثيرة منها التهيئة العلمية والمعملية والأنشطة الاقتصادية دائمة التطور في العالم الأورو-أمريكي بالقياس إلى ما هو موجود في أوطان العالم الثالث. وباختصار فإن في عصر العولمة «كارت بلانش» أو باب مفتوح للمؤهلين، وباب مغلق وشبه مغلق - موارب - أمام الملايين الأخر من بلاد العالم الثالت. وربما كانت هجرة مسلمي تركيا وشمال أفريقيا إلى أوروبا شاهد على أن الوقت ليس في صالح التقاء الشعوب كما كان في قرون مضت، رغم احتياجهم البعض للآخر. فالأوروبيون يحتاجون عمالة رخيصة لأعمال لم يعودوا يقتربون منها لارتفاع أجورهم وتأميناتهم، وبالمثل يحتاج المهاجرون المسلمون إلى تلك الأعمال؛ لأنها تدر عليهم أضعاف ما يحصلونه في بلادهم إذا وجدوا عملا، ومع ذلك يظل نموذج الهجرة إلى العالم الأورو- أمريكي مفيدا حتى وإن ظلت هناك بقايا عنصرية بغيضة وتنافر بين المهاجرين من سلالات، وثقافات وأديان ومذاهب متباينة.
وفي عالمنا العربي فإن أبواب الهجرة الدائمة أيضا مغلقة بين العرب بعضهم البعض لأسباب عديدة على رأسها العوامل الآتية:
أولا: انقسام الدول العربية إلى فئتين (1)
دول عربية غنية - غالبا الدول النفطية في الخليج وليبيا والعراق - لا تريد مهاجرين وإنما عمالة مشروطة، وربما كان ذلك رغبة في الإبقاء على مستوى عال من الدخل والخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية للسكان الأصليين. ولا شك في أن لذلك مبررات وبخاصة أن معظم هذه الدول قد حدثت فيها تغييرات اقتصادية اجتماعية أدت إلى تركيز متكاثف للسكان المحليين وغيرهم في العواصم ومدن قليلة العدد، وندرة سكانية في المناطق الريفية أو الصحراوية وارتفاع أسعار إمدادات مياه الشرب. وطبيعي أن فتح باب الهجرة سيزيد من مصاعب الحياة في المدن القليلة، وربما يؤدي إلى عشوائيات هي في غنى عنها. ولكنهم في ذات الوقت في حاجة إلى عمالة رخيصة عربية وآسيوية للوفاء بمتطلبات المجتمع الجديد منذ ثلاثة عقود لسببين؛ الأول: قلة أعداد المواطنين، والثاني: تأهيلهم للأعمال الجديدة. السبب الأول ما زال ذو فاعلية بينما تنامى التأهيل بين المواطنين مما يضيق فرص عمل غير المواطنين وبخاصة في الأعمال العليا والإدارة، ومن ثم ما زال الاحتياج إلى عمالة خارجية في المستويات المنخفضة من الأعمال. (2)
Halaman tidak diketahui