Mesir Dari Nasir Ke Perang Oktober
مصر من ناصر إلى حرب
Genre-genre
قلت لحافظ إسماعيل: إذا كانت مصر ستتخلى في المستقبل عن الاعتماد على الاتفاق السوفييتي-الأمريكي بشأن ضمان وقف إطلاق النار، فإن موقف مصر سيصبح ضعيفا بدرجة كبيرة؛ فالولايات المتحدة ملتزمة أمام الاتحاد السوفييتي وليس أمام مصر. ولسبب ما راح حافظ إسماعيل يؤكد بحرارة على ضرورة منع محاولات الأمريكيين أن يصبحوا وسطاء بين مصر وإسرائيل.
في هذا الوقت تحديدا أرسل السادات إلى واشنطن على وجه السرعة إسماعيل فهمي، الذي جرى تعيينه توا قائما بأعمال وزير الخارجية، ولم يكن وزير الخارجية المصري محمد حسن الزيات، الموجود في الولايات المتحدة آنذاك، قد غادر منصبه بعد! كان من الواضح أن «الدبلوماسية المزدوجة » التي بدأ السادات في انتهاجها قد راحت تتعاظم في هذه الفترة. وبالطبع لم يكن ليفكر في الدخول في العديد من التفاصيل، التي من بينها وجود وزيرين للخارجية في وقت واحد!
في الأيام الأولى من شهر نوفمبر وصل إلى القاهرة ف. كوزنيتسوف، النائب الأول الأسبق لوزير خارجية الاتحاد السوفييتي في زيارة تستهدف التشاور بشأن الدعوة لعقد المؤتمر الدولي للشرق الأوسط. وقد أكد السادات أكثر من مرة على ضرورة قيام مصر بالتنسيق مع الاتحاد السوفييتي في هذا الشأن، وأعرب عن رغبة بلاده في مشاركة ممثلي الدولتين العظميين - الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة - في كل مستويات المباحثات المنتظرة. وهكذا أعلن السادات، قولا، ضرورة وجود الاتحاد السوفييتي في هذه العملية.
أما ما حدث فعلا؛ فقد ظلت مباحثات إسماعيل فهمي في واشنطن طي الكتمان.
وفجأة يذاع الخبر التالي: إلى القاهرة يصل كيسينجر في السابع من نوفمبر! وفي نفس اليوم يلتقي السادات بكيسينجر مرتين على انفراد، وفي المساء تعلن إذاعة القاهرة نبأ التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية. هل هذه إذن محصلة الحرب؟! هل هذا هو ثمن حياة آلاف المصريين والسوريين والإسرائيليين الذين سقطوا في المعارك من أجل المناورات السياسية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط؟!
وفي نفس اليوم أقام إسماعيل فهمي مأدبة غداء تكريما لكيسينجر حضرها كل أعضاء الحكومة المصرية تقريبا. كما دعا فهمي أيضا سفراء كل من الاتحاد السوفييتي وإسبانيا (التي كانت ترعى مصالح الولايات المتحدة) وبريطانيا وفرنسا ومحمد حسنين هيكل. الحقيقة لم تكن لدي الرغبة في الذهاب إلى هذا الغداء، على الرغم من أن الأمريكيين أبلغوني أن كيسينجر يود التحدث معي؛ فقد تعامل المصريون معنا في الأيام الأخيرة بصلف وعلى نحو عدائي بما فيهم إسماعيل فهمي نفسه.
لهذا السبب كنت آخر من حضر إلى الحفل. وعندما دخلت إلى القاعة الصغيرة في شقة إسماعيل فهمي، رأيت الضيوف واقفين بجوار الجدران وقد علا الملل وجوههم وبأيديهم كئوس الويسكي وقد أصبح دافئا من طول الانتظار. في وسط هذه القاعة الصغيرة وقف كيسينجر وقد راح يتبادل الحديث مع السفير الإسباني في فتور. قدموني إلى كيسينجر فإذا به ينتعش وتدب فيه الحيوية، وبعد عبارات الترحيب أبدى اهتمامه بتقديري للوضع في منطقة الشرق الأوسط.
أجبته بأنه، وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، فإن الوضع لا يزال معقدا وقابلا للانفجار، ومن ثم فإن من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة وأخرى على المدى الطويل. أما الآن فمن الحتمي أن تتوقف إسرائيل عن ادعاء «البلاهة»، مؤكدا على أن «أحدا لا يعرف مواقع القوات المتحاربة في الثاني والعشرين من أكتوبر؛ أي إلى أين يجب أن تنسحب القوات الإسرائيلية طبقا لقراري مجلس الأمن رقمي 338 و339. وهذه الحدود يمكن تحديدها بدقة على الخريطة. وعندما يسحب الإسرائيليون قواتهم إلى حيث كانت يوم الثاني والعشرين من أكتوبر، عندئذ تنتهي تلقائيا مشكلة إمداد الجيش الثالث المصري والسويس. وينبغي أن يتم ذلك على وجه السرعة.
أما عن الخطة الطويلة المدى، فالفرصة مهيأة الآن لبذل كل الجهود من أجل تسوية شاملة حقيقية لمشكلة الشرق الأوسط برمتها.»
سألني كيسينجر باهتمام بالغ: «ولماذا تعتبرون أن الآن تحديدا هو الوقت الأنسب لبذل الجهود للتسوية الشاملة في الشرق الأوسط؟»
Halaman tidak diketahui