Mesir Dari Nasir Ke Perang Oktober
مصر من ناصر إلى حرب
Genre-genre
ص158:
مثال مهم يدل على أي نحو تدار السياسة في الشرق العربي، هذا بالطبع إذا لم يكن هيكل قد اخترعه؛ فالسادات، على حد قوله، قد أبلغ الملك فيصل أن تتلقى قيادة القوات المصرية أوامرها منه مباشرة (بالطبع في حالة حدوث أي طارئ) في أثناء غيابه في موسكو. شيء من هذا لم يحدث مطلقا بطبيعة الحال، ولم يكن هناك أحد في مصر يمكن أن يخطر بباله أن يمتثل لأوامر الملك فيصل. لكنها لفتة كريمة على أية حال. ليس ذلك هو الأمر المهم. في الواقع فقد وعد فيصل السادات بإهدائه عشرين قاذفة مقاتلة من طراز «لايتننج»، وقد حاول السادات أن يبتز بها الاتحاد السوفييتي، لكنه لم ينجح في التأثير على أحد. في موسكو قالوا له تريد أن تأخذ طائرات «لايتننج»، خذها، لكننا نعلم أنها ليست من نوعية رفيعة. ولم يربط السوفييت بين قرار توريد الطائرات تو-22 وطائرات «لايتننج» (بالمناسبة فقد رفض المصريون استلام تو-22)، أما الطائرات من طراز «لايتننج» فلم يرسلها السعوديون مطلقا؛ لأنها كانت في حالة سيئة .
ص160:
قام الرائد مصطفى الخروبي (عضو مجلس الثورة الليبي (المترجم)) بأداء الصلاة في الكرملين في مكتب ألكسي كوسيجين بالقرب من صورة كارل ماركس مباشرة. في الواقع كان مشهدا لم يسبق له مثيل في الكرملين.
ص160:
يعرض هيكل حكاية استفزازية تتعلق بنقل مشغولات ذهبية. كان استفزازا من طراز كلاسيكي تماما إذا جاز القول. لم يحمل الخبراء السوفييت مطلقا معهم أية كميات كبيرة من الذهب، وإنما كانت هدايا تذكارية عادية، من تلك التي يلاحق بها الباعة المصريون كل السائحين الأجانب، الذين يزورون القاهرة.
لقد توفر لدى الخبراء السوفييت على مدى إقامتهم في مصر لمدة عام أو عامين بعض المال بطبيعة الحال، راحوا ينفقونها على شراء الهدايا التذكارية، التي لا تتمتع في مصر بالتنوع الكبير. كم من مرة طلب الدبلوماسيون السوفييت من السلطات المصرية أن يقيموا كشكا خاصا تحت إشراف المصريين لبيع مختلف الهدايا التذكارية للعسكريين السوفييت العائدين للوطن! وفي كل مرة كان المصريون يرفضون. لم يحمل مواطنونا مطلقا سبائك من الذهب كما كتب هيكل.
جدير بالذكر أيضا أن العسكريين السوفييت كانوا يتمتعون بالإعفاء من التفتيش الجمركي، بناء على اتفاق سوفييتي مصري. على أن الفريق صادق أصدر توجيهاته بخرق هذا الاتفاق. سعت السلطات المصرية بعدم السماح للدفعة الدورية من العسكريين السوفييت المسافرين للوطن، وطلبوا تفتيشهم بشكل كامل، بما في ذلك التفتيش الشخصي. حدث سوء تفاهم، فاستدعى المصريون جنودا يحملون الرشاشات قاموا بإحاطة مبنى المطار العسكري، وقد اتخذ الاستفزاز شكلا أكثر صراحة بعد ذلك، عندما فشل السفير السوفييتي في الاتصال بالفريق صادق أو بعبد العزيز حجازي (وزير المالية آنذاك والذي تتبعه مصلحة الجمارك) أو بوزير الخارجية أو بالسادات. لقد اتضح أن جميعهم موجودون، فجأة «خارج القاهرة». كان اليوم يوم عمل، ولم يكن أمامنا سوى اللجوء إلى مستشار الرئيس لشئون الأمن القومي حافظ إسماعيل، الذي وعد ب «بإبلاغ الرئيس»، ووصف ما حدث مباشرة بأنه عمل استفزازي من جانب السلطات، وطلب ألا نستجيب لهذا الاستفزاز، الذي يستهدف تفجير غضب الجانب السوفييتي.
وقد أصدر السفير السوفييتي تعليماته بأن يكشف العسكريون السوفييت عن كل ما لديهم للتفتيش الجمركي. وقد تبين أن كل مسافر يحمل معه في المتوسط هدية تذكارية واحدة من المشغولات الذهبية، بروش أو عقد وما إلى ذلك.
لم يذكر هيكل فيما بعد، عندما انهار هذا العمل الطائش، أن السادات قدم اعتذاره للسفير السوفييتي في حديث تليفوني معه بعد أن قال له «إنه يشعر بالخجل أن في مصر أناسا لا يحملون الجميل للروس».
Halaman tidak diketahui