Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
ففي الحال، لكي يحفظ سمعة بلده وشرفه، أقدم على مخابرة الحكومتين الفرنساوية والإنجليزية، وطلب إليهما بتوسل، على ما في التوسل من مضاضة على نفسه الأبية، أن تذكرا وثاقات الصداقة القديمة التي تربطهما به، وتمدا يد المساعدة إلى حكومته وإليه، لكيلا يحيق به عار الاحتجاج على السندات الممضاة بإمضائه.
أما الحكومة الإنجليزية، فأجابت برفض مر، في مبناه ومعناه، ولا غرابة فإن نيات المستر دزرائيلي اليهودي الأصل، السيئة بمصر وخديوها، لم تعد سرا لأحد.
وأما الحكومة الفرنساوية، فهاجتها رسالة (إسماعيل) المسلمة إليها في صباح 31 مارس، فطرح المسيو ديكاز مضمونها على بساط مداولة مجلس الوزراء الملتئم لهذا الغرض. ولما كانت مصالح البنك العقاري الفرنساوي، ومصالح تابعه البنك الزراعي مرتبطة ارتباطا كليا بالمصالح المصرية، فإنه كان من البديهي أن لا تتخلى الحكومة الفرنساوية عن مساعدة المالية المصرية، لئلا يصاب بمصيبتها ثاني محل مالي بفرنسا كلها، وتنجم عن تلك الإصابة عواقب في منتهى الخطورة لمركز فرنسا المالي.
فاقتنع الوزراء الفرنساويون بما أبداه لهم زميلاهم الدوق دي كاز والمسيو ليون ساي من البيانات الموجبة للتداخل، وبعد أن اتفقوا مع المسيو جمبتا، زعيم أكبر الأحزاب البرلمانية، لكي يتقوا كل سؤال في هذا الشأن يعن لأحد النواب طرحه عليهم، فيحرجهم ويزيد في حرج مركزهم، أرسلوا في مساء ذلك اليوم عينه إلى لندن المبالغ اللازمة لدفع استحقاق الغد.
وبينما تلك المداولة الوزارية تدور في باريس، كان قلق النفوس بالإسكندرية، لا سيما في البنوك ذات الشأن الكبير في استحقاق أول أبريل، قد بلغ أشده، وأخذت الهواجس تعذب القلوب عذابا أليما، لأن افتقار الحكومة الكلي إلى نقود كان معروفا لدى الجميع، وبالتالي تعذر الدفع عليها بما لديها من الوسائل، فإن لم يأت الفرج من الخارج، أفلا تقع الصاعقة؟
فلا غرابة والحالة هذه في أن الكرى هجر جفون رجال البنوك كلهم في الليلة ما بين 31 مارس وأول أبريل سنة 1876، وأن عيونهم اكتحلت بسواد الاضطراب الناشب في أفئدتهم، فأخذوا يساورون شجونهم باجتماعات هنا وهناك، يتداولون فيها فيما يجب عمله، ويترقبون بفارغ الصبر ورود الأنباء من الخارج، ويقيمون حول تواكيل التلغراف من يكفلونهم بأن يأتوهم بالإشارات البرقية ساعة ورودها، عسى أن يكون ضمنها الإشارة المنقذة، ويجتازون ساعات الليل وهم حاملون عبء يزداد شعورهم بثقله، كلما تقدمت تلك الساعات نحو النهار، واشتد الأمل بقرب الفرج.
فلما كان الفجر - وقد أخذ اليأس يخنق الحناجر، وبغلت مخالب الاضطراب صميم الأفئدة - وردت الإشارة الطيبة المنتظرة، وما هي إلا لحظة وطيرت في جميع أرجاء المدينة، فأوجبت ارتياحا عظيما، وشكرانا لرجال البنك العقاري الفرنساوي يشوبه شيء من التهكم.
على أن الطمأنينة التامة ما زالت مبتعدة عن القلوب، لعلم الناس أن الأزمة إنما انفرجت مؤقتا، وأن استحقاقات 10 أبريل و20 أبريل وأول مايو، وهلم جرا تقفو أثر استحقاق أول أبريل، وأنه ما دام الدين السائر متحركا في الفضاء المصري، كنجم ذي ذنب لا ضوابط له، وما دام وزير المالية حرا في تصرفاته، لا قيد عليه، فلا بد من بقاء الحال مضطربة، والخوف من المستقبل حيا.
على أن المسيو باستريه كان قد عاد إلى مخابراته، وطارت الأنباء بأنه أوشك أن ينجح فيها.
ولكن وزير المالية ولفيف المحيطين بالخديو اجتمعوا في الأثناء اجتماعا سريا، وشرعوا يتباحثون في اللازم عمله: «أيصبرون على سقوط موارد الثروة المصرية العمومية، الواحد تلو الآخر، وعلى الاستمرار على مص ثديي تلك الثروة، بالرغم من جفافهما، للتمكن من سداد الفوائد الهائلة الجائرة، المطالب بها جمهور المرابين، أصحاب الديون المصرية، الذين لو حوسبوا حسابا دقيقا لظهر أنهم استردوا فوائد ما أقرضوا أصلا، وزادوا عليه كثيرا؟ أيصبرون على ذهاب ثروة الخديو وثروة أسرته الكريمة برهن بعد رهن، وتحويل إيراد تلو تحويل إيراد إلى أيدي أولئك المرابين أنفسهم، الذين إنما غشوا في الأول، إذ أطمعوا في الاقتراض منهم، وتفرعنوا في الآخر، إذ علموا أنه لم يعد هناك باب لتحقيق المكاسب الفظيعة التي حققوها في بادئ عملهم؟ وما الفائدة من ذلك الصبر، إذا كان لا بد في النهاية من التوقف عن الدفع؟ فلم لا يكون التوقف منذ الآن - ولا يزال بعض الشيء في الأيدي - بدلا من التوقف بعد غد، إذ تكون بصرة قد خربت، ولات حين مندم؟»
Halaman tidak diketahui