327

Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Genre-genre

وكان نوبار مغرما بالمطالعة، لا سيما بمطالعة كتب التاريخ، ويحسن التكلم والكتابة بإحدى عشرة لغة مختلفة، وقد ساعده ذلك مع تفتق ذهنه، وسعة حيلته، وقوة تقديره للأشخاص والأمور، على إحراز مركز رفيع في اعتبار العالم السياسي الغربي، حتى إن رجاله فكروا مرتين في عهد منصب إمارة مستقلة إليه، إمارة الرومللي مرة، وإمارة أرمينيا مرة أخرى، ومع ميل نوبار إلى القبول، لا سيما إمارة أرمينيا وطنه الأصلي، كان يشعر بألم نفساني حقيقي كلما تصور أن ذلك قد يحول بينه وبين العود إلى السكنى بمصر، فهل كان هذا الشعور تصديقا لقول القائل: «إن من شرب ماء النيل لا ينسى حلاوته؟» أم إقرارا من نوبار بأن مصر أصبحت دون سواها وطنه الحقيقي المحبوب؟

مهما يكن من الأمر، وسواء أأخذنا من القول ذاته أن مصر، لما جبل أهلها عليه من دعة ودماثة في أخلاقهم، وحب غريب للغريب، وما يوجد في مناخها وثروتها وجمال سمائها من مرغبات للأجنبي عنها في الإقامة فيها دوما، تصبح وطنه المفضل على سواه، أم لم نأخذ منه إلا معناه الحرفي، فإن نوبار أبى إلا أن يموت ويدفن على ضفاف النيل.

وقد أقامت له بلدية الإسكندرية تمثالا في إحدى حدائقها اعترافا منها بما كان له من فضل في إقامة دعائم العدل وأسسه في البلاد، وإقرارا بأن العدل أساس الملك حقا، وقاعدته في كل رقي وتقدم، كما أنه روح كل مدنية حقة.

وقد أكد لنا صاحب العزة وهران نوبار بك - حفيده - أن جده ترك مذكرات تاريخية تقع في أربعة مجلدات، شرح فيها ما حضره شخصيا من الحوادث والوقائع في عهد الأمراء السبعة من البيت العلوي الذين خدمهم، فحبذا لو يسرع ابنه بوغوص نوبار باشا إلى نشرها! فيخدم الأدب التاريخي خدمة هو في أشد الاحتياج إليها، لا سيما أن تلك المذكرات هي الوحيدة من نوعها، وأن عموم الرجال الذين كانت لهم يد في حوادث القرن الماضي من أمراء مصر ووزرائها وغيرهم أبوا أن يحملوا أنفسهم عناء ترك مذكرات شخصية، كنا نستنير بالنور المنبعث عنها في اطلاعنا على تاريخ أيامهم، وإنه لجدير بنوبار أن يشذ عنهم.

وأما شريف باشا

7 - ويلي نوبار في أهميته السياسية، ويفوقه في نظر الكثيرين من المصريين، ولو أنهم لا يبنون تقديرهم له هذا إلا على ما عهدوه فيه من إباء، وعلو نفس، وكرم أخلاق، فهم يصفونه لذلك «بصاحب الهمة العلية، والنفس الأبية، والمروءة الوفية، والشرف الكامل، أخي المعالي، وخدن المفاخر، وزينة الرياسة، ونموذج العفة والاستقامة، وحليف الخير والكرم» - فقد كان ابن محمد شريف أفندي الشركسي العثماني، ولد بمصر القاهرة في شهر نوفمبر سنة 1826؛ إذ كان أبوه قاضي القضاة فيها، ولكنه فارقها إلى الأستانة العلية، وهو لا يتجاوز بعض الأشهر سنا حينما انقضت مدة السنة المعينة لوظيفة أبيه - كما كانت العادة في تنصيب قضاة الولايات العثمانية - ثم بعد ذلك ببضع سنين تعين أبوه لمنصب قضاء الحجاز، وفي ذهابه إلى الأقطار المشرفة للقيام بما عهد به إليه مر على مصر بعائلته، وتقابل (بمحمد علي) أميرها العظيم فقابله بالترحاب والتكريم، وفرح لمشاهدة نجله، حيث تفرس فيه العلاء والنجابة، وسأله أن لا يأخذه معه إلى الحجاز، وهو يقوم بشأنه وتربيته ويحسن مثواه، ويعوله كما يعول أولاده، فقبل هذه النعمة بالشكر، لعلمه بأن ولده يكون في مصر كما لو كان معه أو أحسن، فتركه فيها وسافر إلى محل مأموريته.

أما ولده فكان في ذلك الوقت في سن قابل للتعليم، فانتظم بأمر ساكن الجنان (محمد علي) في سلك تلاميذ مدرسة «الخانقاه» - وهي المدرسة التي أنشئت في سنة 1826 - لتعليم العلوم العسكرية، وناظرها المرحوم عثمان نور الدين أفندي، ومن تلاميذها أنجال الباشا العظيم محمد سعيد، وحسين، وحليم، وأنجال أنجاله، وأولاد الأمراء.

وقد كان انتشر في أوروبا خبر تأسيس هذه المدرسة بمصر قبل أن يشرع (محمد علي) في تأسيسها؛ إذ قد صادف وجود ناظرها عثمان نور الدين أفندي في باريس سنة 1825، ومقابلته بالمسيو چومار أحد مشاهير الفرنساويين الذين دخلوا مصر أيام الاحتلال الفرنساوي، فتكلم معه في شأنها، وفي شأن تأسيس مدرسة أخرى في باريس لتعليم من ينتخب من تلاميذ مدرسة «الخانقاه».

فلما عاد أخبر (محمد علي) بهذا الرأي، فاستصوبه، وفتحت في باريس مدرسة الرسالة المصرية، بشارع ريجار بقسم لوجزمبرج، وبعد سنة أرسل إليها أربعة وأربعون تلميذا، وتعين لهم ناظران؛ وهما المسيو چومار واستفان بك دمرچيان (الذي تولى فيما بعد نظارة الخارجية، ورياسة مجلس الدواوين في عهد سعيد باشا). وكان انتخاب هذا العدد من مدرسة «الخانقاه» بمعرفة (محمد علي)، ثم سافرت رسالة أخرى وفي مقدمتها سعيد وحليم وحسين (المتوفى في باريس) أولاد العزيز، وإسماعيل وأحمد ابنا ابنه إبراهيم، وشريف باشا وعلي مبارك باشا وعلي شريف باشا ومراد حلمي باشا عديل شريف باشا، وغيرهم من نجباء مدرسة «الخانقاه».

فاشتغل كل منهم بحسب لياقته وذوقه وميله بالعلوم التي اختارها لنفسه، فكان ميل شريف باشا إلى تعلم الفنون الحربية والعلوم العسكرية، ثم استعد للدخول في مدرسة سانسير، الشهيرة بتعليم الضباط العسكريين، وأدى الامتحان اللازم، وانتظم في سلك تلاميذها سنة 1843، فتقدم في علومها ووصل إلى أعلى فرقها، ثم انتقل منها إلى مدرسة تطبيق العلوم الحربية في سنة 1845، فمكث فيها سنتين كاملتين، ولما كانت أحكام هذه المدرسة تقضي على تلاميذها بالاستخدام سنتين بالجيش الفرنساوي تحت التمرين، دخل في الآلاي الواحد والعشرين، الذي كان في پرپنيان من مدن فرنسا تحت قيادة الأميرالاي ميراند، المتوفى في حرب القرم برتبة چنرال.

Halaman tidak diketahui