Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
وإن القوم لكذلك، وإذا بنبأ ذاع في الأندية الخاصة بأن الأميرالاي أرندروپ والقائمقام درهلز أقبلا يشتريان جزما طويلة وزمزميات وأشياء أخرى من التي يحتاج إليها في الحملات البعيدة، وما هما إلا يومان وفشا خبر سفر أرندروپ ودرهلز، ومعهما القائمقام رشدي ابن مدير أسوان التركي، واقتفاء الميجور دنيسون الأمريكي أثرهما ليلا.
وكان أرندروپ ملازما في المدفعية الدانماركية، جاء إلى مصر طلبا للصحة والعافية، فتعرف به الجنرال ستون الأمريكاني، وأعجب بأخلاقه وشمائله، فحمله الخديو على استخدامه في جيشه في وظيفة نائب أميرالاي، وما لبث أن رقي إلى رتبة أميرالاي، وعهدت إليه قيادة الحملة التي أعدت، فانضم إليه فيها الكونت زيشي النمساوي - وكان قد نوى تعيينه حاكما على أحد الأقاليم المنتظر فتحها - وأراكيل نوبار ابن أخي نوبار باشا - وكان في السابق محافظ مصوع، وطالما فكر في نيل فخار الفتح ومجده، ومنى نفسه بأكاليل الانتصار، أسوة بأبطال الأزمنة اليونانية، والرومانية القديمة، فكان من أكبر أنصار الحملة وأنشط العاملين على بعثها، بل كان هو الذي شكلها بأمانيه وأحلامه.
ولكي يختلط الأمر على النجاشي، أرسل أرندروپ إليه كتابا في 19 أكتوبر سنة 1875يهدئ خاطره، ويسكن مخاوفه، ويفهمه أن غرض حملته إنما هو تحديد التخوم بين الدولتين، لا التعدي والامتلاك، وكان يوحنا قد استولى على الحماسين، وأقام فيها قوة للمحافظة عليها، فانسحبت في أوائل أكتوبر حالما سمعت بمجيء أرندروپ، ولجأت إلى داخلية البلاد، تاركة فرقة فقط للمراقبة.
ومع أنه لم يصل أرندروپ مدد - بالرغم من أنه كان ينتظره - لكي يزحف إلى الأمام، فقد سار هذا الضابط بجيشه الصغير نحو (أسمرة) و(جودوفولاسي) و(عدى حواله)، وإذ لم يجد إلا مقاومة ضعيفة من الفرقة الحبشية المتروكة للمراقبة عند مقاطعة الحماسين، اتخذ (عدوة)، إحدى عواصم يوحنا، وجهة لسيره، وانطلق يجد نحوها غير مبال بالأخطار، وغير عامل أدنى حساب لقوى خصمه، بالرغم من أنه كان يجدر به أن يتيقظ ويحتاط.
فإن الأسلحة النارية من جهة لم تكن تعوز الأحباش؛ لأنه علاوة على ما ترك لهم منها اللورد ناپيير، وما سبق إدخاله منها بكثرة إلى بلادهم بواسطة زوجة متزنجر الحبشية، أيام أن كان زوجها قنصلا لإنجلترا وفرنسا في مصوع، فإن الحكومة الفرنساوية، في خريف هذه السنة 1875، أهدت إلى النجاشي عدة أسلحة نارية مختلفة، وأوصلها إليه في (عدوة) المسيو دي سارزاك، القنصل الفرنساوي بمصوع، الذي اجتاز للقيام بمهمته هذه صفوف أرندروپ نفسها دون أن تستطيع تلك الصفوف ، بسبب صفته الرسمية، أن توقفه وتستولي على الهدية، مع أنه كان يحق لأرندروپ أن يعتبرها صادرة عن نية عدائية ورامية إلى تعضيد الحبشان على مصر، فيصادرها، أو على الأقل يؤجل وصولها إلى المرسلة إليه حتى تضع الحرب ضده أوزارها. ومن جهة أخرى، فإن صحافيين إنجليزيين كانا قد رافقا حملته مذ أوغلت في بلاد الأعداء، وخدماه بضع خدم أثابهما عليها بمبلغ 200 ريال، اختفيا بغتة في جهة الأحباش دون أن يعلم بتأكيد: أفعلا ذلك من باب الخيانة، وليطلعا النجاشي على تصميمات الحملة المصرية، أم وقعا بالرغم منهما في الأسر؟
29
مهما يكن من الأمر، فإن يوحنا علم في 21 أكتوبر بزحف المصريين نحو (أسمرة)، فاستنفر في الحال عموم المقاتلين من رعاياه في سائر أنحاء مملكته، فتقاطروا إليه أفواجا أفواجا.
فسار من (عدوة) في 30 أكتوبر إلى مقابلة عدوه بجيش يعد بعشرات الآلاف، وكان أرندروپ قد تقدم نحو بلدة يقال لها (تزاتزيجا) حيث انضم إليه ألف سوداني من حامية (سنهيت) وحيث حشد قواه، فإذا بها تبلغ ألفين وخمسمائة جندي مسلحين ببنادق رمنجتن، وبطاريتين من المدافع الجبلية، وست بطاريات سواريخ، وجماعة من الخيالة، فسار بها إلى (ديباروا) و(عدى ماچنتا) و(جودوفولاسي)، وهاجم نقطة جيش بالقرب من (ماچنتا) ليلا، فانهزمت، ولم يجرح من المصريين سوى اثنين. ولما كانت جبال الأسمرة وعرة، وتسيير المؤن فيها عسيرا، اختير للسير بعد ذلك طريق (قياخور) و(جودوفولاسي)، فأقيم القائمقام رائف بك في ممر قياخور بأربع جماعات من البيادة، ومدفعين جبليين، وضم إليه الضابط درهلز بجماعتين من البيادة، ومدفعي ساروخ، ولكن هذا الضابط سار بعد ذلك إلى مركز في الأمام يقال له (تزاناتجلي)، وأقام في (ساجاينت) على مسيرة يومين جنوب (قياخور).
أما أرندروپ فتحصن في (جودوفولاسي)، وسير الكونت زيخي بست جماعات من السود، ومدفعين وساروخين للاستطلاع ، فتقدم الكونت في جهة (عدى حواله) على بعد عشر ساعات من (عدوة)، رائدا مستكشفا، فتأكد من قيام يوحنا بجيشه من عاصمته، وسيره إلى الحرب، فأخبر بذلك أرندروپ.
فزحف هذا بكل قوته إلى (عدى حواله)، وبلغها في 5 نوفمبر، فوجد زيخي مقيما على بعد ثلاثة أميال إلى الأمام في وادي قوندت بجماعتين من السود تحت قيادة الميجور إجلير، بالقرب من نهر يقال له المأرب، ولكن النقطة التي اختارها لكمينه لم تعجب الضابط دنيون، وعدها معرضة لأخطار جسيمة، فخالفه أرندروپ في رأيه، ووافق على بقاء زيخي فيها، ثم استدعى النائب (محمد)، وأرسله في 6 نوفمبر إلى الملك لفتح باب مخابرات معه.
Halaman tidak diketahui