Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
وكان جوردون، لما حضر المرة الثانية إلى دارفور، وعرج على (شكا) في 7 أبريل سنة 1879، وجد فيها بعض التجار الجعليين يهربون الأسلحة إلى سليمان في بحر الغزال، فألغى المديرية وشتت التجار، وأمد چيسي ببعض الذخائر، ثم توجه إلى الفاشر للنظر في ثورة هارون، فلم يلبث أن أتاه خبر من چيسي باستيلائه على ديم الزبير، وفرار سليمان إلى (غرة)، فخاف جوردون أن ينضم سليمان إلى هارون، فيصعب عليه إذلالهما معا، فعاد إلى (الطويشة)، وكتب إلى چيسي - فترك الجيش بقيادة ساتي بك في ديم الزبير، ووافاه إلى (الطويشة) ومعه يوسف باشا الشلالي في 25 يونية سنة 1879، وهو يوم تعس (لإسماعيل) - فأمره بمطاردة سليمان إلى (غرة)، وعاد يوسف باشا الشلالي إلى الخرطوم، فقاد چيسي العساكر من داره، وأخذ معه بعض مشايخ الزريقات والمغاربة أصحاب الثأر على الزبير، وسار حتى وصل الكلكتة، فأرسل رسلا بكتاب إلى سليمان يدعوه إلى التسليم.
وكان قد بلغ الزبير خبر خروج ابنه على الحكومة بسبب إدريس أبتر، فكتب إليه في 20 ديسمبر سنة 1878 يأمره بالرجوع في الحال إلى الطاعة وطلب العفو، وإلا كان الله ساخطا عليه، وهو كذلك! فلما وصل كتابه إلى سليمان - وكان قد خرج من بحر الغزال - استوعبه وصدقه، فلما دعاه چيسي إلى التسليم مال إليه.
ولكن رابحا خادم أبيه الأمين عارضه، فانقسم الجيش بهما إلى حزبين: حزب مال إلى التسليم، ورئيسه سليمان؛ وحزب أعرض عنه، ورئيسه رابح. فلما كان صباح 14 يولية سنة 1879 أتى سليمان إلى چيسي مسلما، ومعه 700 رجل، فيهم ثمانية من أقاربه، وكان في جيش چيسي كثير من الدناقلة الذين يكرهون سليمان والجعليين، فوشوا بالتعيس إلى چيسي قائلين إن تسليمه هو وأقاربه إنما هو خدعة، فصدق چيسي الوشاية، واتخذها مسوغا لقتلهم. فناداهم إلى خيمته ثاني يوم التسليم، وسقاهم القهوة، وكان قد أوعز إلى بعض الجند، فاحتاطوا بالخيمة، ثم خرج منها، فدخل بعضهم وأوثقوا سليمان وأقاربه، وجعلوهم صفا واحدا خارج الخيمة، ووقفوا خلفهم ورموهم بالرصاص، فانكبوا على وجوههم قتلى. وبعد ساعة أتى قناوي بك أبو عموري، فكفنهم وحفر لهم حفرة ودفنهم فيها.
فالخيانة والغدر ليسا من خصائص الشرقيين وشيمهم دون سواهم، كما يزعم الغربيون!
وبعد أن فرغ چيسي من أمر سليمان، عاد إلى ديم الزبير، فنظم فيه مديرية وجعل ساتي بك مديرا، والزبير ود الفحل وكيلا له، ومحمود المحلاوي مفتشا لمنع تجارة الرقيق، وقسم البلاد إلى ثمانية أقسام، وجعل في كل قسم منها نفرا من الباشبوزق والبازنجي، وجعل في ديم الزبير أورطة جهادية، وقفل راجعا إلى الخرطوم.
ثم نظم ساتي بك أورطة جديدة من أهالي البلاد، وجاء موسى بك شوقي قومندانا للعساكر من الخرطوم، ومعه ستة عشر كاتبا للقيام بأشغال المديرية، وبعد وصولهم بثلاثة أشهر حضر لپتون بك - وهو من البحارة الإنجليز - مديرا على بحر الغزال، وقومندانا للعساكر من قبل جوردون، وعاد موسى بك شوقي إلى الخرطوم، وبقي لپتون في بحر الغزال إلى أن قام المهدي، فاضطر إلى التسليم إلى أحد أنصاره.
أما چيسي باشا فقد اعترضه السد في الطريق، وهو راجع إلى الخرطوم، وفرغ منه الوقود والزاد، حتى أكل رجاله بعضهم بعضا، وأشرفوا على الهلاك، وإذا بباخرة قاصدة خط الاستواء أقبلت عليه، فرجعت بهم إلى فاشودة، فسار چيسي منها بمن بقي من رجاله، وفيهم قناوي بك أبو عموري، إلى الخرطوم، وقام منها قاصدا مصر عن طريق سواكن، فوافته المنية في السويس في 30 أبريل سنة 1881.
27
أما مد السكة الحديدية، فقد تكلمنا عنه في غير هذا المكان، على أن جوردون كان على رأي القائلين بمدها في طريق سواكن وبربر، لا في طريق النيل، والاكتفاء بمد فروع منها عند الشلالات؛ لأن النيل بين الشلالات صالح للملاحة، فلا يفتقر إلى سكة حديدية، ولكن (إسماعيل)، لعلمه أن الاكتفاء بمد سكة حديدية بين الخرطوم والبحر الأحمر إنما يحول عن مصر تيار تجارة السودان، أبى إلا أن يمدها على النيل؛ لكيلا ينفصل جزء سلطنته الجنوبي عن جزئها الشمالي. فيا ليت ماليته مكنته من تنفيذ رغبته!
وأما تحديد التخوم بين السودان والحبشة فكان قد أصبح من أهم المشاغل والأمور، ولكن لا سبيل إلى إدراك أهميته إلا بعد الوقوف على مجاري الحوادث التي أدت إلى قيام مسألة ذلك التحديد. ولإيقاف قرائنا عليها نقول:
Halaman tidak diketahui