Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
وكانت حركة الأفكار في الجاليات الغربية بالقطر قد قامت على قدم وساق، فاجتمع لدى المسيو موشكور، نائب الأمة الفرنساوية بالإسكندرية، وجوه الفرنساويين القاطنين الوادي الخصيب، وتداولوا في الواجب عمله، فأجمع رأي أغلبيتهم على استحسان المشروع الإصلاحي، عامة، بعد إدخال بعض تعديلات عليه، ولكن فئة منهم ذهبت إلى عكس ذلك؛ وما علم أعضاؤها بتكوين اللجنة بباريس لمراجعة أعمال لجنة القاهرة وقراراتها، وتمحيص غثها من سمينها، إلا وأرسلوا إلى رئيسها الرسالة التالية: «نحن الفرنساويين نرانا مضطرين إلى التأكيد أن هذا الإصلاح المزعوم سوف يكون خرابا لنا!»
وكان نوبار في تلك الأثناء قد سعى وهو عالم أن سعيه ليرتجى، فأوقفه عالي باشا على الشروط والتعديلات التي يرى الباب العالي وجوب إدخالها على المشروع، ليحوز قبوله، فما زال الوزير المصري برجال الديوان حتى حملهم على الاعتقاد بأن الإصلاح القضائي الراغبة الحكومة المصرية في إدخاله إنما هو شأن من شئون القطر المصري الإدارية المحضة؛ ومع أنه سلم، مبدئيا، بتعديل الأوجه الثلاثة المعترض من الباب العالي عليها التعديل المطلوب من رجال الأستانة، وقبل أن يعتبر تعيين القضاة الأجانب شيئا مؤقتا، فقط، ريثما يتسنى وجود قضاة أهليين من ذوي الكفاءة المعترف بها؛ وأن يعدل رأي رجال لجنة القاهرة بألا يختص غير المحاكم الجديدة بالنظر في التجاوزات التي قد تقع من قضاتها وهم مباشرون شئون وظائفهم، عاد بكيفية حكيمة، ونال مصادقة الديوان العثماني على مشروع موفق بين مطالبه وما ذهبت إليه مطالب رجال الهيئة السياسية الغربية في الأستانة عينها، وحاو لجميع الاشتراطات التي وضعتها لجنة القاهرة؛ ثم تمكن بدهائه وحذقه من جعل الصدر الأعظم عينه يسلم نسخة من ذلك المشروع إلى كل فرد من أفراد تلك الهيئة، لكي يرفعه إلى دولته؛ وسافر إلى العواصم الأوروبية لينال مصادقتها أيضا عليه.
وكان قد سبقه إليها منشور أرسله عالي باشا إلى سفراء الدول العلية في تلك العواصم أوضح لهم فيه مصادقة الباب العالي على المشروع القضائي المصري، بشرط أن لا تكون المحاكم الجديدة مختصة بنظر القضايا التي تنجم بين الأهالي وبعضهم؛ ولا بالحكم على الموظفين فيما قد يصدر عنهم من تجاوزات لحدود وظائفهم، وطلب إلى أولئك السفراء تعضيد نوبار باشا في مساعيه.
وحوالي منتصف شهر مايو سنة 1870 كانت اللجنة الفرنساوية - بعد سلسلة مفاوضات دارت بين نوبار باشا وبين المسيو دوڨرچييه رئيسها، والمسيو إميل أليڨييه رئيس الوزارة الفرنساوية، القائم بشئون وزارة الخارجية مقام وزيرها المتغيب - قد فرغت من أعمالها بباريس، ووضعت مشروعا من عندياتها أبلغته الحكومة الفرنساوية الحكومات الغربية الأخرى لتوقفها على آرائها في الموضوع.
وأهم ما جاء فيه: جعل عدد قضاة محاكم أول درجة سبعة، منهم أربعة أجانب؛ وعدد مستشاري محكمة الاستئناف أحد عشر، منهم سبعة أجانب؛ وضم محلفين وطنيين، ومحلفين أجنبيين من التجار إلى القضاة المشكلة منهم الجلسات التجارية، وأن يكون لهم صوت في المداولات؛ ووجوب مخابرة الحكومة المصرية الحكومات الغربية في كل تعديل يراد إدخاله فيما بعد على القوانين التي سيتفق عليها؛ وتأجيل العمل بالإصلاح الجزائي مؤقتا؛ والموافقة فيما عدا ذلك على ما أقرته لجنة القاهرة.
فوافقت عليه بأكمله حكومتا بطرسبرج وڨيينا؛ ورأت حكومة برلين، بعد مقارنته بالمشروع المصري الذي عدلته لجنة القاهرة الدولية، أن محكمة التمييز أصبحت غير مرغوب فيها، مذ جعل عدد قضاة أول درجة خمسة وعدد قضاة الاستئناف ثمانية في كل جلسة، لوجود الضمانة الكافية للمتقاضين في عدد القضاة هذا الكبير؛ وقالت: إنها تفضل أن يكون عدد مستشاري جلسات محكمة الاستئناف فرديا عنه زوجيا، اجتنابا لكل عرقلة في التصويت.
وأما حكومة إيطاليا فأحالت المشروع الفرنساوي إلى لجنتها المشكلة تحت رياسة الكاڨاليير ديزمبروا، والتي كان أحد أعضائها السنيور چياكوني.
فرأى (إسماعيل) أن الوقت بات مناسبا للاتفاق مع الدول على تعيين لجنة دولية يكون رأيها تنفيذيا، تمحص المشروع الواجب تنفيذه، مستخلصة إياه من المشاريع الثلاثة الموضوعة على بساط البحث، وهي: «المصري» الذي عدلته لجنة القاهرة و«العثماني»، و«الفرنساوي» - وكيفية جعله إلزاميا للجميع، ومنح نوبار باشا، لتحقيق هذا الغرض، سلطة مطلقة، ولكن الدول المختلفة رأت، قبل موافقة الخديو على ما يروم، وجوب اطلاعها على التشريع الذي ستحكم المحاكم الجديدة بمقتضاه؛ وطلبت نشر القوانين التي وعد بها؛ أي: القانون المدني، والقانون التجاري، وقانون المرافعات المدنية والتجارية، قبل الإقدام على أي إجراء يكون؛ وتركت جانبا، مؤقتا، قانون العقوبات وقانون تحقيق الجنايات، لاتفاقها على تأجيل الإصلاح الجزائي إلى حين.
ورأت الحكومة الإيطالية فوق ذلك، وأخذا بإشارة لجنتها، وجوب اتفاق الحكومة الخديوية مبدئيا مع الدول على تحديد عدد القضاة، ودرجاتهم، وعدد الموظفين الذين سوف تطلبهم من كل واحدة منها، وذلك حسما لمنافسات قد تنجم عن اتخاذ قواعد أساسا لذلك التحديد، غير الثلاث الآتية، وهي: أهمية الدول سياسيا؛ عدد أعضاء جالية كل منها؛ عدد قضايا كل جالية.
غير أن الخديو، لما عرض عليه السنيور دي مرتينو، قنصل إيطاليا العام بالقطر المصري، رغائب دولته، رأى تعديل القاعدة الأولى، واتخاذ قلة أهمية الدول السياسية بدلا من أهميتها المطلقة أساسا لتحديد عدد القضاة، وذلك توصلا إلى ملاشاة كل تزاحم على النفوذ قد يقع في خلد الدول الكبرى الإقدام عليه، بواسطة تفوق عدد قضاة إحداها على عدد قضاة غيرها، ورأى ترك أمر تحديد عدد الموظفين من كل دولة وتعيينهم إلى هيئات المحاكم عينها، بدون تداخل أية دولة فيه.
Halaman tidak diketahui