Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
وبما أن أغلبية المندوبين أجمعت على أن توحيد القضاء خير من بقائه موزعا، متضاربا، وطلبت من الحكومة المصرية تقديم مشروع مستوف، تام الإيضاحات، ومبين الضمانات كلها، ارفضت الجلسة على أن يقدم نوبار باشا تلك الإيضاحات في الاجتماع التالي.
وفي يوم السبت 11 ديسمبر انعقدت الجلسة في دار نوبار وتحت رياسته؛ وقد انضم إلى اللجنة عضوان جديدان: هما الهرفون فسكوه أندپتلنجن المندوب النمساوي الثاني، وكان مستشارا في مجلس الإمبراطورية الأوليكي الأعلى؛ والمسيو أوبرملر المندوب الروسي الثاني، وكان نائب قنصل روسيا بالإسكندرية، فأفاض نوبار باشا في بيان الأضرار الناجمة عن نظام القضاء القنصلي، والملازمة له ملازمة لا سبيل إلى تجريده منها، مهما كانت شخصية القناصل؛ وشرح مشروع الحكومة شرحا وافيا؛ وأجاب على ما أبداه المندوبون الإيطاليون والبريطانيون من التعديلات.
فأجمعت آراء الكل، ما عدا المندوبين الفرنساويين، على وجوب تقديم لائحة ترتيب المحاكم المنوية، مفصلة بالتدقيق، لإمكان المناقشة فيها، وأما المندوبان الفرنساويان، فقالا: إنه يجب على كل مندوب أن يقتدي بالإيطاليين والبريطانيين، ويقدم ملحوظات شخصية على المشروع الأصلي، لتزداد الحكومة المصرية تنورا، فقال نوبار: إن الحكومة المصرية إنما تقابل، بكل ارتياح وسرور، كل ما من شأنه زيادة اطمئنان الغربيين إلى المحاكم الجديدة؛ ووعد بتقديم لائحة ترتيب لها، مفصلة تفصيلا تاما، في الجلسة التالية.
هذه الجلسة عقدت في يوم الأربعاء 15 ديسمبر سنة 1869، مشكلة كسابقاتها وفي المكان عينه، فقدم المندوبان الفرنساويان تقريرهما فيها، وتلياه، فإذا به يحبذ النظام القنصلي القضائي، ويدفع كل عيب عنه؛ ويرى أن الأهالي إنما استفادوا من وجوده؛ وأن من لحقهم ضرر منه، في الحقيقة، إنما هم الأجانب؛ ولكنه اعترف، مع ذلك، بأن توحيد القضاء خير من إبقائه موزعا؛ وتناول مشروع الحكومة، فمحصه، وحبذ ما رأى تحبيذه فيه، وانتقد ما رأى انتقاده، وعلى الأخص في باب الضمانات المقدمة والمطلوبة، وأهم ما ورد فيه وجوب حضور مندوبين خصوصيين، تعينهم الدول غير القضاة، جلسات المحاكم، لإبداء آرائهم في القضايا المعروضة عليها؛ وإنشاء محكمة تمييز، فوق محكمة الاستئناف، تكون تحت رياسة وزير الحقانية - وبما أن هذه الوزارة لم تكن موجودة، فإن التقرير أشار بإنشائها - وتوحيد القانون في المواد التجارية والمدنية على السواء.
ثم قدم نوبار باشا لائحة ترتيب المحاكم الجديدة، التي وعد بها، فأجمعت الآراء على أن تبحثها اللجنة، مجتمعة، في الجلسة التالية، بعد مناقشة دارت على اقتراح قدمه المسيو تريكو، وعضده فيه زميله الفرنساوي، مؤداه تكوين لجنة خاصة لدرس تلك اللائحة، وتقديم تقرير عنها.
وفي جلسة 21 ديسمبر سنة 1869 - وقد انضم إلى أعضاء الجلسات السابقة المستر تشرلزهيل معتمد الولايات المتحدة الأمريكية وقنصلها العام بالقطر المصري، بناء على تعيينه من قبل دولته - انتقد مندوبا النمسا والمجر كيفية وضع اللائحة الترتيبية للمحاكم الإصلاحية، المقدمة من نوبار باشا؛ لأن فيها حشوا أو تقصيرا؛ وعرضا لائحة من صنع الهرفون فسكوه إجمالية ومفيدة، فبعد مناقشة لمعرفة أي اللائحتين تعرض للبحث، وفيما إذا كان يحسن تعيين لجنة لتحضير لائحة ثالثة تجمع بين آراء المندوبين كافة، تناول نوبار باشا بكل بساطة اللائحة التي جهزتها الحكومة المصرية، وقرأ: «هيا! لنتناقش، فليس الأمر كما ترون صعبا!» فدارت المناقشة، إذا، على مواد تلك اللائحة، فحذف منها اختصاص المحاكم بالنظر في القضايا القائمة بين أجنبي وأجنبي من جنسيتين مختلفتين، ولو أن جميع المندوبين أجمعوا على ترغيب حكوماتهم في تقرير اختصاص تلك المحاكم بذلك؛ وعدلت تسمية المدن التي تنشأ فيها؛ وقرر بعد مناقشة حادة إنشاء محكمة تمييز؛ ولما اتضح أن السير في المناقشات، على ذلك النمط، يطيل المباحث، ويستغرق زمنا طويلا، اتفقت الآراء على تعيين لجنة لترتيب مواد اللائحة، طبقا لمنطقية تفرع الأفكار من نصوص كل مادة، فانتخب كل من حضرات المندوبين فرنسيس، وفسكوه، وچياكوني، وپييتري أعضاء لتلك اللجنة، تحت رياسة نوبار باشا.
وفي جلسة 27 ديسمبر سنة 1869، طرحت اللائحة، كما عدلتها اللجنة، على بساط البحث أمام اللجنة العامة، فناقش المندوبون موادها في تلك الجلسة وفي جلسة 28 ديسمبر التالية؛ فاتضح أن كثيرين منهم، على ما لديهم من المعلومات وبالرغم من حسن نياتهم، كانوا متشبعين تشبعا تاما بمؤثرات مصالح الرعايا الغربيين الوهمية، لا الحقيقية، وعوامل الرغبة في المحافظة على الامتيازات القنصلية؛ بصفة أن معظمهم أعضاء في الجسم القنصلي العام، فنجم عن ذلك أن المباحث جرت في طريق وعر، شائك، وأن مهمة نوبار باشا ظهرت محفوفة بمثبطات أكثر وأكبر مما كان يتوقع.
ولكنه تجلد وتقوى؛ ونمت عزيمته على قدر ارتفاع العقبات والصعوبات أمامها؛ وتدرع بحكمة ولطف وسعة صدر، حيث كانت هذه الصفات واجبة؛ وبروح منكتة انتقادية، حيث كان يستحب دحض المزاعم بملحة أكثر منه ببرهان وحجة؛ وأظهر من تفتق الذهن وحضوره ما كان لا بد له معه من التغلب على كل مقاومة، وأشد ما دارت المناقشة فيه كان:
أولا:
على مسألة إنشاء محكمة تمييز، فوق المحكمتين الابتدائية والاستئنافية، فقرر إنشاؤها مبدئيا، على أن يعين قانون المرافعات، فيما بعد، دائرة اختصاصاتها.
Halaman tidak diketahui