244

Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Genre-genre

لذلك كان البيان الذي استوقف انتباهنا واعتبارنا، أكثر مما سواه، في ماجريات تلك الاحتفالات والأعياد العجيبة، بيانا قرأناه في كتاب وضعه مؤلف يقال له: المسيو «برتران» في حياة فردينان دي لسبس وأعماله، مؤداه على ما ذكرنا أن السلطان عبد العزيز أناب عنه في حفلة فتح الترعة العالمية السير إليوت سفير بريطانيا العظمى بالأستانة، وأن ذاك السفير قام فعلا بتلك المهمة، فوق تمثيله دولته في تلك الأعياد عينها.

فهل كان ذلك فألا أوجبته الأقدار على غير علم أو شعور من ذلك السلطان المنكود الحظ؛ أم كان توقعا مضطربا مبلبلا جال في فؤاده بأن فتح تلك الترعة من شأنه ، في يوم عتيد، سلخ مصر نهائيا عن دولته العثمانية السلطانية لإدماجها في جسم الدولة الإنجليزية الإمبراطورية؟

مهما يكن من الأمر، فإن انفصال مصر عن تركيا نهائيا، وإعلان بريطانيا العظمى حمايتها عليها منذ نيف وأربع سنوات،

26

يجعل قارئ التاريخ مأخوذ اللب، لدى وقوفه على نيابة سفير إنجلترا عن سلطان تركيا في حفلة فتح ترعة السويس؛ الترعة التي كان من شأنها إما زياردة توثيق عرى الاتصال الشديد بين تركيا ومصر، بعامل زيادة المصالح المتبادلة - وهو ما لم يحصل - وإما فصم تلك العرى بالمرة بعامل انقطاع الاتصال المادي، وقيام جمهور مصالح عالمية بجانب مصالح التابع والمتبوع - وهو الذي وقع.

ولا يبعد أن يكون بعض المفكرين من الذين حضروا تلك الحفلة، قربوا بين نيابة السير إليوت الإنجليزي عن سلطان تركيا فيها، وبين قول اللورد پلمرستن، وزير بريطانيا العظمى الأكبر، في مقاومته لمشروع حفر ترعة السويس، وهو: «إن نفاذ هذا المشروع يضطر إنجلترا إلى امتلاك مصر، وهو ما لا نريده»، فتطيروا، وتوقعوا منذ ذلك الحين ما وقع بعد مرور خمسة وأربعين عاما، والتاريخ كله عبرة لمن يعتبر!

على أن الباب العالي، إشعارا للعالم كله بأن عدم ترأس السلطان العثماني أكبر حفلة تاريخية أقيمت على أرض عثمانية في عرفه لم يكن ليزعزع حجرا واحدا في قواعد سيادته على القطر المصري، ما كاد يعلم أن ضيوف (إسماعيل) الفخام قد فارقوا بلاده حتى أرسل إليه في أواخر شهر نوفمبر، على يد مندوب سام، بلاغا نهائيا في شكل فرمان؛ أمره بمقتضاه بالخضوع حالا لأوامر تابعه، وإلا اتخذت ضده الإجراءات المبينة في التعليمات المزود بها حامل الفرمان، وأهم تلك الأوامر ما يختص بالامتناع عن عقد قروض إلا بتصريح سلطاني؛ ووردت في الوقت نفسه على (إسماعيل) إفادات برقية من سفراء فرنسا وإنجلترا والنمسا بالأستانة تشير عليه باللين مؤقتا، وإظهار ولو شبه امتثال للأوامر المرسلة إليه، فرأى نفسه مضطرا إلى مواجهة الباب العالي وحيدا، بدون معين أو عضد، بعد إنفاقه مبلغا طائلا في سبيل إكرام ضيوفه، أضعف خزينة حكومته المصرية - ولكنه كان يعلم من جهة أخرى أن الأوامر المكتوبة لم تكن، في عرف الدولة العلية، أكثر من حبر على ورق، إذا عرف المرء كيف يتقي مفعولها.

فلما وصل الفرمان إلى يده، أمر بتلاوته بسرعة في ميدان القلعة، بحضور المندوب العثماني، ونحو ستة من الموظفين، ليس بينهم من يفقه التركية إلا اثنان، وبعد إطلاق بضعة مدافع، إشعارا بتلاوته، ثم أحاط الباب العالي علما بما تم.

ولكنه أظهر له، في الخطاب ذاته، الذي أرسله إليه لهذا الغرض، أنه لا يعلق على ذلك أهمية مطلقا؛ وأنه بالرغم من امتثاله، حبا في المحافظة على السلم، للأوامر الواردة إليه، لا يرى أن حقوقه وامتيازاته الممنوحة إليه مست؛ بل يعتقد أنها لا تزال كما كانت، حيثما كانت.

فما كان من الباب العالي، ردا على هذا الكتاب، إلا أنه أبرق إليه بأن «أرسل حالا المائتي ألف بندقية ذات الإبرة السابق مشتراها منك، وكلف من يلزم بطولون بتسليم المدرعات المصنوعة هناك، لحسابك، إلى الضابط الذي يبعثه الباب العالي، لأجل استلامها!»

Halaman tidak diketahui