Mesir dalam Dua Pertiga Abad
مصر في ثلثي قرن
Genre-genre
«إن مسائل التعليم الأهلي كيفما تنوعت طرق حلها ذات اتصال بحياة الامم وفنائها»
اللورد مورلي
نصف التعليم في مصر - على سبيل التسامح - بأنه أجنبي ووطني، أما الأجنبي فالذي تنشره مدارس الجاليات الأجنبية، وأما الوطني فللأمة فيه نصيب عظيم، ونصيب الحكومة هو البقية الضئيلة.
هذه صورة الواقع على حقيقتها وعلى ما يشهد التاريخ من أنها قديمة، وقد عرف الناس جميعا أن التعليم الحكومي في مصر كالمريض الذي أعضل داؤه، فلا هو يموت ليريح أهله من بلواه ولا هو يشفى ليرجى نفعه وتؤمل فائدته.
ويدل الواقع الذي تبصره العين، على أن التعليم في مدارس الجاليات الأجنبية كان منذ وجدت هذه المدارس في مصر، ولم يزل كذلك كالتربة الخصبة يربو نباتها ويزهر غرسها وتعطي أكلها وفيرا شهيا، ولا كذلك التعليم في مدارس الحكومة فهو كالتربة السبخة، تستغرق جهد الزارع، وتنهب ماله في نفقتها، ثم تقتل البذر الذي يلقى لها.
يدخل المصريون مدارس الجاليات الأجنبية الفرنسوية والإيطالية والأمريكية، فتغذوهم ما لا تغذوهم مدارس الحكومة، فإذا أكملوا الدرس بها خرجوا بأهلية تامة، ووجدوا العدة للحياة العملية، فلا يشعرون أنهم آلات أخرجتها المدارس للحكومة فقط كما وصف اللورد كرومر غرض التعليم في مدارسها، ويذهب المصريون بأنفسهم إلى أوربا ليستوعبوا ما فاتهم من العلم في جامعاتها، فيعودون ببضاعة ليست مزجاة يغشون بها كل سوق من أسواق العلم والعمل فتروج.
أما مدارس الحكومة فيدخلها المصري إنسانا ثم يغادرها آلة لا تصلح إلا لعمل خاص معين هو خدمة الحكومة، فإذا سدت في وجهه أبواب هذه الخدمة انفتح له باب آخر واسع، هو باب العطلة، باب الفراغ، باب الضياع، باب النكبة التي تصيب الأمة في شبابها.
فهل المصريون أذكياء في مدارس الجاليات الأجنبية وفي جامعات أوربا، أغبياء في مدارس الحكومة المصرية؟ هل تتغير فطرة المصريين إذا دخلوا مدارس غير مدارس حكومتهم، ولا تتغير إذا دخلوا مدارسها؟ هل العلم شيء يتقيد بالمكان والزمان فهو يشرق في تلك الجامعات والمدارس، ولا يشرق في كل مكان ينسب إلى وزارة معارفنا؟ كلا، لا شيء من هذا كله، وإنما الأمر كما سترى.
قال اللورد مورلي: «إن مسائل التعليم الأهلي كيفما تنوعت طرق حلها ذات اتصال بحياة الأمم وفنائها».
ماذا يقول اللورد مورلي؟ يقول إنك تستطيع أن تتخذ التعليم الأهلي سبيلا للحياة كما تستطيع أن تتخذه سلاحا للفناء، ونحن لا نقول إن تعليم الحكومة كان خلال ثلث القرن الأخير أحد هذين الأمرين، ولكنا نرسم له ولما فعل به صورة صحيحة لا تنكرها سياسة التعليم نفسها لأن لها يدا في رسم هذه الصورة، ثم للناس أن يقولوا ما شاءوا.
Halaman tidak diketahui