Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genre-genre
وهكذا لم يتبع علي باشا خط السير الذي رسمه له البكوات، ومنذ 3 يناير سنة 1804 كانت قد بلغت هؤلاء في القاهرة أخبار محاولاته في رشيد، كما تأكد لديهم سوء نواياه بسبب القوة الكبيرة التي كانت معه والتي خرج بها من الإسكندرية على الرغم من اتفاقهم السابق معه على أن لا يزيد عددها على ألف بحال من الأحوال، فأرسل البكوات جيشا بقيادة الألفي الصغير إلى شبرا؛ لمنع الجزائرلي من دخول القاهرة وإرغامه على الوقوف عند «شلقان»، وكان؛ أي علي باشا، قد بلغها في 14 يناير، وخرج كذلك محمد علي وحسن بك مع الأرنئود وعسكروا بين شلقان وشبرا، وبلغ الخبر القاهرة في 16 يناير أنه قد تحرك فجأة من منوف وصار على مسافة قريبة من معسكر المماليك والأرنئود، فخرج عثمان البرديسي من القاهرة بمن بقي بها من المماليك والأرنئود، تاركا بالقاهرة إبراهيم بك ومعه حسين بك الزنطاوي على رأس رجاله السود واليونان حوالي الخمسمائة لحمايتها.
واجتمع الألفي الصغير بعلي باشا، وطلب منه أن يسير جنده إما إلى الشام وإما إلى الحجاز وأن لا يدخل القاهرة إلا بمائة فقط من أتباعه، وأرسل البرديسي إلى القاهرة في 20 يناير يقول إنه سيجتمع بعلي باشا في اليوم التالي، ويصر على وجوب تنفيذ «علي باشا» لما أمره به الألفي الصغير، وكتب «لسبس» من القاهرة في 21 يناير «إنه من الثابت قطعا أن هناك تفاهما سريا بين علي باشا وبين الأرنئود، وأن أكثر هؤلاء - إن لم يكونوا كلهم - موالون له، وعدد هؤلاء الأرنئود كبير، وبينهم عدد من العثمانلي مستخفين في ملابس الأرنئود، وقد بلغ ما مع علي باشا حوالي الأربعة آلاف ... وهو يرفض ما طلبه الألفي الصغير منه ويؤكد في الوقت نفسه حسن نواياه ... وكان يرجو عند خروجه من الإسكندرية أن يستطيع الدخول إلى القاهرة بسهولة واستلام حكومتها، وأما المماليك وعددهم الألف فهم يؤملون القضاء عليه قضاء مبرما، ولديهم كذلك حوالي الألف من الفرسان المغاربة، عدا جملة قبائل من العرب البدو في الجهات المجاورة للقاهرة موالين لهم.»
وطلب علي باشا العودة إلى الإسكندرية ولكن دون طائل، ورفض جنده الاشتباك في معركة مع المماليك والأرنئود بدعوى عدم وصول أمر من الأستانة بالقتال، ولأن عددهم يقل كثيرا عن عدد أعدائهم، وخشي الجزائرلي على نفسه من جنده أنفسهم، كما رأى عبث المقاومة بعد أن سقطت مراكبه في يد أعدائه من جهة، وكشف الأرنئود سر محاولاته معهم للبكوات المماليك، ووجد نفسه محاطا بجيش المماليك والأرنئود، فقرر الرضوخ لإرادة البرديسي وانتقل إلى معسكره في 21 يناير وفي نفس الليلة الأولى التي قضاها علي باشا في معسكر البرديسي أرسل خفية رسولا برسالة إلى عثمان بك حسن بقنا «يطلبه للحضور إلى مصر ليكون معينا له ويعده بإمارة مصر».
ولكنه حدث أن قبض البكوات على هذا الرسول بجهة «البساتين» ووقعوا على الرسالة، كما ضبطوا رسائل له إلى الشيخ السادات بالقاهرة يطلب منه تحريك القاهريين على المماليك، وإثارة الشغب للثورة ضدهم، فواجهوا الجزائرلي بهذه الرسائل (25 يناير) ولم يستطع نفيها، فاستقر الرأي عندئذ على إرساله إلى الشام في طريقه إلى القسطنطينية، وأمر من فوره بالخروج مع العسكر من أتباعه إلى غزة، لأنه لا أمان لهم معه.
وفي نفس اليوم كتب البرديسي إلى «ماثيو لسبس» يذكر له ما حدث، فقال: «إنه بالرغم من صنوف التكريم والتعظيم التي أحيط بها علي باشا، فإنه لم يقابل ذلك إلا بالكتابة إلى أشخاص مختلفين في القاهرة وإلى البكوات في الصعيد، وقد استولى «البرديسي» على هذه الرسائل التي تأكد له منها غدر الباشا وسوء نواياه، وقد كان الاتفاق معه أنه إذا أخطأ مع البكوات فليس له أن يؤاخذهم على عواقب خطئه ويكون مستحقا عندئذ للموت، ولكن «البرديسي» اكتفى بإعادته إلى المكان الذي جاء منه قبل الاتفاق معهم، وأرسلوه عن طريق غزة إلى القسطنطينية في صحبة السناجق سليمان بك صهر إبراهيم بك ومحمد بك الملواني «المنفوخ» ظهر اليوم نفسه.»
وفي 26 يناير عاد البرديسي ومحمد علي إلى القاهرة، وفي 27 يناير كتب «لسبس» يؤكد أن الجزائرلي قد قطعت رأسه في أثناء السير كما قتل قريبه حسن بك ووقع كبار ضباطه أسرى في أيدي البكوات، وكان مقتله عند «القرين» بين بلبيس والصالحية.
ومع أن البكوات أذاعوا أن علي باشا أراد في أثناء الطريق الغدر بالصناجق والمماليك الذين صحبوه لإبعاده خارج الحدود المصرية، وأنه أراد «أن يكسبهم بمن معه ليلا»، فكشف أمره سائس يعرف التركية «فتحذروا منه، فلما كسبوهم وقعت بينهم محاربة وقتل منهم عدة من المماليك وخازندار محمد بك المنفوخ، وانجرح المنفوخ أيضا جرحا بليغا، وأصيب الباشا وصاحبه من غير قصد والليل ليس له صاحب فقضي عليه، وكان ذلك مقدورا وفي الكتاب مسطورا»، فقد ذكر الشيخ الجبرتي أن العسكر المغاربة «عملوا مع خدم الباشا مشاجرة وجسموها إلى أن تضاربوا بالسلاح فقامت الأجناد المصرية من خلفهم فصار الباشا ومن معه في الوسط والتحموا عليهم بالقتال، وضرب الباشا بعض المماليك منهم بقرابينه فأصابته، وقتل معه ابن أخيه حسن بك وكتخدا.»
وسواء قتل علي الجزائرلي قضاء وقدرا أم كان مقتله عن عمد وإصرار سابق، فقد كان هو نفسه المسئول الأول عن هذه الخاتمة المروعة التي اختتم بها حياته بسبب دسائسه ومكائده، فقد كتب «دروفتي» إلى الجنرال «برون» منذ 12 يناير: «أن الوكيل الإنجليزي بالإسكندرية قد أكد له أن لديه ما يحمله على الاعتقاد بأن علي باشا لن يدخل القاهرة بسهولة ويخشى أنه سوف يرغم على النكوص على أعقابه»، ولكن البكوات الذين كان أحد أغراضهم الرئيسية من إخراج علي الجزائرلي من الإسكندرية، تهيئة الفرصة لاستيلائهم عليها ذاتها ما كانوا ليوافقوا بتاتا على عودته إليها؛ ولذلك فقد أصروا على إخراجه من البلاد، ثم فتكوا به للخلاص من شره دفعة واحدة، وتنفذ بذلك الشطر الأول من برنامجهم الذي كشف عنه «مسيت» منذ 18 نوفمبر سنة 1803، وكانت خطوة البكوات التالية هي محاولة الاستيلاء على الإسكندرية.
ثالثا: البكوات ومسألة الإسكندرية
وكان علي الجزائرلي بسبب سوء حكمه في الإسكندرية قد سبب تذمر الأهلين منه وسخط القناصل عليه، أما فيما يتعلق بالأولين فقد ذكر الشيخ الجبرتي أن مدة إقامة علي باشا بالإسكندرية كانت عهدا من «الجور والظلم ومصادرات الناس في أموالهم وبضائعهم وتسلط عساكره عليهم بالجور والخطف والفسق. هذا إلى جانب ترذيله لأهل العلم وإهانته لهم، حتى إنه كان يسجن الشيخ محمد المسيري الذي هو أجل مذكور بالثغر المزور، وإذا دخل عليه مع أمثاله وكان جالسا اتكأ ومد رجليه قصدا لإهانتهم».
Halaman tidak diketahui