Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genre-genre
وظاهر من هذا المشروع - كما أسلفنا - أن القاعدة الأساسية التي ارتكز عليها كانت استرجاع المماليك لجميع امتيازاتهم وحقوقهم التي تمتعوا بها قبل مجيء الحملة الفرنسية، ثم وضع حكومة البلاد الفعلية في أيديهم مع بقائهم تحت سيادة تركيا الاسمية التي يمثلها رسميا وجود الباشا العثماني في مصر، ودفع الخراج للباب العالي، وظاهر كذلك أن هذا المشروع كان في صالح المماليك، وهم الذين اعتقد «هتشنسون» واعتقدت الحكومة الإنجليزية كذلك أن في وسعهم الدفاع عن مصر.
على أنه مما يجدر ذكره أن «هتشنسون» لم يستشر حلفاءه الأتراك في هذا الترتيب وقت وضعه، مع العلم بأن القبطان حسين باشا كان معه عندما أكد القائد الإنجليزي وعوده للمماليك وقت مقابلتهم له بعد حادث «كفالييه»، بل وجعل القبطان باشا يعدهم في حضوره بإرجاع ممتلكاتهم وامتيازاتهم السابقة إليهم بضمان «هتشنسون».
غير أن المماليك «اشتكوا من هذه الشروط في أول الأمر واعتبروها غير مفيدة لهم، بل وتضعهم في مركز يقل كثيرا عن ذلك المركز الأول الذي تمتعوا به سابقا»، وكان بعد تردد أن وافقوا عليها، ولما كان «هتشنسون» لم يستشر القبطان باشا أو الصدر الأعظم يوسف ضيا في أمرها فقد امتنع كلاهما عن قبولها ولكنهما وافقا عليها بعد تردد، وكان ذلك - ولا شك - نتيجة لضغط «هتشنسون» عليهما؛ لأنه كما قال: «قد أوضح للقبطان باشا مبلغ اهتمام الحكومة البريطانية بهذا الموضوع ورغبتها في حماية المماليك، وجعله يعطي كتابة كل التأكيدات اللازمة للمماليك»، وعلى ذلك فإنه بمجرد تسليم القاهرة في 27 يونيو صار الصدر الأعظم والقبطان باشا ينتحلان مختلف الأعذار للتحلل من هذه الشروط وعدم تنفيذها.
وكانت مهمة «هتشنسون» في الشهور التالية حتى وقت رحيله من مصر أن يطالب الصدر الأعظم والقبطان باشا، ثم «الريس أفندي» بتنفيذ الارتباطات التي ارتبط بها مع البكوات المماليك أمام إلحاح هؤلاء في مطالبة «هتشنسون» بتنفيذ وعوده لهم.
فقابل القائد الإنجليزي ومعه سكرتير «إلجين» الخاص المستر «هاملتون»
William Richard Hamilton
الصدر والقبطان، وكان «إلجين» قد بعث سكرتيره من القسطنطينية عندما طلب «الريس أفندي» بقاء جزء من الجيش البريطاني في مصر بعد طرد الفرنسيين منها، فتمت المقابلة في 9 يوليو ووعد الصدر والقبطان بالنظر في مطالب المماليك وإعادة قراهم وأملاكهم إليهم سريعا، ولكن «هتشنسون» اعتقد أن القبطان باشا على وجه الخصوص كان مخاتلا وغير مخلص في وعوده، وقال «هتشنسون» إنه اكتشف بعد ذلك أن القبطان باشا لم يكن معاديا للمماليك فحسب، بل وشديد العداوة لأي تدخل في موضوع الحكومة المنتظر إقامتها في البلاد، أو التسوية النهائية التي يجب إقرارها.
وكان «هتشنسون» محقا فيما ذهب إليه؛ لأن تعليمات وأوامر الباب العالي كانت وقتئذ - وعلى نحو ما ذكرنا عند الكلام عن تركيا والمماليك - إرجاع البلاد إلى حظيرة الدولة العثمانية كمقاطعة من مقاطعات هذه الدولة فحسب، مع إلقاء القبض على أكبر عدد مستطاع من هؤلاء المماليك وإرسالهم إلى القسطنطينية، وعلى ذلك فقد بعث المماليك في 14 يوليو يشكون إلى «هتشنسون» من عدم تنفيذ الصدر الأعظم لوعوده وانتفاء أي ضمان يطمئنهم على أرواحهم أو أملاكهم، ويبلغونه عزمهم على الذهاب إلى الصعيد؛ حيث يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بقدر المستطاع في هذه الجهات البعيدة.
وأزعج قرار المماليك هذا هتشنسون إزعاجا كبيرا؛ لأنه يحرمه من القوة التي اعتقد أن في وسعها وحدها الدفاع عن البلاد في وقت كان لا يزال فيه الجنرال «منو» متحصنا بالإسكندرية، وليس هناك في نظر هتشنسون ما يمنع الفرنسيين من إنزال قوات جديدة في مصر، وخشي القائد الإنجليزي إذا حدث ذلك أن يقبل المماليك على مساعدتهم مساعدة جدية، «ولذلك - كما قال هتشنسون - رأى لزاما عليه إذا تعذر إنشاء صلات ود وصداقة بينهم وبين الأتراك، أن يبذل قصارى جهده على الأقل حتى يجعل المماليك معادين للفرنسيين»، فكتب إلى الريس أفندي في 17 يوليو إنه علم - بكل أسف - أن الصدر الأعظم بالرغم من وعده له بإرجاع قرى وأملاك المماليك إليهم لم يكتف بعدم السماح للمماليك بتسلم بيوتهم في القاهرة، بل في طردهم منها بما في ذلك أرملة مراد بك، ومهمتي إبلاغك أن المماليك تحت حماية «إنجلترا»، وحسب الأوامر التي وصلته قد وعدهم بالعفو والحماية وكسبهم إلى جانبه وجانب حلفائه الأتراك بفضل الوعود التي يعتبرها مقدسة أعظم تقديس، ولا يريد خيانتهم في اللحظة التي يعتبر انضمامهم فيها إلى البريطانيين والأتراك على جانب عظيم من الأهمية؛ ولذلك فهو يطلب من الريس أفندي رسميا أن يعطي الصدر الأعظم وعدا كتابيا إلى المماليك بإعادة أملاكهم وقراهم إليهم فورا، وقال هتشنسون: «وأما إذا كان «الريس أفندي» يعتقد أنه بالقضاء على المماليك يستطيع الاستقرار في مصر، فإنه يخطئ خطأ كبيرا؛ لأن هذه إنما هي الطريقة الأكيدة لإثارة الحرب الأهلية، والتي بها يفقد «العثمانيون» مصر كذلك؛ لأن «الإنجليز» لا يمكنهم أن يعودوا مرة ثانية لفتح البلاد وإعادتها إليهم ...»
وبعد يومين من إرسال هذا الكتاب طلب الصدر الأعظم مقابلة «هتشنسون»، وطلب إليه؛ حيث إنه يرغب في إجابة رغباته بشأن المماليك، أن يبين له الأساس الذي يجب أن يقوم عليه الترتيب الذي ذكر «هتشنسون» للصدر قبل ذلك أنه موجود بينهم وبين الباب العالي، فذكر هتشنسون موجز مشروعه الذي سبقت الإشارة إليه والذي يهدف - كما قال - «لإقامة حكومة في مصر على دعائم ثابتة مستديمة، الأمر الذي لا يتسنى بتاتا تحقيقه بدون معاونة أو مساعدة المماليك، ولو أن «هتشنسون» يعتبر من واجبه أن يعلن للصدر الأعظم أنه ينظر دائما للمماليك كرعايا للسلطان العثماني، وأن مصر ملك للسلطان العثماني لا المماليك، وأن هؤلاء قد اعترفوا بهذه السيادة، وأنه كان على هذا الأساس أن أعطيت لهم حماية بريطانيا»، على أن يقوم المماليك من جهتهم بدفع الخراج مع زيادة قيمته لتعويض السلطان عن نفقات الحرب، وعلى أن لا يكون الباشا المرسل من القسطنطينية سجينا في القلعة، فوعد الصدر بإرجاع بيوت المماليك وأملاكهم إليهم، ودعا هؤلاء لمقابلته وأكد لهم ذلك (22 يوليو)، وبدأ ينفذه فعلا، وأبدى المماليك ارتياحهم، «وبدا أن كل شيء في هذه اللحظة قد سوي».
Halaman tidak diketahui