343

Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Genre-genre

وانتهز إبراهيم فرصة وجوده بالقرب من شاهين بك الألفي، وقصر الأخير بالجيزة، فصار يسعى للتأثير عليه حتى يترك الباشا وينقض عهده معه، واستخدم إبراهيم في هذا المسعى عبد الرحمن بك تابع عثمان بك المرادي المعروف بالطنبرجي، فزار شاهين الألفي، وأفلح المسعى عندما وعد إبراهيم بك شاهين بالرئاسة على بيت مراد مدى الحياة إذا هو انضم بفرسانه إلى فرسان البكوات الآخرين حتى يستطيعوا جميعا مقاومة محمد علي، وكان الظفر بالرئاسة على البكوات جميعهم سواء من بيت الألفي، وهو البيت الذي ينتمي إليه شاهين، أم من بيت مراد الذي يتزعمه عثمان بك حسن وإبراهيم بك نفسه من قديم، ثم عين محمد علي لرئاسته في الظروف التي ذكرناها سليم بك المحرمجي إغراء قويا لم يستطع شاهين مقاومته، كما صار إبراهيم يؤكد له أن محمد علي لا يبغي سوى القضاء على كل سلطة لهم والكيد لهم جميعا، ولا يسعى للصلح معهم إلا للغدر بهم، وهكذا أفلح رسول إبراهيم بك، عبد الرحمن الطنبرجي «وحول دماغه، واتفق معه على الانضمام إليهم والخروج عن الباشا.» ولا يشك «دروفتي» في أنه كان للوكلاء الإنجليز يد في انشقاق شاهين على الباشا؛ فقد ثابر هؤلاء - كما ذكر في كتابه إلى حكومته في 19 مايو 1810 - على تحريض شاهين، لإثارة الحرب الأهلية في البلاد كما هو شأنهم دائما، والدليل على أن أحد وكلائهم أكد لشاهين منذ حوالي أسبوعين فقط أن «السير روبرت أدير»

Adair

السفير الإنجليزي في تركيا، على وشك مغادرة القسطنطينية، وأن إنجلترة عند انفصام علاقاتها مع الدولة سوف تبعث بجيشها إلى مصر، كما صار هؤلاء الوكلاء يروجون الإشاعات عن انتصار البحرية البريطانية في البحر الأحمر واستيلاء الإنجليز على إحدى الجزر الهامة تجاه الشاطئ الحبشي.

ونمى إلى الباشا خبر هذه المؤامرة، فعدل عن الذهاب إلى إبراهيم بك، وكان قد أشيع في الناس يوم وصول إبراهيم بك إلى الجيزة في 16 مايو تعدية الباشا من الغد للسلام على إبراهيم بك، فلم يثبت، وظهر أنه لم يفعل، فقد أصبح مبكرا (يوم 17 مايو) إلى شبرا وجلس في قصره، وحضر إليه شاهين بك الألفي في سفينته وتناقش معه محمد علي، ووقع بينهما مكالمات، ورجع من عنده شاهين عائدا إلى الجيزة منفعل الخاطر، ثم إن الباشا عرض عساكره فاجتمع إليه الجميع، وبدأ اللغط وكثرت اللقلقة.

وما إن وصل شاهين إلى الجيزة، حتى «أزر حريمه وأركبهن وأرسلهن إلى الفيوم ونقل متاعه وفرشه من قصر الجيزة في بقية اليوم، وكسر المرايات وزجاج الشبابيك التي في مجالسه الخاصة، ثم ركب في طوائفه وأتباعه وخشداشينه ومماليكه، وذهب إلى عرضي إخوانه وقبيلته، ونصب خيامه ووطاقه بحذائهم، واجتمع بهم وتصافى معهم، ونال شاهين جزاءه، فنصبه إبراهيم بك وسائر البكوات رئيسا على الأمراء المرادية»، وكان خروج شاهين الألفي من الجيزة بمثابة الإشارة للمماليك المقيمين بالقاهرة حتى يغادروها، وعدد هؤلاء حوالي الستين، فما لبثوا أن تركوها قاصدين إلى معسكر البكوات.

وكان هذا الحادث أمرا خطيرا؛ لأنه لم يسبق بتاتا ومن زمن طويل - كما كتب «دروفتي» في رسالته السالفة الذكر - أن صار يضم جميع المماليك معسكر واحد.

وكان طبيعيا أن يتخوف الباشا من اجتماع كلمة المماليك بهذه الصورة، فبادر من فوره (في اليوم نفسه؛ أي في 17 مايو) بإيفاد حسن باشا وصالح آغا قوج إلى البكوات ببر الجيزة فقصدا إلى عرضي الأمراء وسلما عليهم، ثم اجتمعا بشاهين الألفي وتغديا عنده، وحاولا إثناءه عن موقفه ولكن دون طائل، ثم قصدا إلى إبراهيم بك، وجرى بينهما وبينه كلام كثير، حاول حسن باشا تذكير إبراهيم بعهده الذي قطعه على نفسه بقبوله الصلح في أسيوط، وحاول إبراهيم تحريض حسن باشا على الانتقاض على محمد علي، فنشأت بين الرجلين محاورة تكشف عن بواعث الحقد الذي كان يغلي في صدر إبراهيم على محمد علي، وعدم ثقته به، وإصراره على مناوأته، وإمعانه في العداوة له، وتقيم الدليل على أن إبراهيم بك وسائر البكوات من حزبه أو جماعته كانوا يضمرون غير ما يظهرون منذ أن بدأت مفاوضات الصلح معهم إطلاقا من أواخر عام 1807 وأوائل العام التالي إلى وقت قبولهم صلح أسيوط في سبتمبر وأكتوبر 1809، وحضورهم إلى الجيزة في مايو 1810.

وقد سجل الشيخ الجبرتي وسائر المعاصرين الحديث الذي دار بين حسن باشا وإبراهيم بك في خيمة هذا الأخير أمام الجيزة، ولا خلاف فيما ذكره هؤلاء عن الكلام الذي دار بين الرجلين، ولو أن رواية الشيخ الجبرتي تحوي تفاصيل أدق وأوفى.

قال حسن باشا لإبراهيم: إنكم وصلتم إلى هنا لتمام الصلح على الشروط التي حصلت بينكم وبين الباشا، والاتفاق الذي جرى بأسيوط، ويكون تمامه عند وصولكم إلى الجيزة واجتماعكم، وقد حصل.

فقال له إبراهيم بك: وما هي الشروط؟

Halaman tidak diketahui