298

Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Genre-genre

وفي 22 سبتمبر حضر محمد علي باشا من غيبته، وطلع على ساحل بولاق ... وذهب إلى داره بالأزبكية، ثم طلع ثاني يوم إلى القلعة ...»

وفي 8 ديسمبر 1808 عزل الباشا السيد محمد المحروقي من نظارة الضربخانة، ونصب بها شخصا من أقاربه، وكان متولي أمانة الضربخانة السيد أحمد المحروقي، فلما توفي في ديسمبر 1804، عين الباشا ابنه السيد محمد مكان أبيه في أغسطس 1805، واستمر في منصبه حتى عزله الآن محمد علي، وكانت قد جرت العادة بأن يدفع المتولي لشئونها مال الميري الذي عليها، وعوائد الباشا وكتخداه والمرتبات إلى أصحابها، على أن يكون المتبقي له بعد دفع أجر الخدمة والمصاريف، فضمن تعيين أحد أقارب الباشا على دار الضرب أو سك النقود، حصول الباشا على هذا المتبقي، أضف إلى هذا أن الإشراف على عملية سك النقود ذاتها كانت عملية في وسع الباشا الانتفاع منها، من حيث تحديد نسبة المعادن الخالصة، كالفضة أو الذهب عند مزجها بغيرها لسك العملة المطلوبة، فيدخل خزانته الفروق بين قيمة المعدن المستخدم في سك النقود، وسعر التداول المعين لها.

وثمة عملية أخرى، كانت مصدر ربح للباشا، هي تغيير صرف النقود الفضية والذهبية كالريال الفرانسة، والمحبوب، والمجر، من أنواع العملة الطيبة التي استمر اختفاؤها من السوق، واستخدامها في تجارة الوارد، وقد اختفت كذلك العملة الصغيرة؛ أي الفضة العددية من أيدي الناس والصيارف؛ «لتحكيرهم عليها، ليأخذها تجار الشوام بفرط في مصارفتها تضم للميري، فيدور الشخص على صرف القرش الواحد فلا يجد صرفه إلا بعد جهد شديد، ويصرفه الصراف أو خلافه للمضطر بنقص نصفين فضة أو ثلاثة»، وبلغ صرف الريال الفرانسة إلى مائتين وأربعين، والمحبوب إلى مائتين وخمسين، فنودي في نوفمبر 1808 على المعاملة بأن يكون صرف الريال الفرانسة بمائتين وعشرين، والمحبوب بمائتين وأربعين. وفي أبريل 1809 نودي مرة ثانية على صرف الفرانسة والمحبوب والمجر، كما نودي في العام الماضي، ويعلل الشيخ الجبرتي ذلك بقوله: «لأنه لما نودي بنقص صرفها، ومضى نحو الشهر أو الشهرين، رجع الصرف إلى ما كان عليه وزيادة، فأعيد النداء كذلك، وسيعود الخلاف ما دام الكرب والضيق بالناس، على أن هذه المناداة والأوامر بالنقص والزيادة ليست من باب الشفقة على الناس، ولا الرحمة بهم، وإنما هي بحسب أغراضهم وزيادة طمعهم، فإنه إذا توجهت المطالبات بالفرض والمغارم، نودي بالنقص، ليزيد الفرض، وتتوفر لهم الزيادة، ويحصل التشديد والمعاقبة على من يقبض الزيادة من أهل الأسواق، وإذا كان الدفع من خزانتهم في علائف العسكر أو لوازمهم الكبيرة، قبضوها بأزيد من الزيادة التي نادوا عليها، من غير مبالاة ولا احتشام، تناقض ما لنا إلا السكوت عنه.»

وتناول الشيخ الكلام عن المعاملة مرة أخرى، فأسهب في شرح هذه العملية التي لم ير فيها إلا وسيلة لاختلاس أموال الناس، وذلك بمناسبة المناداة في أواخر 1810 وأوائل 1811 على صرف المحبوب بزيادة صرفه ثلاثين نصفا، بينما كان المحبوب يصرف - كما رأينا - بمائتين وخمسين من زيادات الناس في معاملاتهم، ونادوا بالنقص وقتذاك، فعادوا الآن ينادون بالزيادة، وذكر الشيخ الغرض من ذلك ، ثم ما كان يحدث من نقص في وزن وعيار العمل المتداولة التي تصدرها دار الضرب أو الضربخانة واختفاء النقود الصغيرة من الفضة، أو نصف فضة - كما كانت تسمى - وهي «الميدي» المحرفة عن «المؤيدي»: مسكوكات مصنوعة من خليط الفضة والنحاس وقيمتها واحد على أربعين من القرش، واختفاء غيرها من الخمسة فضة، والعشرة فضة، والعشرين فضة أو نصف القرش، فقال في حوادث 28 / 12 / 1810-25 / 1 / 1811: «وفي هذه الأيام نودي بالزيادة، وذلك بحسب الأغراض والمقاصد والمقتضيات، ومراعاة مصالح أنفسهم، لا المصلحة العامة، هذا مع نقص عياره (عيار المحبوب) ووزنه عما كان عليه قبل المناداة، وكذلك نقصوا وزن القرش، وجعلوا القرش على النصف من القرش الأول، ووزنه درهمين، وكان أربعة دراهم، وفي الدرهمين ربع درهم فضة، هذا مع عدم الفضة العددية»؛ أي نصف الفضة أو الميدي وسائر المسكوكات الصغيرة التي ذكرناها، وعدم وجودها بأيدي الناس والصيارف، وإذا أراد إنسان صرف قرش واحد من غيره، صرفه بنقص ربع العشر، وأخذ بدله قطعا صغارا إفرنجية، يصرف منها الواحدة باثني عشر، وأخرى بعشرة، وأخرى بخمسة، ولكنها جيدة العيار، وهم الآن يجمعونها ويضربونها بما يزاد عليها من النحاس، وهو ثلاثة أرباعها، قروشا؛ لأن القطعة الصغيرة التي تصرف بخمسة أنصاف فضة وزنها درهم واحد وزني، فيصيرونها أربعة قروش، فتضاف الخمسة إلى ثمانين، وكل ذلك نقص واختلاس أموال الناس من حيث لا يشعرون.

ثم طرق الشيخ الموضوع نفسه في ديسمبر 1811 ويناير من العام التالي، فلاحظ ما طرأ على صرف المعاملة من زيادة فاحشة من جهة، ونقص في وزنها وعيارها من جهة أخرى، وطفق يشرح هذه الظاهرة، فقال: «وذلك أن حضرة الباشا أبقى دار الضرب على ذمته، وجعل خاله ناظرا عليها، وقرر لنفسه عليها في كل شهر خمسمائة كيس، بعد أن كان شهريتها أيام نظارة المحروقي خمسين كيسا في كل شهر، ونقصوا وزن القروش نحو النصف عن القرش المعتاد، ونادوا في خلطه حتى لا يكون فيه مقدار ربعه من الفضة الخالصة، ويصرف بأربعين نصفا، وكذلك المحبوب نقصوا من عياره ووزنه.

ولما كان الناس يتساهلون في صرف المحبوب والريال الفرانسة ويقبضونها في خلاص الحقوق ومن المماطلة والمفلسين وفي المبيعات الكاسدة بالزيادة لضيق المعايش، حتى وصل صرف الريال إلى مائتين وخمسين نصفا والمحبوب إلى مائتين وثمانين، ثم زاد الحال في التساهل في الناس بالزيادة أيضا عن ذلك، فينادي الحاكم بمنع الزيادة، ويمشي الحال أياما قليلة، ويعود لما كان عليه وأزيد، فتحصل المناداة أيضا ويعقبونها بالتشديد والتنكيل بمن يفعل ذلك، ويقبض عليه أعوان الحاكم ويحبس ويضرب ويغرمونه غرامة، وربما مثلوا به وخرموا أنفه وصلبوه على حانوته، وعلقوا الريال في أنفه ردعا لغيره.

وفي أثناء ذلك إذا بالمناداة بأن يكون صرف الريال بمائتين وسبعين والمحبوب بثلاثمائة وعشرة، فاستمع وتعجب من هذه الأحكام الغريبة التي لم يطرق سمع سامع مثلها.

هذا مع عدم الفضة العددية في أيدي الناس، فيدور الشخص بالقرش وهو ينادي على صرفه بنقص أربعة أنصاف، نصف يوم حتى يصرفه بقطع إفرنجية، منها ما هو باثني عشر أو خمسة وعشرين أو خمسة فقط، أو يشتري من يريد الصرف شيئا من الزيات أو الخضري أو الجزار، ويبقى عنده الكسور الباقية، يوعده بغلاقها، فيعود إليه مرارا حتى يتحصل عنده غلاقها، وليس هو فقط بل أمثاله كثير.

وسبب شحة الفضة العددية، أنه يضرب منها كل يوم بالضربخانة ألوف مؤلفة يأخذها التجار بزيادة مائة نصف في كل ألف، يرسلونها إلى بلاد الشام والروم، ويعوضون بدلها في الضربخانة الفرانسة والذهب؛ لأنها تصرف في تلك البلاد بأقل مما تصرف به في مصر.

وزاد الحال بعد هذا التاريخ حتى استقر على صرف الألف مائتين، وتقرر ذلك في حساب الميري فيدفع الصارف ثلاثين قرشا عنها ألف ومائتان ويأخذ ألفا فقط، والفرانسة والمحبوب بحسابه المتعارف بذلك الحساب، والأمر لله وحده .»

Halaman tidak diketahui