Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genre-genre
فراج عليه؛ أي أحمد آغا لاظ ذلك التمويه، وركن إلى زخرف القول، وظن أن الباشا لا يصله بمكروه، ولا يواجهه بقبيح من القول، فضلا عن الفعل؛ لأنه كان عظيما فيهم، ومن الرؤساء المعدودين، وصاحب همة وشهامة وإقدام، جسورا في الحروب والخطوب، وهو الذي مهد البلاد القبلية، وأخلاها من الأجناد المصرية (المماليك)، فلما خلت الديار منهم، واستقر هو بقنا وقوص، وهو مطلق التصرف، وصالح آغا (قوج) بالأسيوطية، ثم إن الباشا وجه صالح آغا إلى الحجاز، وقلد ابنه إبراهيم باشا ولاية الصعيد، فكان يناقض عليه أحمد آغا المذكور في أفعاله، ويمانعه التعدي على أطيان الناس، وأرزاق الأوقاف والمساجد، ويحل عقد إبراماته، فيرسل إلى أبيه بالأخبار، فيحقد ذلك في نفسه، ويظهر خلافه ويتغافل، وأحمد آغا المذكور على جليته وخلوص نيته.
فلما وصلته الرسالة، اعتقد صدقه؛ أي محمد علي، وبادر بالحضور في قلة من أتباعه، حسب إشارته، وطلع إلى القلعة ليلة السبت، وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان 1227 (3-4 أكتوبر 1812)، فعبر عند الباشا وسلم عليه، فحادثه وعاتبه، ونقم عليه أشياء، وهو يجاوبه ويرادده، حتى ظهر عليه الغيظ، فقام كتخدا بك وإبراهيم آغا، فأخذاه وخرجا من عند الباشا، ودخلا إلى مجلس إبراهيم آغا، وجلسوا يتحدثون، وصار الكتخدا وإبراهيم آغا يلطفان معه القول، وأشارا عليه بأن يستمر معهما إلى وقت السحور وسكون حدة الباشا، فيدخلون إليه، ويتسحرون معه، فأجابهم إلى رأيهم، وأمر من كان بصحبته من العسكر، وهم نحو الخمسين بالنزول إلى محلهم، فامتنع كبيرهم، وقال: لا نذهب ونتركك وحيدا، فقال الكتخدا: وما الذي يصيبه، وهو همشري، ومن بلدي، وإن أصيب بشيء كنت أنا قبله، فعند ذلك نزلوا وفارقوه، وبقي عنده من لا يستغني عنه في الخدمة.
فعند ذلك أتاه من يستدعيه إلى الباشا، فلما كان خارج المجلس، قبضوا عليه، وأخذوا سيفه وسلاحه، ونزلوا به إلى تحت سلم الركوب، وأشعل الضوى المشعل ، وأداروا أكتافه، ورموا رقبته، ورفعوه في الحال، وغسلوه وكفنوه ودفنوه، وذلك في سادس ساعة من الليل، وأصبح الخبر شائعا في المدينة.
وأحضر الباشا الخجا، وطولب بالتعريف عن أمواله وودائعه، وعين في الحال باشجاويش ليذهب إلى قنا، ويختم على داره، ويضبط ما له من الغلال والأموال، وطلبت الودائع ممن هي عنده، التي استولوا عليها بالأوراق، فظهر له ودائع في عدة أماكن، وصناديق مال وغير ذلك، ولم يتعرض لمنزله ولا لحريمه.
وعندما نقل «دروفتي» إلى حكومته في 4 أكتوبر، خبر إعدام أحمد آغا لاظ، قال: إن محمد علي قد تخلص من الرجل الوحيد الذي بقي من بين كبار ضباط جيشه، يخشى من مطامحه وشجاعته ونفوذه في الجند، وتأثيره عليهم.»
وهكذا، تم لمحمد علي تطويع الجند، وإبعاد كبار الضباط والرؤساء الذين تعذر عليهم التسليم بالحقيقة والواقع، وكان الباشا لا يعدو في نظرهم، زميلهم القديم في السلاح، ساعدوه في مغامرته، فوصل إلى الحكم والسلطان، ولما كان الواجب يقتضيه - في رأيهم - أن يرضخ لرغباتهم ونزواتهم، بدلا من أن يسلك مسلك السيد معهم، ويفرض عليهم سلطانه، وتوهموا أنهم إذا غامروا مثل مغامرته سهل عليهم غصب الحكم منه، ما دام يصر على إنهاء الفوضى في الجيش، ومحاسبة ضباطه ورؤسائه حسابا عسيرا، على كل حركة تمرد أو عصيان تبدر منهم، مهما قل شأنها، ومهما كانت أسبابها.
على أن هناك ملاحظة جديرة بالاهتمام، هي أن الباشا ما كان يستطيع تطويع الجند من أرنئود ودالاتية وغيرهم، وإقصاء محرضيهم على الثورة والعصيان لو أنه عجز عن دفع مرتبات العسكر، أو إعطاء كبار الضباط الذين أراد نفيهم المنكسر لهم من المرتبات والعلائف لتجريدهم من الوسائل التي قد يتذرعون بها للتباطؤ في الخروج، وإطالة مكثهم بالبلاد، وكان من المتعذر على الباشا نفيهم من مصر عنوة لتعصب زملائهم لهم، كما وقع في حوادث رجب آغا وياسين بك الأرنئودي، وعمر بك، وصالح قوج، ولم يتخلص الباشا بالقتل من أحمد آغا لاظ، إلا بعد أن كان قد تم له كسر شوكة كبار الضباط الأرنئود، وعلاوة على ذلك ، فقد كان مما يسر انفضاض سائر الرؤساء والجند، من حول صالح قوج، أن الباشا أعطى الكثير من رواتبهم - كما مر بنا - إلى حسن باشا وعابدين بك، وهما اللذان بقيا من كبار الأرنئود، واشتركا في كل الانقلابات، وأسهما في التدابير التي مكنت محمد علي من الوصول إلى الحكم، والتغلب على الصعوبات التي اعترضت باشويته، من حين المناداة بولايته إلى وقت القضاء على المماليك في مذبحة القلعة، واستتباب الأمن نهائيا تبعا لذلك لحكومة محمد علي.
ولذلك، فقد كان المال في هذه الفترة (1807-1811)، كما كان في فترة التجربة والاختبار التي سبقتها (1805-1807)، عصب الحكم والأداة الفعالة في دعم أركان الولاية، ومثلما كانت حاجة محمد علي إلى المال شديدة وملحة قبل عام 1810، فقد ظلت هذه الحاجة قائمة، بل وزادت شدتها في السنوات التالية. (4) المسألة المالية (4-1) الحاجة إلى المال
وتضافرت أسباب عدة - غير دفع مرتبات الجند، وما تطلبه نفي وإبعاد المحرضين على الثورة والتمرد، والمتآمرين على سلامة الدولة - على استمرار الحاجة الملحة إلى المال، وقد سبقت الإشارة إلى بعض هذه الأسباب عند الكلام عن المشكلات التي واجهت محمد علي عقب توليه الولاية، ولكن زاد على هذه الآن غيرها، فمن عوامل الأزمة المالية المزمنة، النظام المتبع في دفع رواتب الجند، والذي ألمعنا إليه في مناسبات سابقة، وبمقتضاه ينال كل رئيس من الرؤساء العسكريين، أو كبار الضباط، مرتبات أربعة أنفار عن كل جندي واحد من الذين تتألف منهم الفرقة التابعة له والخاضعة لقيادته، حتى إن الباشا صار يدفع مرتبات ستين ألف جندي، لجيش لم يتجاوز عدده وقتئذ ستة عشر ألف جندي فحسب.
أضف إلى هذا تعذر تنظيم الإدارة المالية، ووضع ميزانية تقديرية على الأقل، لضبط أبواب الإيراد والمنصرف، فظلت مصادر الإيراد، من ضرائب مباشرة وغير مباشرة، منوعة ومتعددة، ثم زيدت عليها السلف والقروض الإجبارية، من الوطنيين والأجانب على السواء، وهذا عدا المصادرات، والاستيلاء على قوافل التجارة، وإلزام أصحابها افتداءها بقدر من المال، وغير ذلك من الأساليب التي سوف يأتي ذكرها لاستنضاح المال. وظلت أبواب الإنفاق غير محددة، فهناك إلى جانب الخراج الذي يدفع سنويا للقسطنطينية، ومرتبات الجند، ونفقات الإدارة العادية، نفقات لا سبيل إلى تجنبها، كلما حضر الرسل والقصاد من لدن الباب العالي، يحملون فرمانات التثبيت في الولاية، وكانت هذه تصدر لتجديد الولاية سنويا؛ حيث إن الباشوية لم تكن وراثية، كما كثر مجيء هؤلاء الرسل يحملون الفرو والقفاطين والسيوف، علامة رضا السلطان على الباشا، أو ينقلون إليه بشرى التثبيت فحسب، وفي كل مرة يحضر فيها هؤلاء الرسل والقصاد، ومن بينهم من كان صاحب مكانة، زيادة في تكريم الباشا - على حد قول الديوان العثماني - وجبت الحفاوة بهم، والإغداق عليهم بالعطايا والهدايا والبقاشيش لا لأنفسهم فحسب، بل ولرجال الديوان في دوائر الباب العالي، وفي سراي السلطان نفسه، وقد استرعت النفقات الجسيمة التي يتكلفها هؤلاء الرسل نظر الشيخ الجبرتي، فقال معلقا على كثرة إرسال الباب العالي لهم، يحملون الأوامر والمراسيم، إما لتجديد الولاية، أو لإظهار رضاء السلطان، أو لغير ذلك من الشئون التي كان يفتعلها رجال الديوان العثماني افتعالا، بغية الظفر بالمنح والعطايا والبقاشيش من محمد علي: «ومحل القصد من ورود هذه البيورولديات والفرمانات والأغوات والقبجيات، إنما هو جر المنفعة لهم، بما يأخذونه من خدمهم، وحق طريقهم، من الدراهم والتقادم والهدايا.
Halaman tidak diketahui