Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genre-genre
وقد رفع محمد علي ولديه طوسون وإبراهيم إلى الباشوية في شهر أبريل 1809، وخصص لهما منازل لإقامتهما، وجعل لكل منهما حاشية كبيرة، وأحاطهما بالحراس والضباط، وقد أضفى عليهما محمد علي هذه الرتبة الرفيعة، كإنعام من خصائص السلطة التي يتمتع بها، يمنحه الباشا لمن يشاء، ودون الرجوع في ذلك إلى رأي الباب العالي، وقد فسر المعاصرون مقصد محمد علي من ذلك بأنه الرغبة في تعويد أهل مصر على مشاهدة أعضاء أسرته يمارسون السلطة الفعلية في البلاد، وإقناعهم بأن الباشا قد صمم على البقاء في حكم هذا القطر، فلا يتوقعون حدوث تبديل أو تغيير، ويرسخ في أذهانهم أن حكومة الباشا باقية، وتصبح هذه الحقيقة أمرا مسلما لديهم.
وكان لهذه الغاية ذاتها؛ ولأن الباشا قد قرر فعلا البقاء في باشويته، مهما كانت الظروف والأحوال، إلا إذا أرغمته قوة خارقة على التخلي عنها، أن بعث محمد علي يدعو سائر أفراد أسرته، زوجه الأولى وبصحبتها بنتيها وولده الثالث إسماعيل، أخو طوسون وإبراهيم، فما إن وصلوا من قولة إلى الإسكندرية ، حتى ذهب إبراهيم بك لاستقبالهم في 26 مايو 1809. وفي 28 مايو عاد إبراهيم إلى القاهرة، واتخذت الاستعدادات لملاقاة الأسرة في بولاق يوم 31 مايو، «فنبهوا على جميع النساء والخوندات، وكل من كان لها اسم في الالتزام، أن يركبن بأسرهن ويذهبن إلى ملاقاة امرأة الباشا ببولاق، وذلك صبح اليوم المذكور، واعتذرت الست نفيسة المرادية بأنها مريضة، ولا تقدر على الحركة والخروج فلم يقبلوا لها عذرا.» ويصف الشيخ الجبرتي هذا الاستقبال فيقول: «فلما كان صبح يوم 31 مايو اجتمع السواد الأعظم من النساء بساحل بولاق على الحمارة المكارية، وهم أزيد من خمسمائة مكار، حتى ركبت زوجة الباشا، وساروا معها إلى الأزبكية، وضربوا لوصولها وحولها بمصر عدة مدافع كثيرة من القلعة والأزبكية، ثم وصلت الهدايا والتقادم، وأقبلت من كل ناحية الهدايا المختصة بالأولاد والمختصة بالنساء.»
وكان من بين الواصلين من قولة، ابن بونابرتة الخازندار، وكثير من أقارب وأهالي الرؤساء الأرنئود، من بطانة الباشا، وقد نجح الباشا - ولا شك - فيما قصد إليه من حضور كل هؤلاء، وهو المقصد الذي ذكره المعاصرون - على نحو ما أسلفنا - فكتب الشيخ الجبرتي معلقا على ذلك بقوله: «فإنهم لما طابت لهم مصر واستوطنوها وسكنوها ونعموا فيها أرسلوا إلى أهاليهم وأولادهم وأقاربهم بالحضور، فكانوا في كل وقت يأتون أفواجا أفواجا نساء ورجالا وأطفالا.» وهكذا كان من الواضح أنه صار راسخا في أذهان أهل البلاد أن حكومة الباشا قد توطدت دعائمها، مع ما يستتبع ذلك من تعود المصريين رويدا رويدا على تلقي التوجيه من هذه الحكومة صاحبة السلطان في البلاد، وعدم الانسياق وراء نصح وتوجيهات هيئات أو أفراد آخرين تعودوا في الماضي القريب على قبول النصح منهم كالمشايخ والعلماء، أو عدم التردد في نبذ أوامر الباب العالي نفسه، التي تعودوا على احترامها، وذلك إذا جاءت هذه مناقضة لصالح الباشا.
وفي واقع الأمر، كان محمد علي في هذه الأثناء، قد قطع شوطا كبيرا في سبيل دعم أركان ولايته، حتى إنه صار لا يخشى بأسا من علاقاته مع الباب العالي بالصورة التي تتفق مع مصالح باشويته فحسب ، فمضى في تصدير الغلال إلى مالطة والتعامل مع الإنجليز، بالرغم من أوامر الباب العالي الذي أراد منع إعطاء الغلال للدول الأجنبية، وكانت المسألة الوحيدة التي أذعن فيها الباشا لإرادة الديوان العثماني، هي السهر على تحصين الثغور والاستعداد لدفع الغزو الأجنبي عن البلاد إذا وقع، وقد اتفق النشاط في هذه الناحية مع مصلحة الباشا نفسه، وقد سبق الحديث عن جهود محمد علي في تحصين الإسكندرية ورشيد بصورة جدية، منذ أن وصله عن طريق الإنجليز، في الظروف التي ذكرناها، في أوائل عام 1808، الخبر بخروج عمارة الفرنسيس إلى البحر بسيسيلية، وربما استولوا عليها، وكذلك مالطة، فكان في أواخر يناير من هذا العام أن جمع رجال الباشا عدة كثيرة من البنائين والنجارين وأرباب الأشغال لعمارة أسوار وقلاع الإسكندرية وأبي قير والسواحل. ثم حدث في ديسمبر من العام التالي أن وصلت أخبار بأن عمارة الفرنساوية نزلت إلى البحر وعدة مراكبهم مائتان وسبعة عشر مركبا محاربين، ولا يعلم مقصدهم أي جهة من الجهات، وحضر ثلاثة أشخاص من الططر المعدين لتوصيل الأخبار، وبيدهم مرسوم مضمونه الأمر (من الدولة العثمانية) بالتحفظ على الثغور، فعند ذلك أمر الباشا بالاستعداد وخروج العساكر. وفي منتصف ديسمبر 1809 سافر جملة من العساكر إلى ناحية بحري، فسافر كبير منهم ومعه جملة من العسكر إلى الإسكندرية، وكذلك سافر خلافه إلى رشيد وإلى دمياط وأبي قير والبرلس.
ثم تزايد إلحاح الباب العالي في طلب الغلال من مصر، وظهر تكدره من مراوغة الباشا له الذي لم يشأ - كما أسلفنا - أن يبعث إلى القسطنطينية بما يسد حاجتها من الغلال، ويكف عن تصدير غلاله إلى الإنجليز، فوصل القاهرة، قابجي في فبراير 1810 وعلى يده مراسيم بطلب ذخيرة وغلال، ووردت الأخبار في الشهر نفسه من الديار الرومية بغلبة الموسكوب واستيلائهم على ممالك كثيرة، وأنه واقع بإسلامبول شدة وحصر وغلاء في الأسعار وتخوف، ولم ير الباشا مناصا من تجهيز بعض شحنات الغلال لإرسالها إلى القسطنطينية، ولكنه لما كان يرى في إمداد الدولة بالغلال تعويقا لمشاريعه التجارية، ويتوقع تكدر العلاقات بينه وبينها لعدم استجابته لكل مطالبها، فقد تحدث إلى «دروفتي» عن مشروع استقلاله (في نوفمبر من العام نفسه)، وذكر أنه ليس على علاقات طيبة جدا مع الباب العالي، غير أن مباحثاته مع «دروفتي» لم تسفر - كما عرفنا - عن النتيجة التي ينشدها، فضلا عن أن مفاوضاته مع الوكلاء الإنجليز بصدد استقلاله قد باءت هي الأخرى بالفشل. وعلى ذلك، فلم يكن هناك معدى عن أن يحاول الباشا التقرب من الباب العالي، وتحسين صلاته به، لعله يظفر منه بمأربه.
ولقد اعترضت جهوده مع الديوان العثماني، من أجل الفوز برضاء الباب العالي، في هذه المرحلة - عدا تصدير الغلال إلى الأجانب، وعدم الثقة الكامنة لدى الفريقين نحو بعضهما بعضا - طائفة من الصعوبات التي كان مبعثها المباشر إصرار الباب العالي من ناحية على إنفاذ جيش من مصر لقتال الوهابيين، ثم طرد يوسف كنج باشا دمشق من ولايته، ولجوؤه إلى محمد علي من ناحية أخرى، ومحاولة هذا الأخير إبعاد سليمان باشا الكرجي والي عكا وصيدا من حكومة دمشق التي دانت له بعد خروج يوسف كنج منها، ومع أن محمد علي ظل ممتنعا عن الخروج إلى الحجاز مدة طويلة، وظل الباب العالي من جهته ممتنعا عن إعادة يوسف كنج إلى ولايته، فقد انفرجت الأزمة رويدا رويدا بين الباشا والباب العالي، عندما وعد السلطان آخر الأمر بإعطاء الحكم الوراثي لمحمد علي في مصر، ولو أنه جعل تنفيذ هذا الوعد مشروطا بنجاح محمد علي في إخماد حركة الوهابيين، وقرر الباشا إنفاذ الحملة إلى الحجاز، بعد أن كان قد فرغ من دعم أركان باشويته وقضى على البكوات المماليك، وهم أشد خصومه مناوأة لسلطان باشويته، في مذبحة القلعة، ثم تبين له أن في وسعه أن يجني من حملته في بلاد العرب فوائد عدة تزيد من توطيد سلطانه في باشويته. (9) مسألة الحرب الوهابية
فقد لقيت دعوة محمد بن عبد الوهاب تأييدا كبيرا منذ أن تعهد محمد بن سعود أمير الدرعية في عام 1744 بنشر الدعوة في البلاد العربية، وبايعه الشيخ على أن يكون إماما يتبعه المسلمون، وصار عبد العزيز بن محمد بن سعود يغزو في الجزيرة (شمالها وغربها وشرقها وجنوبها) ففتح الرياض، ثم القصيم (1773-1775)، وغزا الأحساء، وسار ابنه سعود في طريقه، وتوفي محمد بن عبد الوهاب سنة 1792، وقت أن كانت جيوش الشريف غالب بن مساعد، شريف مكة، زاحفة من الحجاز لمحاربة أهل نجد دون طائل. وفي سنة 1800 دخل سعود كربلاء، وانهزمت جيوش الدولة التي بعث بها سليمان باشا والي العراق إلى الأحساء لمحاربة أهل نجد فيها، ولكنه حدث بعد سقوط كربلاء - مقر الشيعة المعروف - أن اغتال رجل شيعي الإمام عبد العزيز في الدرعية في السنة نفسها، وكان عبد العزيز قد عين قبل وفاته بخمس عشرة سنة ابنه سعودا خلفا له. وفي عام 1803 دخل سعود مكة، بعد أن جلا عنها الشريف غالب إلى جدة. وبعد عامين استولى الوهابيون على المدينة، ثم اتجهت أنظارهم إلى الشمال، فوصلوا إلى حوران والكرك، ووقفوا منتصرين على أبواب الشام وفلسطين، وأوقعوا الهزيمة بجند الدولة الذين خرج بهم والي الشام عبد الله العظم للحج في عام 1805، ووجدت الدولة العثمانية - وقد انكسرت جيوش ولاتها في العراق والشام - أن تطلب من محمد علي أن يتولى بنفسه إنقاذ الحرمين الشريفين ودحر الوهابيين.
وكانت الدولة، منذ أن بلغها عزم عبد العزيز بن سعود على مهاجمة الحرمين الشريفين، قد بعثت منذ منتصف ديسمبر 1802 تطلب إلى خسرو باشا والي مصر وقتئذ «والي دفترداره» خليل رجائي أفندي، إرسال نجدة من مائة وخمسة وعشرين ألف قرش إلى والي جدة، ومثلها إلى أحمد باشا متصرف «إبج إيل»
Itch Il
الذي رقي وزيرا وعين حاكما عسكريا للمدينة المنورة، على أن يذهب خسرو باشا من فوره إلى جدة ومعه عدة وافرة من الجند والمدافع والذخيرة، وعلى أن يذهب أحمد باشا الموجود وقتذاك بدمياط إلى المدينة وبصحبته عدد من الجند، ولكن هذا الأمر لم ينفذ بالنسبة لخسرو باشا أصلا، بسبب الحوادث التي مرت بنا والتي انتهت بطرده من الولاية، ثم تأخر ذهاب أحمد باشا نفسه إلى الحجاز حتى أرغم هو الآخر على مبارحة القاهرة في يونيو 1803.
Halaman tidak diketahui