Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genre-genre
وكان في شهر مارس أن انحلت مسألة السفينة «لاروز»؛ حيث أصدر الباب العالي فرمانا أمر فيه بإرجاع البضائع المصادرة إلى أصحابها، المرسلة هذه إليهم، بالإسكندرية، وإرجاع السفينة إلى ربانها على أن يرفع هذا العلم العثماني عليها، ولم يكن هذا الحل، بالحل الذي يريده «سانت مارسيل» الذي شهد المدافع تطلق من الطوابي بالثغر تحية لهذا العلم عند رفعه، وقال: «إن المال الذي وزع بسخاء على رجال الحكومة بالإسكندرية، كان من أثره مظاهرات الاحترام هذه التي لم يكن من عادة المسئولين إجراؤها.»
وانتهت مسألة هذه السفينة، في الوقت الذي ذاع فيه خبر عقد الصلح بين الباب العالي وإنجلترة جاء به إلى الثغر إبريق إنجليزي، احتفل بمقدمه قنصلا إسبانيا والنمسا، فرفعا أعلام دولتيهما احتفاء به، ورحب حاكم المدينة بقبطان هذا الإبريق الذي نزل إلى البر لزيارته وتسليمه رسائل باسم محمد علي باشا، وقد سبق أن تحدثنا عن الأثر الذي أحدثه ذيوع نبأ الصلح بين تركيا وإنجلترة، ومسعى «دروفتي» لدى الباشا الذي ظفر منه بوعد قاطع بأن الحرب إذا قامت فعلا بين فرنسا والباب العالي فإنه لن يحيد عن معاملته الودية السابقة للوكلاء والرعايا الفرنسيين في ولايته.
ولكن كثرة الصعوبات التي صادفها «دروفتي» في عمله كوكيل فرنسي في هذه البلاد، منذ خروج الإنجليز من الإسكندرية، ورواج الشائعات عن قرب الغزو الفرنسي لهذه البلاد، ونشاط تجارة القمح مع إنجلترة، وهي الصعوبات التي كان آخرها ما نشأ الآن عن عقد الصلح بين الأتراك والإنجليز لم يلبث ذلك كله أن جعل «دروفتي» يسأل حكومته أن تنقله من بلد صار يصفه بأنه متوحش، ولا قدرة له على الإقامة به إذا قامت الحرب فعلا بين فرنسا وتركيا، فكتب في 9 أبريل 1809 يقول تعليقا على الوعد الطيب الذي أعطاه له محمد علي: «ومع أنه ليس من الحكمة دائما الركون إلى مثل هذه الأقوال أو الوعود، وينبغي لي أن أرغب في وقوع حادث يرغمني على ترك بلاد متوحشة أفنيت فيها خمس سنوات من عمري، تحيط بي الأخطار من كل جانب، ويستبد بي القلق، ولا أتذوق غير الحرمان، حتى انتهكت قواي وضعفت صحتي، فإنه إذا اقتضى صالح الدولة بقائي بهذه البلاد، ففي اعتقادي أنه بوسعي على الرغم من انفصام العلاقات بين الحكومتين (العثمانية والفرنسية) تدبير أمر إقامتي طالما كان هناك نفع يرجى من مكوثي بها.» وقد اختتم «دروفتي» رسالته هذه بطلب تعليمات من حكومته في هذا الشأن.
وتزايدت متاعب الوكلاء الفرنسيين، عندما عاد «بريجز» في ديسمبر 1809 إلى منصبه بالإسكندرية كقنصل للإنجليز بها، ونشطت مكائد «بتروتشي»، وثار الأب أرمننجيلد ثورته المعروفة على سلطان الإمبراطور الفرنسي وممثليه في مصر، وشكا «دروفتي» من دسائس طبيب الباشا - مندريشي - وترجمانه ، وقويت الشائعات عن الغزو الفرنسي المنتظر، وأجاز الباشا دخول سفن الحرب الإنجليزية إلى ميناء الإسكندرية، وظل «دروفتي» وزملاؤه يعانون صعوبات عدة في إحباط هذه المؤامرات والدسائس حتى وقع حادث في شهر أبريل 1810، أثار مخاوف محمد علي من ناحية فرنسا، واستفزه الغضب الشديد بسببه على الوكلاء الفرنسيين.
فقد وصل إلى مصر، في طريقه إلى جزيرة «إيل دي فرانس»، رسول في خدمة الإمبراطور، يدعى «كادر»
Kader ، نزل من دمياط إلى القاهرة؛ حيث كان يبغي مغادرة هذه الأخيرة إلى السويس حوالي اليوم السابع عشر من شهر أبريل، ولكنه لم يحتط في كتمان أمره أو الغرض من رحلته، فبلغ خبره القاهرة قبل وصوله إليها، وطغى عليه الزهو والافتخار، فعزا لمهمته أهمية كبيرة، لم تكن - كما قال «دروفتي» - في الحقيقة لها، فكان هذا المسلك غير الحكيم من ناحيته إلى جانب اختياره هذا الطريق الشاذ - طريق دمياط - للذهاب إلى الهند؛ «لأنه كان أول الرسل الفرنسيين الذين شوهدوا إطلاقا يتخذون هذا الطريق في رحلتهم إلى الهند على الأقل في المدة التي قضاها «دروفتي» في مصر»، كان لذلك كله أبلغ الأثر في جعل الوكلاء الإنجليز يعمدون إلى اتخاذ أساليبهم المعروفة في مثل هذه الظروف للاستفادة من هذا الحادث، ودبروا مكيدة للإيقاع بين الباشا و«دروفتي»، فأبلغوا الباشا أن «كادر» يحمل معه رسائل إلى «دروفتي» حتى يسلمها هذا إلى البكوات المماليك، وراحوا يسعون للاستيلاء على الرسائل التي حملها هذا الرسول من الباشا نفسه.
ويذكر «دروفتي» تفاصيل هذه المؤامرة، في تقريره إلى حكومته في 28 أبريل 1810، فيقول: «ولكنه حدث لحسن الحظ أني في نفس المساء الذي دبرت فيه هذه المؤامرة (للإيقاع بينه وبين الباشا) كان علي أن أبعث بترجماني إلى الوزير محمد علي، فقابله الباشا مقابلة سيئة للغاية ، وفي سورة غضبه أرسله إلي دون أن يدعه يفتح فاه بكلمة واحدة، ليبلغني أن الواجب يقتضيني الامتناع عن إنشاء صلات في مصر مضادة لمصالحه إذا شئت العيش في هدوء وسلام، فما إن بلغتني هذه الرسالة، حتى امتطيت جوادي قاصدا إلى القلعة دون أن أفقد دقيقة واحدة، وكان الوقت ليلا، ووجدت الباشا على أهبة الانصراف إلى مخدعه، فرحب بي ترحيبا فاترا، ولو أنه أبدى ارتياحه لما ظهر من اهتمامي بالحضور إليه لأساله تفسير ما وقع، ونهضت أقوالي دليلا على ما أكنه من ولاء، وغادرني الباشا وهو يشكرني على حضوري الذي جنبه قضاء هذه الليلة في كدر، وأعطاني موعدا لمقابلته في اليوم التالي.
وأما هذه المقابلة الثانية فقد استطالت كثيرا، أكد لي الباشا في أثنائها أن الوكلاء الإنجليز قالوا: إنهم يدفعون خمسين ألف قرش عثماني، للحصول فقط على صورة من الرسالة التي وصلتني من فرنسا لتسليمها إلى الزعماء المماليك، الأمر الذي يدل - على ما يبدو لي - على أنهم مستعدون للتضحية بهذا المبلغ لسلب الرسول «كادر» ما يحمله، وفي اعتقادي أنه لا جدوى من إبلاغكم - مخاطبا وزير الخارجية - كل ما دار في هذه المقابلة، فأكتفي لذلك بذكر نتائجها.
فإنه مما يبدو لي أن الباشا مقتنع بأنه لا يقدر على الركون إلى الصداقة التي يظهرها نحو الإنجليز، فإن هؤلاء إنما يبذلون قصارى جهدهم لتحريضه على اتخاذ خطوات مضادة لمصالحه وواجبه، وأقسم لي على سيفه، أنه لما كان يشعر بواجبه نحو كرامته، ونحو نظام حكومته، فقد رفض كل شروط يبدو أنها تستهدف وضعه تحت حماية الإنجليز، ثم إنه أظهر لي أسفه على ترك فرقاطته التي يريد إدخالها في البحر الأحمر عن طريق المحيط - والمقصود هنا الفرقاطة أفريقية، وقد سبق ذكر موضوعها - تبحر إلى مالطة، وقد أبلغني أنه سوف يلغي السماح لسفن الحرب الإنجليزية بدخول ميناء الإسكندرية القديمة، وأنه سوف يصدر أوامره لتحصين الإسكندرية تحصينا جيدا، وأنه لما كان لا يسعه إلغاء الأوامر التي أجازت تصدير الحبوب إلى مالطة، فسوف يرفع أثمانها بدرجة تزعج المتجرين بها ، ثم أنهى الباشا كلامه بأن طلب مني نسيان ما حدث، ثم استدعى أمامي رئيس حراس قافلة السويس، وقال له: إنه سوف يعتبره مسئولا عن أي شيء يشكو منه الرسول «كادر»، ثم أعطاني خطابا يحمل توصية طيبة بهذا الرسول لعمال الباشا من مدنيين وعسكريين في كل المواني.
وأما هذه المقابلة فقد جرت في اليوم التاسع عشر من هذا الشهر.
Halaman tidak diketahui