232

Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Genre-genre

فكان من رأي السير «جون مور» وهو يكتب في يومياته بتاريخ 5 فبراير سنة 1807 عن الاستراتيجية التي كانت مبعث إرسال هذه الحملة، أنها صدرت عن فكرة خاطئة؛ لأن مهاجمة الأتراك في مقاطعاتهم البعيدة ليس الوسيلة التي يمكن بها التأثير عليهم كثيرا، وإذا كانت مصر هي ما نبغي أن تكون نصيبنا إذا وقع تقسيم أملاك الإمبراطورية العثمانية، ففي وسعنا عندئذ أخذ الإسكندرية في أية لحظة نريدها، ولا يستطيع الفرنسيون سبقنا في النزول بها، ولكنه لا يجب علينا الآن وفي هذه اللحظة بذاتها والحرب دائرة أن نحتجز جنودنا في حاميات بعيدة؛ لأن هذا الإجراء بحرماننا من جيش يمكن استخدامه في ميادين أخرى يجردنا من المزايا التي لنا بفضل تفوقنا البحري عند الرغبة في الدخول في عمليات عسكرية هجومية.

ثم كان من نفس هذا الرأي كذلك مدير المهمات في جيش صقلية «بنبري»، فقد اعتبر قرار الحكومة الخاص بإرسال حملة «فريزر» إلى مصر، قرارا خاطئا؛ لأن هذا الإجراء لن يترتب عليه سحب أي جندي عثماني أو فرنسي من الجيوش المستخدمة في الحرب ضد روسيا.

وإذا كانت الاستراتيجية التي انبنى عليها إرسال حملة «فريزر» إلى مصر استراتيجية خاطئة، فقد كانت الاستعدادات التي أجريت لإرسال هذه الحملة محل نقد كثيرين، فإن أحدا من الجنود أو الضباط الذين جاءوا إلى مصر، لم يكن يعرف شيئا عن هذه البلاد، بالرغم من وجود عديدين بالجيش البريطاني ممن زاروا مصر وعرفوها أثناء الاحتلال البريطاني الأول في عام 1801، وقد ترتب على هذا النقص، أن اعتمد القواد البريطانيون كل الاعتماد في معلوماتهم عن طبيعة البلاد، وعادات أهلها وتقاليدهم وميولهم، وعن المماليك وأحزابهم واختلافاتهم وأغراضهم، على «مسيت» الذي قام عندئذ بدور المستشار السياسي للحملة، مع ما نجم عن ذلك من نتائج سبق ذكرها.

ولقد تضافرت أخطاء فنية عسكرية عديدة على إلحاق الفشل بعمليات الحملة سواء في هجومها الأول ضد رشيد، أو أثناء حصارها بعد ذلك في واقعة الحماد المعروفة، وقد تحدثنا عن هذه الأخطاء في سياق الكلام عن هذه المعارك، ولعل أهم هذه الأخطاء أن «فريزر» لم يبعث في هذه الحملات بأكثر القوات التي لديه، فاحتجز بالإسكندرية عددا من الجند يفيض على حاجة الدفاع عنها، في حين كان الواجب يقتضيه إرسال أعظم قوة ممكنة لإدراك نصر حاسم، يتوقف على الظفر به قبل كل شيء مجيء البكوات من الصعيد للتعاون معه.

وقد كتب السير «جون مور» تعليقا على فشل الهجوم الأول على رشيد: «لقد كان بودي لو أن «فريزر» بدلا من إرسال 1400 رجل بقيادة «ووكوب» إلى رشيد والرحمانية، قد ترك بضعة مئين فحسب لحراسة الإسكندرية وأبي قير والقطع (بين المعدية ومريوط)، وسار هو بنفسه على رأس القسم الأعظم من جيشه إلى رشيد والرحمانية، فإنه لو فعل ذلك لوجد نفسه حينئذ في بلاد غزيرة الخصب، يستطيع أن يأخذ منها كل ما تحتاج إليه الإسكندرية من مؤن وأغذية وكيفما شاء، ووجود جيشه بهذه الجهات يكسبه من هذه الناحية ذاتها مزايا كبيرة، فهو نفسه سوف يكون عندئذ بالمكان الذي هو مصدر المؤن والأغذية، ويجنبه هذا أيضا كل المشاق المتصلة بتدبير وسائل النقل ومشكلاته، وتلك مزية لا يستهان بها إذ من الممكن حينئذ تدبير وسائل النقل هذه إلى الإسكندرية دون مخاطرة، والقهقرى أو الانسحاب إلى الإسكندرية أمر مأمون دائما.»

ويؤكد الناقدون صواب ما ذهب إليه «مور»؛ لأن العمليات العسكرية التي حدثت بقيادة «ووكوب»، وهي عمليات كان - كما شاهدنا - خطأ الإشراف عليها ظاهرا، لم تلبث أن انتهت بالكارثة المعروفة، فقد انهزم الإنجليز شر هزيمة في رشيد (31 مارس)، واسترجع الأرنئود رشيد بعد فقدها، ودل ما حدث على أن الإجراءات والترتيبات التي اتخذتها القيادة العليا عند تقرير الهجوم عليها، ثم تلك التي اتخذها «ووكوب» نفسه، لم تكن كافية لتأمين الاحتفاظ بالمدينة بعد الاستيلاء عليها.

ولقد سبق أن أوضحنا كيف أن هذه الهزيمة الأولى كانت عاملا حاسما في تقرير موقف البكوات، فبدلا من أن يهب هؤلاء لنجدة أصدقائهم وحلفائهم، سرعان ما جعلتهم هذه الهزيمة يقررون من الآن فصاعدا التمسك بأهداب الحيطة والحذر، والتزام الحياد الذي مكن محمد علي من إرسال قوة كبيرة لنجدة رشيد، ومهد لهزيمة الإنجليز الساحقة في الحماد.

ولا جدال في أن المماليك بامتناعهم عن النزول من الصعيد - مهما كان مبعث هذا الامتناع - قد تسببوا كذلك في هزيمة «ستيوارت» وضباطه في الحملة الثانية على رشيد، وهي الحملة التي كان لرداءة نظام المخابرات الذي أوجده «مسيت» أثر كبير في هزيمتها أيضا، ففوت المماليك على أنفسهم وإلى الأبد فرصة استرجاع الحكم والسلطان في مصر، كما قرروا مصير حملة «فريزر» ذاتها، فلو أنهم أجمعوا رأيهم على النزول من الصعيد، وانضم فرسانهم إلى جيش «فريزر»، وتكتلت قوى الفريقين، لاستحال على محمد علي مقاومة هذه القوات المتحدة ضده، ولتيسر عندئذ تهديد القاهرة ذاتها، إن لم يكن الاستيلاء عليها، ولصحت أحلام «مسيت» الذي أراد بكل ما وسعه من جهد وحيلة أن يخرج الحملة عن طوقها الأول؛ أي مجرد احتلال الإسكندرية إلى عملية يقصد بها امتلاك البلاد بأسرها، ولا شك لذلك في أنه لو تم هذا الاتحاد - الذي نشده «مسيت» وظل «فريزر» يطلبه - بين البريطانيين والمماليك، لكانت الحملة قد اتخذت قطعا اتجاها آخر، ولتقرر مصيرها على صورة أخرى.

على أن مصير حملة «فريزر» كان مرتهنا كذلك - وكما ذكرنا - بتطور الموقف العسكري والسياسي في أوروبا، وهو ما دعا «كاسلريه» في وزارة «بورتلاند» التي خلفت وزارة جرنفيل، أن يعيد النظر في تلك الاستراتيجية القديمة التي أفضت إلى إرسال داكويرث بأسطوله إلى مياه القسطنطينية، وإرسال «فريزر» بجيشه إلى الإسكندرية، ومع أنه ليس هنالك ما يدعو لتكرار الكلام عن الأسباب التي دعت إلى تغيير الاستراتيجية التي ابتدعتها الحكومة الإنجليزية السابقة، أو إعادة القول في تفاصيل الخطة الجديدة، فثمة حقيقة لا يجوز إغفالها عند ذكر العوامل التي أفضت إلى إخفاق الحملة، تلك أن السياسة التي ارتبطت بها الحكومة الإنجليزية - سواء على عهد وزارة جرنفيل أو وزارة «بورتلاند» - كانت فيما يتعلق بشئون الليفانت - تركيا ومصر على وجه الخصوص - سياسة خاطئة جملة وتفصيلا.

وذلك أنه فيما يتعلق بتركيا، ربطت إنجلترة سياستها ربطا وثيقا بسياسة روسيا، حتى إن فشل أي هاتين السياستين كان معناه بالضرورة فشل الأخرى، ولقد كان نصيب سياسة روسيا الفشل الذريع، حيث حطمت انتصارات نابليون عليها كل سمعة لها في القسطنطينية، فضلا عن أن سمعة الروس في العاصمة العثمانية لم تكن أصلا كبيرة؛ بسبب ادعاءاتهم العريضة على الولايات الدانوبية خصوصا، وأطماعهم الأشعبية في أملاك الدولة، ولما أراد الإنجليز مؤازرتهم بالضغط على الباب العالي ليقبل إنهاء خلافاته معهم، بعثوا بأسطول «داكويرث» إلى المياه العثمانية، وقد تقدم كيف كانت هذه مظاهرة فاشلة، وأضاع «داكويرث» فرصة القيام بعمل جدي، بانسياقه في مفاوضات لا جدوى منها ولا طائل تحتها، وعبثا ما حاولت إنجلترة بعد هذا الفشل الأول إصلاح الموقف، بفرض الحصار على الدردنيل وعلى الموانئ العثمانية، وبدء مفاوضات على يد سفير جديد، هو السير «آرثر باجيت»، فقد كان الأتراك تقووا وقتئذ بدرجة جعلتهم يماطلون ويسوفون، حتى إذا عقد نابليون مع القيصر معاهدة «تلست»، واستقل الروس في خططهم عن الإنجليز، وازداد الخطر على مراكز الإنجليز في البحر الأبيض وفي صقلية خصوصا من جانب الفرنسيين المنتصرين في الميادين الأوروبية، لم يعد هناك مناص من تكتيل قواتهم في صقلية واستدعاء حملة «فريزر» لهذا الغرض، وانتهت مفاوضات «باجيت» مع الأتراك بالفشل.

Halaman tidak diketahui