Mesir Pada Awal Abad Kesembilan Belas 1801–1811 (Bahagian Pertama)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Genre-genre
وتزايدت مخاوف الباشا عندما وصل القاهرة في 22 يونيو سلحدار موسى باشا قائمقام الصدر الأعظم، «وعلى يده مرسوم بالعربي وآخر بالتركي مضمونهما جواب رسالة، أرسلت إلى سليمان باشا بعكا بخبر حادثة الإنجليز، وملخصها أنه ورد علينا جواب من سليمان باشا يخبر فيه بوصول طائفة الإنجليز إلى ثغر الإسكندرية ودخولهم إليها بمخامرة أهلها ثم زحفهم إلى رشيد، وقد حاربهم أهل البلاد والعساكر، وقتلوا الكثير منهم، وأسروا منهم كذلك، وتؤكد على محمد باشا (محمد علي) والعلماء وأكابر مصر بالاستعداد والمحافظة وتحصين الثغور مثل السويس والقصير ومحاربة الكفار وإخراجهم وإبعادهم عن الثغر، وقد وجهنا لكل من سليمان باشا وجنج يوسف باشا بتوجيه ما تريدون من العساكر للمساعدة»، على أنه سرعان ما وصلت الأخبار بعد ذلك بثمانية أيام فقط (30 يونيو) من ناحية الشام بأنه وقع بإسلامبول فتنة بين الينكجرية أو اليكجرية وهم الانكشارية والنظام الجديد، وكانت الغلبة للينكجرية، وأن هؤلاء قد عزلوا السلطان سليم وولوا السلطان مصطفى الرابع، وأن هذا قد خطب له ببلاد الشام، وكان القائمقام موسى باشا وشيخ الإسلام عطاء الله أفندي قد حرضا الانكشارية المتذمرين من النظام الجديد على الفتنة التي أسفرت عن عزل سليم الثالث في 29 مايو وتولية ابن عمه مصطفى الرابع، وقد تحقق هذا الخبر على يد ططري، وصل القاهرة في 2 يوليو وخطب الخطباء للسلطان مصطفى على منابر مصر وبلاد مصر وبولاق، وذلك يوم 3 يوليو، وجب على الباشا أن يبذل قصارى جهده لإجلاء الإنجليز عن الإسكندرية، وحملهم على مغادرة البلاد قبل أن تستقر الأحوال بالسلطنة، ويتجدد عزم الباب العالي في العهد الجديد على إنفاذ سليمان باشا ويوسف جنج بجيوشهما لنجدة مصر وإجلاء الإنجليز عنها.
فكان لكل هذه الأسباب إذن أن آثر محمد علي المفاوضة مع الإنجليز، لعله يستطيع الاتفاق معهم سلما على إخلاء الإسكندرية ومبارحة القطر دون حاجة إلى استئناف القتال معهم بصورة قد يستطيل معها أمد الحرب التي كان لديه من الأسباب ما يجعله يخشى عواقبها.
ولقد تضافرت عدة عوامل من ناحية أخرى، جعلت محمد علي يتوقع نجاح مساعيه من أجل الاتفاق مع الإنجليز على مبارحتهم للإسكندرية سلما، إذا هو بدأ المفاوضة معهم لتحقيق هذه الغاية، فضلا عن أن حسن المعاملة التي لقيها أسراهم في القلعة قد خلقت جوا طيبا ساعد على إشاعة حسن التفاهم بين الفريقين، فقد عرفنا كيف أن «فوجلسانج» قد كتب من قلعة القاهرة إلى الجنرال «فريزر» منذ أول مايو يطنب في وصفه ما يلقاه الجرحى من عناية بفضل اهتمام الباشا بأمرهم، وهو الذي أتاح للقنصل الفرنسي «دروفتي» الفرصة لزيارتهم والإشراف على معالجتهم وإمداد الأسرى بكل ما يحتاجونه لتخفيف وطأة الأسر عليهم، كما حرص الباشا من جانبه على تزويدهم بالفرش والأمتعة اللازمة، حتى إن «فريزر» لم يجد مناصا من شكر «دروفتي» على ما أظهره من مروءة وشهامة، وحبا زوجه السيدة «دروفتي» بكل رعاية وكانت هذه قد بقيت بالإسكندرية ولم تلحق بزوجها عند خروجه منها إلى القاهرة، وكتب «فريزر» إلى «دروفتي» في 7 مايو يشكره باسم حكومته على عنايته بالأسرى الإنجليز، ويعد بدفع أية نفقات يكون هذا الأخير قد تحملها بسبب هذه العناية، ويبدي استعداده لإرسال أي مواطن فرنسي يرغب «دروفتي» في حضوره إلى القاهرة، ولما كانت السيدة «دروفتي» قد طلبت الآن الانضمام إلى زوجها فقد أذن لها «فريزر» بالبقاء في الإسكندرية أو الذهاب إلى أي مكان تشاء، وأبلغ «دروفتي» أنه ينتظر ما يأمر به في هذا الشأن أو في أي شأن آخر يهتم به.
وفي هذا الجو الطيب إذن استطاع الأسرى الإنجليز أن يؤكدوا للباشا أن جيشهم لم يأت إلى مصر لفتحها، وإنما حضر لمنع الفرنسيين من غزوها، وتأكد لدى محمد علي حسن نوايا الإنجليز، وأنهم لم يستهدفوا من إرسال حملتهم إلى الإسكندرية إخراجه من الولاية، بما أبداه هؤلاء من استعداد طيب لإجابة رغبة الباشا في مسألة استبدال ابن أخي عمر بك أو ابن أخي صالح قوش بأحد الأسرى الإنجليز في القاهرة، وقد تقدم كيف أن «فريزر» قد رد «ماثيسون» لتعذر إجراء المبادلة بسبب رحيل الأرنئودي طرف المبادلة الآخر ضمن من أبعدهم «فريزر» إلى بلاد الروم قبل واقعة الحماد، فكان لعودة «ماثيسون» إلى القاهرة في 23 مايو أفضل الأثر لدى محمد علي الذي خلى سبيله ولم يحبسه مع الأسرى، بل أطلق له الإذن أيضا في الرجوع إلى الإسكندرية، أو إلى بلاده متى أحب واختار، ولقد روج وكلاء الإنجليز وأصدقاؤهم بالقاهرة ما صار يذيعه ويكتب فيه على حد قول «دروفتي» القواد الإنجليز أنفسهم، من حيث انتفاء أي غرض لهم في فتح مصر وامتلاكها، وراح الأسرى بدورهم يؤكدون للباشا أن بوسعه الاتفاق مع الجنرال «فريزر»، ثم دأب بعض الأفراد الملتفين حوله والذين نعتهم «دروفتي» في رسالته إلى «سباستياني» في 27 مايو بقلة الذكاء - لأنه كان يسوءه وأمته في حرب مع الإنجليز أن يتم الصلح بين هؤلاء الأخيرين وبين محمد علي - على الإيحاء إليه بأن من صالحه عقد السلام معهم، فكان لذلك كله أن اعتقد الباشا أن في وسعه الوصول إلى اتفاق مع الإنجليز يسلم له هؤلاء بمقتضاه ثغر الإسكندرية.
وعلى ذلك، فقد قرر إرسال أحد تراجمته الموثوق بهم إلى الإسكندرية مصحوبا بأحد الأسرى من ضباط الإنجليز لجس النبض، وحتى يعرض على «فريزر» مقترحات معينة أثبتها دروفتي في رسالته - سالفة الذكر - على نحو ما بلغته من محمد علي نفسه - هي تسليم الإسكندرية لقاء تعويض عنها في صورة إرجاع كل الأسرى الإنجليز، ورعاية الباشا رعاية ممتازة للمصالح التجارية البريطانية في مصر، والتعهد بمنع أي جيش أوروبي من الدخول إلى مملكته (كذا)، يأتي لغزو مصر، أو يطلب المرور منها إلى الهند، وكان من الواضح أن صياغة هذه المقترحات بالصورة التي أطلع عليها الباشا «دروفتي» لم يكن الغرض منها سوى تجريد هذا الأخير من أي حق للاعتراض على المفاوضة، وهو الحليف الذي أسدى خدمة جليلة لمحمد علي في علاقاته مع البكوات المماليك خصوصا، عدا الخدمات الأخرى، من حيث مشاركته في تحصين القاهرة، وإسداء النصح للباشا في غير ذلك من المسائل المتصلة بالدفاع عن باشويته؛ وذلك لأن التعهد بمنع أي جيش أوروبي يأتي إلى مصر لغزوها، أو لطلب المرور منها إلى الهند، أو التعهد برعاية المصالح التجارية الإنجليزية، نظير جلاء الإنجليز عن الإسكندرية، وتسليمها لمحمد علي ينطوي في جوهره على ضمان للإنجليز وللفرنسيين معا - والأولون يعلنون أنهم لا غاية لهم في امتلاكها، والأخيرون يؤكدون أنهم لا يريدون غزوها - بأن هذه البلاد سوف تقف موقف الحياد التام في النضال القائم بين الفريقين، فلا يستطيع أحدهما أن يأتي بجيوشه إليها، ويحيلها إلى موقع يناوئ منه مصالح الفريق الآخر وعملياته العسكرية، كما ينطبق ذلك أيضا على عدم السماح للفريقين باتخاذ هذه البلاد طريقا لإرسال جيوشهما منه إلى الهند، ثم إن التعهد برعاية المصالح التجارية الإنجليزية لا يفيد تعطيل المصالح التجارية الفرنسية في مصر، لا سيما وأن فرنسا هي الدولة التي ثبتت صداقتها لمحمد علي بفضل مؤازرة «دروفتي» له في محنته.
وزيادة على ذلك فقد راح محمد علي يفسر لهذا الأخير غرضه من محاولة الاتفاق مع الإنجليز بما عرف أنه سوف يجعل من المتعذر على «دروفتي» معارضته في اتخاذ هذه الخطوة، فكتب الأخير في نفس رسالته التي بعث بها إلى «سباستياني» في 27 مايو أن الباشا قد أطلعه على هذا المشروع، وأكد له أنه ما هو إلا وسيلة لطرد الإنجليز من مصر، حتى إذا تم ما أراد تسنى له أن يعاملهم المعاملة التي يريدها، ولم ير «دروفتي» بدا من قبول هذا التفسير الذي كان - كما سوف يتضح بعد قليل - أبعد ما يكون عن ذهن محمد علي وتفكيره، وقد علل «دروفتي» قبوله لهذا التفسير من جهة، وعدم الاعتراض على مساعي الباشا من أجل الاتفاق مع الإنجليز من جهة أخرى بقوله: إنه وجد من المصلحة عدم معارضة هذه المساعي، حتى لا يثير في ذهن الباشا شكوكا من ناحية نوايا دولته فرنسا .
وعلى ذلك، فقد اختار محمد علي الكابتن «ديلانسي»، حتى يذهب بصحبة ترجمانه إلى الإسكندرية، وغادر هذان القاهرة في 13 مايو، ووصلا إلى الإسكندرية بعد ثلاثة أيام (16 مايو)، وقدم الترجمان مقترحات الباشا التي اختلفت في جوهرها اختلافا كليا عن تلك التي ذكرها لدروفتي، وتستبين حقيقة هذه المقترحات مما ذكره «فريزر» و«مسيت» عنها إلى رؤسائهما، فكتب الأول إلى الجنرال «فوكس» من الإسكندرية في 18 مايو، أنه وصل من القاهرة والي الإسكندرية منذ يومين الكابتن «ديلانسي» من آلاي الفرنسان «الدراجون»
Light Dragoons
العشرين - وأحد أسرانا سيئ الحظ - يصحبه ترجمان موثوق به من قبل محمد علي باشا، يرفع علم الهدنة، والغرض الظاهر من إنفاذه معالجة بعض الشئون المتعلقة بالأسرى - الذين ما زالوا يلقون كل معاملة طيبة - ولكن الغرض الحقيقي من مجيئه على ما أعتقد، إنما هو لجس النبض، حتى يقف مني على الشروط التي أراها لعقد الصلح.
وقد أبلغني الترجمان رسالة من محمد علي يقول فيها إنه فهم أننا ما جئنا لهذه البلاد بنية فتحها، وإنما للاستيلاء على الإسكندرية فحسب، حتى نمنع الفرنسيين من أن يسبقونا في الاستيلاء عليها، وحتى نعمل لمناصرة وتأييد تلك الأحزاب أو الجماعات التي قد تكون رغبتها أكثر من غيرها في إنشاء صلات ودية مستديمة مع بريطانيا العظمى، وأننا قد أبدينا رغبتنا في أن تسود علاقاتنا مع المماليك على هذا الأساس، ثم إنه (أي محمد علي) يرغب أن يبلغني أنه يريد أن يكون وضعه معنا على نفس هذا الأساس بدلا من المماليك وفي مكانهم، فهو أقوى بكثير من هؤلاء، وفي وسعه أن يساعدنا بصورة أكثر أثرا وفعلا في منع الفرنسيين والأتراك من دخول هذه البلاد - والفرنسيون والأتراك هم أعداؤه كما هم أعداؤنا - ثم إنه تقدم في نفس الوقت بمطلب غير معقول وغير مفهوم للدرجة القصوى هو أن نسلم إليه الإسكندرية، وأنه يمنع على كل أعدائنا لقاء ذلك الدخول إلى هذه البلاد، ولكنه يريد أن يقف إذا لم نشأ أن نفعل ذلك (أي تسليم الإسكندرية) على الجميل، أو حسن الصنيع الذي قد نرغب أو يكون في وسعنا إسداؤه إليه، وهو الذي قد بلغ من القوة حدا - كما يقول - يمكنه من أخذ الإسكندرية منا عنوة إذا شاء ذلك، وقد استطرد «فريزر» يقول: «ولقد كان جوابي على ذلك كله أنه مما يسعدنا أن نعيش معه في ود وصداقة؛ حيث إنه في رأيي لما يعود علينا كلينا من نفع بفضل ذلك أن تسود بيننا العلاقات الودية، وأن نتحد فيما بيننا لطرد أعدائنا المشتركين إذا حاولوا مهاجمتنا، وأن هنالك برهانا ساطعا على صدق العواطف الطيبة التي يظهرها الباشا نحونا في وسعه أن يقدمه هو إطلاق سراح أسرانا فورا، وأنه يسعدني أن أعوضه تعويضا معقولا نظير ذلك؛ لأني أعلم أنه في حاجة ملحة ومؤلمة إلى المال، ولكنه لا يقبل مالا يدفع له كفدية لهؤلاء الأسرى، ولو أنه من المفروض قبوله له تحت اسم آخر، وأم فيما يتعلق بالتخلي عن الإسكندرية، فإن هذه مسألة ليست موضع بحث، وأنه إذا نحيت مسألة التخلي عنها جانبا، في وسعه إذا تمعن في الأمر قليلا أن يرى أنه من الأفضل كثيرا لصالحه هو نفسه، إذا استمر امتلاكنا لها بسبب المؤازرة التي يمكننا بفضل ذلك إعطاؤها له برا وبحرا إذا وقع غزو على البلاد، بدلا من امتلاكه هو نفسه لها، على أنه سوف يسرني أن أسمع منه نوع الجميل أو حسن الصنيع الذي ينتظره منا، ثم إني أعدت تأكيداتي السابقة من حيث رغبتنا في أن تسود بيننا علاقات الود والصداقة، ولقد ذكر لي الترجمان ردا على جوابي هذا أن هذه التأكيدات عن رغبتنا في إنشاء العلاقات الودية معه هي كل ما ينتظره الباشا في هذا الاجتماع الأول، وأننا سوف نسمع منه مرة ثانية.
Halaman tidak diketahui