ثم نجد عبادة الشمس مقرونة إلى عبادة الثعبان في أمريكا، فلا نفهم لهذا الاشتراك مغزى إلا إذا رجعنا به وعرفنا الظروف التي جمعتهما في مدينتي إدفو وعين شمس.
وقد نتساءل هنا: لماذا نجد أهراما وتحنيطا في أمريكا النائية ولا نجدهما في الهند أو إيران القريبتين؟
فالجواب على ذلك أنه حين تجد الأمة عوامل التقدم قوية فإنها تنقح تقاليدها أو تلغيها، أما إذا ركدت وجمدت فإنها تستبقي تقاليدها، وقد طرأ على الهند وفارس ما جعلهما يكونان لأنفسهما مدنية هندسية خاصة أو فارسية خاصة فذهبت معالم الثقافة المصرية القديمة، ولكن حيث يسود الجمود في الأقاليم الجنوبية من الهند أو سيلان ما زلنا نجد التحنيط، وكذلك الحال في بعض الأقاليم النائية في إندونسيا. •••
إن أساطير الإغريق تثبت الأصل المصري الذي نشأت منه، وكذلك فنونهم وعلومهم، بل كذلك آثار المتوحشين في أفريقيا وآسيا وأمريكا، ودرسنا للحضارة المصرية الأولى هو في حقيقته درس سام للفلسفة التاريخية كما هو غذاء لوطنيتنا الفرعونية.
إن الفراعنة ليسوا آباءنا فقط بل هم آباء العالم الذي تعلم منهم كيف يترك حياة البداوة إلى حياة الزراعة والحضارة، وهم لذلك جديرون بدرسنا وفخارنا.
حضارة مصر في العراق وآسيا
من المسائل التي كثر فيها الجدال مسألة الحضارة الأولى هي نشأت في العراق أم في مصر؟
والأغلبية الساحقة من الآثاريين هي الآن في صف مصر، تقول إنها هي الأصل والمنبت الذي نبتت فيه الحضارة الأولى ولكن هناك أقلية يتزعمها ليوناردو ولي تقول بأن العراق هو الأصل، وليوناردو ولي هذا هو صاحب المكتشفات العظيمة في أور.
وهم عندما يقولون إن الحضارة نشأت في العراق يعنون أن سومر تلك المملكة القديمة البائدة هي التي اخترعت الحضارة الأولى، والسومريون شعب ينتهي إلى سلالة غير معروفة، وهم يبدون من نفوسهم أنهم كانوا يحلقون رءوسهم ويرسلون لحاهم، وهم أصحاب الخط الأسفيني أو المسماري الذي كانوا يكتبونه على الطين بالحفر فيجف ويقرأ، وهؤلاء السومريون هم الذين جعلوا وحدة العد 60، وهذه الوحدة هي التي ما زلنا نعمل بها في قياس الساعة، وهم أصحاب برج بابل.
وهؤلاء السومريون لم يكنوا ساميين، وما يعرف عنهم قليل، ولكن من الحقائق الفاشية أنهم تعلموا الزراعة من مصر، فإن برستد يقول هنا: «وكان قد جاءهم من مصر الشعير ونوع من الحنطة الذي تنشق حبوبه؛ ولذلك دعوه باسمه المصري».
Halaman tidak diketahui