[٥١٠] كَانَ يتَوَضَّأ الخ فِي الحَدِيث اشعار بِأَن تَجْدِيد الْوضُوء كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ بِشَهَادَة الحَدِيث الَّاتِي قَالَ السخاوي يحْتَمل ان يكون وَاجِبا عَلَيْهِ خَاصَّة ثمَّ نسخ يَوْم الْفَتْح لحَدِيث بُرَيْدَة وَيحْتَمل أَنه كَانَ يَفْعَله اسْتِحْبَابا ثمَّ خشِي ان يظنّ وجوبا فَتَركه لبَيَان الْجَوَاز ١٢ مرقاة صلى الصَّلَوَات الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث أَنْوَاع من الْعلم مِنْهَا جَوَاز الصَّلَوَات المفروضات والنوافل بِوضُوء وَاحِد مَا لم يحدث وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاع من يعْتد بِهِ وَحكى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَأَبُو الْحسن بن بطال فِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ عَن طَائِفَة من الْعلمَاء انهم قَالُوا يجب الْوضُوء لكل صَلَاة وان كَانَ متطهرا وَاحْتَجُّوا بقول الله تَعَالَى إِذا قُمْتُم الى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم الْآيَة وَمَا اظن هَذَا الْمَذْهَب يصحح عَن أحد ولعلهم أَرَادوا اسْتِحْبَاب تجيديد الْوضُوء عِنْد كل صَلَاة وَدَلِيل الْجُمْهُور الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مِنْهَا هَذَا الحَدِيث وَأما الْآيَة الْكَرِيمَة فَالْمُرَاد بهَا وَالله اعْلَم إِذا قُمْتُم محدثين وَقيل انها مَنْسُوخَة بِفعل النَّبِي ﷺ وَهَذَا القَوْل ضَعِيف وَيسْتَحب تَجْدِيد الْوضُوء وَهُوَ ان يكون على طَهَارَة ثمَّ يتَطَهَّر ثَانِيًا من غير حدث وَفِي شَرط اسْتِحْبَاب التَّجْدِيد وَجه اصحها أَنه يسْتَحبّ لمن صلى بِهِ صَلَاة سَوَاء كَانَت فَرِيضَة أَو نَافِلَة وَالثَّانِي لَا يسْتَحبّ الا لمن صلى فَرِيضَة وَالثَّالِث يسْتَحبّ لمن فعل بِهِ مَا لَا يجوز الا بِطَهَارَة كمس الْمُصحف وَسُجُود التِّلَاوَة وَالرَّابِع يسْتَحبّ وان لم يفعل بِهِ شَيْئا أصلا بِشَرْط ان يَتَخَلَّل بَين التَّجْدِيد وَالْوُضُوء مَا يَقع بِمثلِهِ تَفْرِيق وَلَا يسْتَحبّ تَجْدِيد الْغسْل على الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمَشْهُود حكم الامام الْحَرَمَيْنِ وَجها انه يسْتَحبّ نووي مَعَ اخْتِصَار
قَوْله
[٥١٣] حَتَّى يجد الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ نفى جنس أَسبَاب التوضي وَاسْتثنى مِنْهُ الصَّوْت وَالرِّيح والنواقض كَثِيرَة وَلَعَلَّ ذَلِك فِي صُورَة مَخْصُوصَة يَعْنِي بِحَسب السَّائِل فَالْمُرَاد نفي جنس الشَّك واثبات التيقن أَي لَا ينْصَرف عَن الصَّلَاة وَلَا يتَوَضَّأ عَن شكّ مَعَ سبق ظن الطَّهَارَة الا ويتيقن الصَّوْت أَي رَائِحَة الرّيح انْتهى وَقَالَ فِي السّنة وَفِي الحَدِيث دَلِيل على ان الرّيح الْخَارِجَة من أحد السَّبِيلَيْنِ يُوجب الْوضُوء وَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة خُرُوج الرّيح من الْقبل لَا يُوجب الْوضُوء وَفِيه دَلِيل على ان الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ فِي شَيْء من الشَّرْع وَهُوَ مَذْهَب عَامَّة أهل الْعلم انْتهى وتوجيه قَول الْحَنَفِيَّة انه نَادِر فَلَا يَشْمَلهُ النَّص كَذَا قيل وَالصَّحِيح مَا قَالَ بن الْهمام من ان الرّيح الْخَارِج من الذّكر اخْتِلَاج لَا ريح فَلَا ينْتَقض كَالرِّيحِ الْخَارِجَة من جِرَاحَة الْبَطن (مرقاة)
قَوْله حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا مَعْنَاهُ يعلم وَجوز أَحدهمَا وَلَا يشْتَرط السماع والشم بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَهَذَا الحَدِيث أصل من أصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة عَظِيمَة من قَوَاعِد الْفِقْه وَهِي ان الْأَشْيَاء يحكم ببقاءها على أُصُولهَا حَتَّى يتَيَقَّن خلاف ذَلِك وَلَا يضرّهُ الشَّك الطَّارِئ عَلَيْهَا فَمن ذَلِك مَسْأَلَة الْبَاب الَّتِي ورد فِيهِ الحَدِيث وَهِي أَن من تَيَقّن الطَّهَارَة وَلَا فرق بَين حُصُول هَذَا الشَّك فِي نفس الصَّلَاة وَحُصُول خَارج الصَّلَاة هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الجماهير من السّلف وَالْخلف واما إِذا تَيَقّن الْحَدث وَشك فِي الطَّهَارَة فَإِنَّهُ يلْزم الْوضُوء بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَمن مسَائِل الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة من شكّ فِي طَلَاق زَوجته أَو عتق عَبده أَو نَجَاسَة المَاء الطَّاهِر أَو طَهَارَة النَّجس ونجاسة الثَّوْب أَو الطَّعَام أَو غَيره أَو أَنه صلى ثَلَاث رَكْعَات أَو أَرْبعا أَو انه ركع وَسجد أم لَا وَأَنه نوى الصَّوْم وَالصَّلَاة وَهُوَ فِي اثناء هَذِه الْعِبَادَات وَمَا اشبه هَذِه الامثلة فَكل هَذَا الشكوك لَا تَأْثِير لَهَا وَالْأَصْل عدم هَذَا الْحَادِث نووي مُخْتَصرا
قَوْله
[٥١٧] إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ الخ الْقلَّة الجرة الْكَبِيرَة الَّتِي تسع فِيهَا مِائَتَيْنِ وَخمسين رطلا بالبغدادي فالقلتان خَمْسمِائَة رَطْل وَقيل سِتّمائَة رَطْل وَقدر الْقلَّتَيْنِ يُسمى كثيرا ودونهما يُسمى قَلِيلا وَقَالَ القَاضِي الْقلَّة الَّتِي يستقى بهَا لِأَن الْيَد تقلها وَقيل الْقلَّة مَا يستقله الْبَعِير كَذَا ذكره الطَّيِّبِيّ وَفِي رِوَايَة أَرْبَعِينَ قلَّة وَأَرْبَعين غربا أَي دلوا وَهِي وان لم تصح توقع الشُّبْهَة وَقَالَ الطَّحَاوِيّ من عُلَمَائِنَا خبر الْقلَّتَيْنِ صَحِيح وَإِسْنَاده ثَابت وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ لأَنا لَا نعلم مَا القلتان وَلِأَنَّهُ روى قُلَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا على الشَّك وَقَالَ بن الْهمام الحَدِيث ضَعِيف وَمن ضعفه الْحَافِظ بن عبد الْبر وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل بن أبي إِسْحَاق وَأَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ المالكيون انهى وَلَا يخفى ان الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل كَمَا فِي النخبة فَلَا يَدْفَعهُ لتصحيح بعض الْمُحدثين لَهُ مِمَّن ذكره بن حجر وَغَيره كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ صَاحب الْهِدَايَة ضعفه أَبُو دَاوُد وَقَالَ وَلنَا حَدِيث المستيقظ من مَنَامه وَقَوله ﵇ لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَلَا يغتسلن فِيهِ من الْجَنَابَة من غير فصل انْتهى
قَوْله
[٥١٩] وَلنَا مَا غبر طهُور بِفَتْح الطَّاء أَي مَا بَقِي طهُور وشراب لنا يَعْنِي ان الله قسم لَهَا فِي هَذِه المَاء مَا أخذت بطونها مِمَّا شربتها حَقّهَا الَّذِي لَهَا وَمَا فضلته فَهُوَ حَقنا قَالَ بن الْهمام يحمل هَذِه الْأَحَادِيث الى المَاء الْكثير أَو على مَا قبل تَحْرِيم لُحُوم السبَاع (مرقاة)
قَوْله
[٥٢٠] ان المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء أَي مَا لم يتَغَيَّر وَإِنَّمَا قيد بِهِ ليجتمع النُّصُوص الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب لِأَن فِي بَعْضهَا ورد الا مَا غلب على رِيحه وطعمه ولونه وَقَالَ الْقَارِي بِدَلِيل الْإِجْمَاع على نَجَاسَته التَّغَيُّر (فَخر)
1 / 39