أكان أجدر بي أن أصرح بالسعادة المزعومة؟ وعدت أقول: الوحدة يا درية، إنها شر ما يبتلى به الإنسان.
قلت ذلك بنبرة المجرب، ربما عن قصد، فقالت: لم أزر الحديقة منذ أيام الجامعة.
فقلت دون مبالاة بجملتها الاعتراضية: إني وحيد أيضا، وأعرف مذاق الوحدة.
بدت كالمحاصرة. ضايقني ذلك وزاد عواطفي تعقيدا والتواء. ورغم ذلك أوشك الفيضان أن يجرف السد. وعندما التقت عينانا خيل إلي أنها جفلت. وإذا بها تقول: يحزنني أنني أتريض على حين أنه .. هناك.
ولحظت وجومي فتساءلت: ما لك؟ - لا أكاد أتحرر من الإحساس بالذنب. - أخشى أن تجد في صحبتي مصدرا للعذاب. - كلا، ولكن ذلك الإحساس الجهنمي يتغذى على اليأس. - علينا أن نجد في اللقاء شيئا من العزاء. - واليأس يدفع للتهور، ولأن يداوي المريض الداء بالداء! - ماذا تعني؟ - أعني ...
ترددت قليلا ثم واصلت: أعني ... أن تعذري حماقتي لو قلت لك يوما تحت دفعة تيار جارف إني أحبك، كما أحببتك في زماننا الأول.
وأفقت من تهوري. أي حماقة، أي جنون، ما أبغي؟ كنت مندفعا وراء غاية محددة. كمن يلقي بنفسه في الماء ليطفئ ملابسه المشتعلة. وقالت بعتاب: منصور!
فتراجعت كمن تلقى لطمة شديدة، وقلت بخذلان: لا أدري ماذا قلت، ولا كيف قلته. ولكن ثقي من أنني لا يمكن أن أسعى للسعادة.
وقلت لنفسي وأنا أستقل الديزل: «في الرسائل يجد الإنسان شجاعة أكثر.» •••
استيقظت على ضوضاء وصخب .. أهو صوت يند عن الصراع الذي يتلاطم في باطني؟ كلا .. هناك صراع من نوع آخر في البنسيون. غادرت حجرتي فرأيت المنظر الأخير من معركة. أدركت من آثارها المطبوعة على الوجوه أن سرحان وامرأة غريبة وزهرة كانوا أبطالها أو ضحاياها. ولكن من المرأة؟ .. وما علاقة زهرة بالأمر كله؟
Halaman tidak diketahui