وهو دائن بالسؤال عن جميع ما يلزمه في جملة دين الله، عمل بما يفتي به على غير قصد منه إلى ركوب الباطل؛ إلا لسبب الفتيا - وأظن أنه عسي أن يكون كذلك - وهو معتقد للسؤال عما يلزمه؛ فلا أقول: إنه هالك، وإن حسن في عقله خلاف ما يفتي به، وهو إلى الحق أقرب، إلا أنه باطل في الأصل فليس له أن يعمل بالباطل على حال من حجة عقل، ولا قول معين.
فصل:
وسئل محبوب(1): هل بين المسلمين اختلاف في الحلال والحرام ؟ فقال:- أما كل ما جاء في كتاب الله - تحليله - أو تحريمه - فليس بينهم فيه اختلاف، واختلفوا في أشياء: فقال بعضهم قولا، وقال آخرون غير قولهم، وهم يتولى بعضهم بعضا، ولا يخطئ بعضهم بعضا؛ وذلك ما يجوز فيه الاختلاف.
وكل منهم يتعلق بأصل يبني عليه، وينتهي إليه، فمن عرف تأويل الأقاويل، وتمييزها، وأحسنها، وأعد لها كان عليه التحري في ذلك من نفسه إذا بلغت إليه معرفته، وأحب استعمالها، أو استعمل شيئا منها.
وإن لم بين له ذلك منها - شاور من بحضرته، ومن قدر عليه من أهل العلم من أهل دعوته في ذلك؛ حتى يدخل بعلم وبيان.
فإن عدم ذلك من المعبرين له ممن يأمنه على عبارة ذلك؛ فعمل به إلى أن يتبين له غير ذلك، فعلي هذا يكن حاله إن شاء الله.
فمتي ما لقي من هو أعلم منه بعبارة ذلك وتفسيره، وفسر له ذلك، وبان له عدل ما فسر رجع إلى ما فسر له مما قد بان له صوابه، من غير تخطئة منه لنفسه، أو من قد عمل بقوله.
Halaman 89