وقال أبو الحسن (رحمه الله): من طلب العلم لله لم يجز منه بابا؛ إلا زاد في نفسه تواضعا وذلا ولله خوفا، وفي الدين اجتهادا ورغبة، ومن طلبه للدنيا، والحظوة عند الناس؛ لم يجز منه بابا إلا زاد في نفسه تكبرا، وعن طاعة الله توانيا، وعلى العباد استطالة؛ فليمسك عن هذا، ويذكر حجة الله عليه.
والقول في العلم والعلماء- أكثر من هذا؛ ولكن العلم في زماننا هذا قد عفت آثاره، ودرست سبله، ولم يبق منه إلا الاسم، وبقايا كبقايا الرسم، وصار أعلم أهل زماننا ينسب نفسه إلى جملة المقصرين، ولا يعد نفسه إلى عداد المبصرين، والجاهل نري أنه أعرف العارفين، وأعلم من العلماء السالفين، لجهلهم أنفسهم رغبوا عن امتثال أمر ربهم، ولم يعرفوا الجهل من العلم، ولا الجاهل من العالم، وأقبلوا على جمع الأموال من حرام وحلال؛ كأنهم بذلك تعبدوا، وإليه ندبوا، وأعرضوا عما جاء به القرآن، وضمن لهم به الرحمن، فصار العلم أغرب الغرباء، وأهل الفضل مع أهل زماننا في أشد الازدراء؛ فالله تعالي المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عليه توكلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير؛ نعم المولي، ونعم النصير.
فصل:
فإذا صار الإنسان بحد من يعقل؛ فينبغي له أولا: أن يتعلم الطهارة، لمخالطة الطاهرين من البالغين؛ فإذا عقلها، وعقل الاعتقاد لها؛ فينبغي لأبويه أو لمن يقوم بتربيته - أن يدفعه إلى المعلم ليتعلم في صغره الحروف، ونسقها، ونسق كتابتها، ومعرفة ما ينقط منها، معرفة إعراب الكلام من: فتح، وكسر، وضم، وتسكين ومعرفة النون من غير النون من الحروف.
ثم معرفة الأيام ونسقها، وهي: سبع: الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة، والسبت.
ثم يتعلم عدد الشهور القمرية: محرم، وصفر، وربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولي، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة.
Halaman 39