وإن ورد عليه شيء؛ قد اختلفت فيه الرواية عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، وروي ذلك الثقات من المسلمين - فينبغي له أن يجتهد رأيه فيما روي؛ فينظر أشبه ذلك بالحق، وأحسنه، ويفتي به.
وإن ورد عليه شيء لم يبلغه فيه شيء عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، وجاء فيه عن أصحاب النبي(- صلى الله عليه وسلم -)، وأجمع عليه الثقات من بعدهم فينبغي أن يفتي به.
وإن ورد عليه شيء لم يبلغه فيه حديث عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، وقد اختلف فيه؛ فينبغي له أن يجتهد رأيه، وينظر أي أقاويلهم أشبه عنده بالحق الواضح، يفتي به.
وإن ورد عليه شيء لم يطلبه منه شيء عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، لا عن أصحابه، وقد أجمع عليه التابعون؛ فبلغه ذلك عن ثقاتهم - فليسلم لهم ما قالوا، ويفتي بقولهم، ولا ينبغي له أن يفتي بغيره.
ومن طلب الفقه، والعلم، وضحت فيهما نيته - كان أفضل من العبادة، وجميع أعمال البر.
وينبغي للذي يبتلي في أمر دينه: في حلال، أو حرام - أن يسأل أفقه من يقدر عليه من أهل المصر الذي هو فيه؛ فإن أفتاه بقول، والمستفتي جاهل بالعلم أخذ بقوله.
وإن كان في المصر فقيهان كلاهما يؤخذ عنهما، فاستفتاهما فيما ابتلي به، واتفقا - أخذ بقولهما، وإن اختلفا - نظر إيهما يقع قوله في قلبه: أنه أصوبهما وسعه أن يأخذ به.
وإن كانوا ثلاثة فقهاء في مصر من الأمصار؛ بعضهم قريب من بعض في الفقه، فأنفقوا في الفتيا - أخذ بقولهم، وإن اختلفوا، فاتفق اثنان منهم على أمر، وخالفهم الثالث - أخذ بقول الاثنين، ولم يمنعه أن يتعدي إلى قول الثالث، ولا قول نفسه، وإن اختلفوا، فأفتاه كل واحد بقول، ولم يتفق اثنان منهم - اجتهد هو رأيه فيما أفتوه به، فأيهم كان أصوب عنده قولا - أخذ به، ولم يكن له أن يترك ما قالوا، ويعمل هو بغير ذلك.
Halaman 103