============================================================
19 1 ربع العبادات (حتاب العله على محمد بن مقاتل قاضي الري توسعه في المباحات، وقد ذكرث حكايته معه في لاتلبيس إبليس" وبينث أن طلب العامي من الفقيه أن يكون معرضأ عن المباحات جهل من العامي، وظن أن المباح مذموم، وهذا فساد تلمح، فإن الله تعالى لا يبيح ما يذم فاعله. إلا أنا قد بينا أن الأولى بالعالم رفض كل ما يستغنى عنه من المباحات لئلا يستكثر منها من لم يعرف كيفية استعمال العالم لها؛ لأن العالم كالطبيب وإذا خلط لم يقبل قوله، وإن كان تخليطه بعلم. على أن الاستكثار من المباحات يوجب الأنس بها ولا تكاد ثنال إلا بشبهات.
فقد بان لك بما ذكرنا غلط من يذم المباحات مطلقا من العوام وجهال الژهاد، وكل ذلك لقلة العلم حتى أن خلقا من المتزهدين دفنوا كتب العلم، وقالوا: المقصود العمل. وقد بينا فيما تقدم أن العلم أفضل الأعمال؛ لأنه يحصل بالقلب بخلاف الأعمال التي تحصل بالبدن، ونشره مع صحة النية أفضل من كل نافلة، وقد حصل لهم في دفن الكتب محن منها: إطفاء مصباح الطريق، وهو العلم، فإنه نور السالك. ومنها: إفساد المال، وذلك حرام. ومنها: محو الشرع، فإن العلماء تعبوا في جمع الأحاديث وتصنيفها، فمن دفنها فقد محاها وضاد المقصود من قوله: "بلغوا عني"(1) وقوله: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها(2).
وفيهم من احتج بأني اشتهي أن أحدث، فأنا أمنع نفسي شهوتها. وهذه حيلة من إيليس ليمنع تشر العلم، فإن فرح النفس بالإمارة لا يمكن دفعه، والإمارة فضيلة، وكذلك الإمامة، وكذلك الالتذاذ بالجماع الذي يطلب منه الولد، فميل النفس إلى هذه الأشياء معين على تحصيلها ولا يمكن محو أثره من النفس، فمن تخايل له أنه يمكن أن يجامع ولا يلتذ، أو يحدث ولا يفرح بالرئاسة، فقد تخايل (1) أخرجه البخاري (3461)، وأحمد (2486)، والترمذي (2669)، وعبد الرزاق (10157) و(19210)، وابن آبي شيبة 760/8 من حديث عمرو بن العاص (2) أخرجه أحمد (12738)، والدارمي 74/1 - 75، وابن ماجه (231)، والطبراني في الكبير (1541)، والحاكم 87/1، وقال محققو المسند: صحيح لغيره.
Halaman 69