Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genre-genre
أما الأصل الأول وهو أنه حصل كذلك مع الجواز فهو معلوم ضرورة في ما يشاهده من الأجسام، وفي ما غاب عنا بجامع التحيز الذي هو مصحح لذلك، ولكنا نذكر الدليل استظهارا فنقول: لو حصل في تلك الجهة مع الوجوب لاستحال خروجه عنها ولوجب مشاركة جميع الأجسام في ذلك، لأن حصوله فيها يكون لأمر يرجع إلى ذاته، ولزم أن يحصل هو في جميع الجهات، إذ لا مخصص لبعضها، ولتأتي من بعض القادرين تحريك جبل بان يصادف وقت وجوب احتراكه وتعذر عليه تحريك ريشة بأن يصادف وقت وجوب سكونها، وكله محال.
وأما الأصل الثاني وهو أن الحال واحدة والشرط واحد، فنريد بالحال هنا ما تصح الصفة المعنوية وبعضها إذا كان لها نقيض، وهو ها هنا التحيز، فإنه المصحح لكونه مجتمعا، ولكونه مفترقا، وهو في غير هذا المكان كونه حيا، فإنه المصحح لجيمع صفات الجمل ونريد بالشرط ها هنا ما كان مصححا لهذه الحال كالبنية بالنسبة إلى حال صفات الجمل أو شرطا في صحة هذه الحال كالوجود بالنسبة إلى التحيز أو شرطا في كونها حالا بهذا المعنى كبنية القلب بالنسبة إلى كونه حيا في تصحيحها لكونه عالما أو مريدا أو كارها ونحو ذلك، فإن كونه حيا لا يكون حالا لهذه الصفات إلا إذا حصلت البنية. وإذا عرفت معنى الحال والشرط فالحال في هذه المسألة هو التحيز؛ لأنها التي تصحح صفات المحال من كونه محتركا وساكنا ومجتمعا ومفترقا، والشرط هو الوجود، فإن التحيز لا يصح إلا بالوجود.
ومعنى كون الحال واحدا والشرط واحدا أنهما مستمران حال ثبوت الواحدة من هذه الصفات، وحال انتفائها، وحال ثبوت ضدها، فنعلم بذلك أنه لا تأثير لهما في هذه الصفات، وإنما لهما حط التصحيح فقط؛ لأنهما مع الجميع على سواء.
وأما الأصل الثالث وهو أنه لا بد من أمر فقد قيل: يعلم ذلك ضرورة، فإنه لا بد بالضرورة من أمر يخصص أحد الجائزين بالوقوع دون الآخر.
Halaman 78