315

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genre-genre

Ilmu Al-Quran

والجواب: إنها معارضة بقوله: {ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب}. وبعد فلا بد من ترك ظاهرها؛ لأنه متناقض حيث قال تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك}، فكأنه قال: الكل من عند الله والبعض ليس من عنده. وبعد فليس المراد بالحسنة والسيئة الطاعة والمعصية؛ لأن الإصابة لا تقال في فعل الإنسان، وإنما تقال فيما يناله من فعل غيره، فيقال: إصابته نعمة أو نقمة، ولا يقال إصابة صلاة أو زنا. وبعد، فالله تعالى حكى الكلام عن الكفار، ومعلوم من أنهم لم يريدوا الطاعة والمعصية؛ لأنه لم يكن أحد منهم إذا زنا أو شرب الخمر يقول هذا من محمد، وكيف وهو حسن عنده، وكذلك لم يكونوا يطيعون فضلا عن أن يضيفوا تلك الطاعة إلى الله تعالى. وإذا ثبت هذا فالمراد بالحسنة النعمة والرخاء، وبالسيئة الشدة والمحنة، بالقحط والأمراض والنقص ويصير كقوله: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}. وقال: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبك سيئة يفرحوا بها، وقال تعالى: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا}، وهذا كان حال الكفار مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتطيرون به إذا أصابهم ما يكرهون، فبين الله أن الكل من عنده، وإنما سماه سيئة على جهة المجاز تشبيها للشيء بما يقابله كما قال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}، وقال: {ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها}. ومنها قوله: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء}، فتبين أنه الباعث على القتال بالبغضاء، ولا بد أن يكون الحق مع أحد الفريقين.

والجواب: أنه لا فرج لكم في ذلك؛ لأنه لم يقل أن تلك المعاداة معصية وجائز أن يكون الله تعالى أمر اليهود أن تعادي النصارى لأجل التثليث وغير ذلك من أنواع الكفر والمعاصي، وأمر النصارى بمعاداة اليهود لأجل تكذيب عيسى وغيره من الأنبياء، فتكون المعاداة طاعة في الطرفين.

Halaman 321