244

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genre-genre

Ilmu Al-Quran

وأما ألزام المجبرة فقد ألزمهم أصحابنا مذهب المجوس وسيأتي إن شاء الله في بيان من القدرية وألزموهم أيضا مذهب النصارى حيث أثبتوا قدماء مع الله تعالى وسموها صفات، فإن هذا مذهب جمهور النصارى في الأقانيم، حيثوكذلك إذا لم تكن المعاني أغيارا لله كانت هي هو، وذلك هو مذهب النصارى في الأقانيم أيضا، وكذلك قولهم: ليست بمستقلة مع القول بأنها معاني كقول النصارى في الأقانيم، فإن عندهم أنها لا تستقل بنفسها، ولا يصح انفراد بعضها عن بعض.

وكذلك تسميتهم للمعاني علما وحياة، وهو مذهب جمهور النصارى في الأقانيم.

يزيده وضوحا أنه لم يقل أحد من الناس أن لله ثانيا يشاركه في جميع الصفات، وإنما يقولون بالمشاركة في كونهما واجبي الوجود والمجبرة إما أن يجعلوا هذه المعاني جائزة الوجود فيلزم حدوثها؛ لأن هذا هو دليلهم على حدوث العالم، وإما أن يجعلوها واجبة الوجود من ذاتها، وهو نفس مذهب الثنوية، وأما أن يجعلوها واجبة الوجود من غيرها، وهو نفس مذهب الفلاسفة في العقول والأفلاك، وقدم العالم، ومتى قيل أن الثنوية اعتقدوا استحقاق الثاني للعبادة.

قلنا: ليس كذلك، فإن المجوس لا يعبدون أهرمن وكذلك سائر الثنوية لا يعبدون الظلمة، وكذلك الفلاسفة لا يقولون باستحقاق العقول والأفلاك للعبادة، وإنما عتب عليهم القول بقدمها، على أن المجبرة متى لم يعترفوا بأن هذه المعاني أعيان لله تعالى لزمهم أن تكون هي هو، فتكون مستحقة للعبادة. وبعد فلم يذمهم الله على مجرد القول باستحقاق العبادة، ألا ترى إلى قوله تعالى: {قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني} فبين أن هذه المقالة تقتضي جواز الحاجة عليه وهذا لازم للمجبرة كما سلف.

Halaman 248