Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genre-genre
وقلنا: ولا يثبت إلا كذلك احترازا من كونه كائنا، فإنها تستدعي بمجردها ثبوت حكم وهو أنه لا بد أن يكون بين الجوهر المختص بها وبين ما يماثله بون ومسافة أو لا يكون لكنها قد ثبتت من دون هذا الحكم بأن تقدر أن الله تعالى لم يخلق إلا جوهرا واحدا بخلاف الصفات المتعلقة، فإنها لا تثبت إلا متعلقة، وإن كان بعضها يصح أن يوجد في نوعه ما لا يتعلق ككونه معتقدا وكونه مريدا ونحو ذلك، لكن المتعلق منها لا يثبت إلا متعلقا، وهذا الاحتراز أحسن من قول أصحابنا، وإن كانت مخالفة؛ لأن للقائل أن يقول: معنى قولكم وإن كانت مخالفة هو أن هذا الحكم يثبت ببينها وبين ذات أخرى سواء كانت تلك الذات الأخرى مماثلة أو مخالفة، فلا يندفع لاعتراض بالكائنية، ويلزم كونها متعلقة؛ لأن ظاهر كلامهم يصدق معه أن تكون الصفة /79/ متعلقة وإن استدعت الحكم بين ما اختص بها وبين ما يماثله.
يوضحه: أن كون أحدنا عالما صفة متعلقة، وإن علم أحدنا ما يماثله فثبوت حكم الكائنية بين الجوهرين كثبوت حكم العالمية بين أحدنا وبين ما يماثله، وقد حصل من هذا أن جميع صفات الباري كلها تتعلق إلا الصفة الأخص، وكونه موجودا وحيا. وأما صفات الجسم فما كان منها راجعا إلى الآحاد فكلها لا تتعلق إلا التحيز، فإنه يتعلق باعتبار احتماله للعرض، وما كان راجعا إلى الجملة فكله تتعلق إلا كونه حيا.
تنبيه
والصفات المتعلقة تنقسم، فمنها ما لا يوجد في نوعه إلا ما يتعلق، وهي أربع، كونه قادرا ومدركا ومشتهيا ونافرا، فهذه لا توجد في نوعها شيء غير متعلق بمعنى أنه لا يثبت القادرية إلا وهناك مقدور محققا، وكذلك سائر الأربع، ومنها ما يوجد في نوعه ما لا يتعلق، وهي خمس، كونه معتقدا ومريدا وكارها وظانا وناظرا، فكل هذه تصح أن لا يكون لها متعلق حقيقي، نحو أن يعتقد البقاء أو يريده وهو ليس بمعنى.
Halaman 122