============================================================
قطعا.. فأنت آمل، وإن قيدت إرادتك بشرط الصلاح.. خرجت عن حكم الأمل، ووصفت بقصر الأمل من حيث تركت الحكم فيه ، فعليك بترك الحكم في ذكر البقاء وإرادته.
والمراد بالذكر : ذكر القلب ، ثم المراد منه : التوطين على ذلك ، والتثبيث للقلب عليه، فافهمه راشدا إن شاء الله تعالى.
ثم الأمل ضربان : أمل العامة ، وأمل الخاصة.
فأمل العامة : أن تريد الحياة والبقاء لجمع الدنيا والتمئع بها، وهلذه معصية محضة، وضدها قصر الأمل ، قال الله تعالى : { ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون وأمل الخاصة : أن تريد البقاء لإتمام عمل خير فيه خطر، وهو ما لا يستيقن الصلاح له فيه؛ فإنه ربما يكون خير معين لا يكون للعبد فيه أو في إتمامه صلاح؛ بأن يقع بسببه في آفة لا يقوم بها هذا الخير: فإذن ليس للعبد إذا ابتدأ في صلاة أو صوم أو غيره أن يحكم بأنه يتيه؛ إذ هو غيث، ولا أن يقصد ذلك قطعا ؛ لأنه ربما لا يكون له فيه صلاح ، بل يقيد ذلك بالاستثناء أو شرط الصلاح ، فيخلص من عيب الأمل ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ولا نقولن لشأتىء إنى فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله) وضد هلذا الأمل - فيما قاله العلماء - النية المحمودة، وإنما قالوا ذلك على ضرب من الاتساع ؛ لأن الناوي بالنية المحمودة يكون ممتنعا من الأمل.
فهذا حكم الأمل والنية المحمودة؛ إذ قد مست الحاجة إلى معرفتها مع أنها الأصل الأصيل، قال علماؤنا رحمهم الله تعالى في حدها الجامع التام : إن النية الصحيحة المحمودة : إرادة أخذ عمل مبتدأ به قبل سائر الأعمال بالحكم، مع ارادة إتمامه بالتفويض والاستثناء: فإن قيل : فلم جاز الحكم في الابتداء ، ووجب التفويض والاستثناء في الإتمام؟
Halaman 125