============================================================
"اللهم؛ بارك لنا فيه، وزذنا منه " ، وفي غيره يقول : " وزدنا خيرا منه "(1) ، وفي موضع من الموضعين لم يدل على أنه غير راضي بما قدر الله تعالى له من ذلك فإن قلت : فلم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الاستثناء وشرط الخير والصلاح.
فاعلم : أن هلذه الأمور إنما تكون بالقلب ، وأن ما يقال باللسان عبارةآ عن ذلك، فلا معتبر بترك عبارته مع حصوله بالقلب، فاعلم ذلك موقنا العارض الوابع : الشدائد والمصائب ، وإنما كفايثها بالصبر عليها، فعليك بالصبر في المواطن كلها ، وإنما ذلك لأمرين : أحذهما: للوصول إلى العبادة وحصول المقصود منها؛ فإن مبنى أمر العبادة كلها على الصبر وأحتمال المشقات، فمن لم يكن صبورا.. لم يصل إلى شيء منها بالحقيقة ، وذلك أن من قصد عبادة الله تعالى وتجرد لها. أستقبلئه شدائد ومحن ومصاتآب من وجوه : أحدها : أنه لا عبادة إلأ وفي نفسها مشقة ، ولذلك كان كل هلذا الترغيب فيه ووغد الثواب عليه؛ إذ لا يتأتى فعل العبادة إلا بقمع الهوى وقهر النفس؛ إذ هي زاجرة عن الخير، ومخالفة الهوى وقهر النفس من أشد الأمور على الإنسان.
وثانيها : أن العبد إذا فعل الخير مع المشقة . . لزمه الاحتياط له حتى لا يفسد عليه، والابقاء على العمل أشد من العمل: وثالثها : أن الدار دار محنة ، فمن كان فيها. . لا بد له من الابتلاء بشدائدها ومصائبها، وذلك أقسام: فمنها المصيبة في الأهل والقرابات والإخوان والأصحاب بالموت والفقد والفراق ، وفي النفس بأنواع الأمراض والأوجاع،
Halaman 176