============================================================
وهلذا كما أن الطبيب الحاذق الناصح يختار للمريض ماء الشعير وإن كان ماء الشكر أفضل وأنفس؛ لما علم أن صلاح علته في ماء الشعير ، والمقصود للعبد النجاة من الهلاك ، لا الفضل والشرف مع الفساد والهلاك: فإن قيل : هل يكون المفؤض مختارا؟
فاعلم : أن الصحيح عند علمائنا أنه يكون مختارا ولا يقدح في تفويضه، وذلك أن المعنى فيه إذا كان له صلاح في المفضول والأفضل.. فهو يريد من آلله تعالى أن يسبب له الأفضل ، كما أن المريض يقول للطبيب : أجعل دوائي ماء الشكر دون ماء الشعير إذا كان لي صلاح في كليهما؛ ليحصل لي الفضل والصلاح جميعا، فكذلك العبذ إذا سأل الله تعالى أن يجعل صلاحه فيما هو الأفضل ويسبب له ذلك ليجمع له الفضل والصلاح جميعا، وللكن بشرط أنه إن أختار الله تعالى له الصلاح في غير الأفضل أن يكون راضيا بذلك: فإن قيل : فلماذا كان للعبد أن يختار الأفضل وليس له أن يختار الأصلح ؟
فاعلم : أن الفرق بينهما : أن العبد يعرف الأفضل من المفضول ولا يعرف الصلاح من الفساد ليريده بالحكم ، ثم معنى أختياره الأفضل : أن يريد من الله تعالى أن يجعل صلاحه فيما هو الأفضل، ويختار له ذلك ويقدره، لا أن للعبد تحكمأ في شيء من ذلك، فاعلمه.
فهلذه جملة من دقيق هلذا العلم وأسراره ، ولولا أن الحاجة مست إليه..
لما تعرضنا لإيراده؛ لأنه يلاطم بحار علوم المكاشفة ، مع أني اقتصرتث على النكت المقنعة في هذذا الكتاب، وقصدت الإيضاح لينتفع به فحول العلماء والمبتدثون إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق.
العارض الثالث : القضاء وورود أنواعه، وإنما كفايثه في الرضا به، فعليك أن ترضى بقضاء الله عز وجل، وذلك لأمرين : أحذهما: التفرغ للعبادة؛ لأنك إذا لم ترض بقضاء الله عز وجل.. تكون مهموما مشغول القلب أبدا بأنه لم كان كذا؟ ولم لا يكون كذا ؟
13
Halaman 173