وإن أعطاك وأحسن إليك؛ فإن الله_ سبحانه وتعالى_ بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله، فيكون الحب له ولأوليائه، والبغض لأعدائه، والإكرام لأوليائه، والإهانة لأعدائه، والثواب لأوليائه، والعقاب لأعدائه، فإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وبر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة: استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبا الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويعطي ما يكفيه من بيت المال لحاجته.
هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه، فلم يجعلوا الناس إلا مستحقا للثواب فقط، أو مستحقا للعقاب فقط. وأهل السنة يقولون: إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر من يعذبه، ثم يخرجهم منها بشفاعة من يأذن له في الشفاعة وبفضله ورحمته، كما استفاضت بذلك السنة عن رسول الله ﷺ والله أعلم. انتهى.
وقال _رحمه الله_ في موضع آخر: ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد يكون له حسنات وسيئات فيحمد ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه آخر، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم كما بسط هذا في موضعه والله أعلم. انتهى.
1 / 22