============================================================
من صفات الذات، فإنك لو نفيت الحياة يلزم الموت، ولو تفيت القدرة يلزم العجز، وكذا العلم مع الجهل. وما لا يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الفعل، فلو نفيت الإحياء أو الإماتة أو الخلق أو الرزق لم يلزم منه نقيضه، فعلى هذا الحد لو نفيت الإرادة لزم منه الجبر والاضطرار، ولو نفيت عنه الكلام لزم الخرس والسكوت، فثبت أنهما من صفات الذات.
وعندنا أن كل ما وصف به ولا يجوز آن يوصف بضده فهو من صفات الذات، كالقدرة والعلم والعزة والعظمة؛ وكل ما يجوز آن يوصف به وبضده فهو من صفات الفعل كالرأفة والرحمة والسخط والغضب.
ثم شبهة الأشاعرة والمعتزلة في ذلك أن التكوين لو كان أزليا لتعلق ال بوجود المكؤن به في الأزل، ولو تعلق بوجوده في الأزل لوجب وجود المكؤن في الأزل، لأن القول بالتكوين ولا مكؤن كالقول بالضرب ولا مضروب وأنه محال، فلا بد أن يكون التكوين حادثا.
والجواب: أن التكوين إن حدث بالتكوين فهو تكوين محتاج إلى تكوين فيؤدي إلى التسلسل وهو باطل، أو ينتهي إلى تكوين قديم وهو الذي ندعيه، أو لا بتكوين أحد ففيه تعطيل الصانع.
والحاصل أنا نقول: التكوين قديم والمتعلق به هو المكؤن وهو حادث، كما أن العلم قديم وبعض المعلومات حادث، على أن التكوين في الأزل لم يكن ليكون العالم به في الأزل بل ليكون وقت وجوده، فتكوينه باق أبدا، فيتعلق وجود كل موجود بتكوينه الأزلي بخلاف الضرب
Halaman 85