============================================================
وكيفية وقوعه هنالك؛ على آن أمور الإسلام في تكاليف الأحكام كانت تدريجية من الأهون إلى الأصعب لا بالعكس، ولذا كان التكليف أولا بالتوحيد، ثم زيد الصلاة والزكاة ونحوهما كما هو مقتضى حكمة الحكيم المجيد.
ثم من فروع هذا الأصل ما ذكره حجة الإسلام حيث قال: يجوز لله أن يكلف عباده ما لا يطيقونه خلافا للمعتزلة إذ لو لم يجز لاستحال سؤال دفعه، وقد سألوا ذلك فقالوا: ربنا ولا تححلنا ما لا طاقة لنا يو) [البقرة: 286]، ولأنه سبحانه أخبر أن أبا جهل لا يصدقه عليه الصلاة ال والسلام ثم أمره أن يصدق بجميع أقواله عليه الصلاة والسلام ومن جملتها أنه لا يصدقه عليه الصلاة والسلام، فكيف يصدقه عليه الصلاة والسلام في أنه لا يصدقه؟ هذا محال. انتهى. وذكره غيره إلا أنه قال أبو لهب بدل ابي جهل وهو آنسب.
قال ابن الهمام: ولا يخفى أن الدليل الأول ليس في محل النزاع، وهو التكليف؛ إذ عند القائلين بامتناعه يجوز آن يحمله جبلا فيموت. وأما عند المعتزلة فبناء على جواز آنواع الإيلام بقصد العوض وجوبا. وأما عند الحنفية المانعين منه أيضا فتفضلا بحكم وعده على المصائب، ولا يجوز أن يكلفه أن يحمل جبلا بحيث إذا لم يفعل يعاقب، أي وجوزه الأشاعرة كما قال الله تعالى: { لا يكلف الله تفسا إلا وسعها) [البقرة: 286]، وعن هذا النص ذهب المحققون ممن جوزه عقلا من الأشاعرة إلى امتناعه سمعا وان جاز عقلا، أي والا لزم وقوع خلاف خبره سبحانه.
Halaman 311